أعمدة ضاد24

عندما يكون للخطأ مهمة للتعلم :

رضوان قصور: دكتوراه في ديداكتيك الرياضيات

يوصي اسكينر Skinner  بتنظيم التعليم، بحيث نقلص من ظهور الأخطاء، بالنسبة له كل سلوك، سواء كان نفسي-حركي أو معرفي، يمكن اكتسابه بشكل فعال بحيث يتجنب المتعلم ارتكاب الأخطاء، بالإضافة إلى ذلك يعتبر كل درس فعال، يجب على المتعلم أن يقوم بأقل من عشرة في المائة من الأخطاء.

يقول “غي بروسو” Brousseau Guy  “على ما يبدو أن المعلم ينتظر الإجابة الصحيحة من جميع المتعلمين بأي ثمن كان، في حين أنه لا يمكنه الإجابة بشكل مباشر (…) و هذا الجواب الذي ينطوي تحته فشل على شكل “ترميز” متفق عليه أو معلوم لدى المتعلم، و هذا يسمح له بالإجابة بدون جعل المعرفة المنتظرة للتنفيذ، و لكن الكل يريد أن يحفظ ماء وجهه”.

الخطأ و الفشل: مفهومان متناقضان

لا ينبغي أن يكون الخطأ مرادفا للفشل، لكنه “دال على النجاح” و اكتساب المعرفة، غالبا ما يقصي الخطأ المتعلم، بنقطة موجبة للحكم عليه بالفشل، و تكون في بعض الأحيان غير مشجعة للمتعلم بإتمام صيرورة التعلم، عوض أن تكون أساسا للتعلم و منها يعيد المتعلم قياس مدى حجم استيعابه للمعرفة المنقولة له و بنائها بشكل صحيح كي يستوعبها و يمتلكها.

طوماس أديسون كما هو معروف عنه قضى اثني عشر أسبوعا بالمدرسة العمومية بولاية ميشيغان، و كان طفلا مفرط النشاط و قليل الانتباه و التركيز، مما جعل أمه تتكفل بدراسته في البيت، فبالنسبة لمعلمه فإن طوماس أديسون بليد و فاشل دراسيا و لا يمكنه مسايرة الدراسة مع أقرانه، لكن بفضل متابعته للدروس المنزلية، أبان عن رغبة جامحة في اكتساب المعرفة و قراءة الكتب و الاطلاع على شتى المواضيع و العلوم. هذا العالم الذي أنار العالم بمقولته الخالدة: ” أنا لم أفشل، بل وجدت عشرة آلاف طريقة لا يمكن للمصباح العمل بها”، و بالتالي اعتبر الفشل أو الخطأ، صوابا لطريقة لأمر آخر غير العمل الذي كان بصدده.

التغذية الراجعة:  الخطأ ضرورة لإعادة بناء المعرفة و تنظيمها من جديد.

عندما يطرح المعلم سؤالا شفهيا أو كتابيا، فإن الخطأ الذي يقوم به المتعلم يكون بمثابة تغذية راجعة للمعلم، فعن طريق الخطأ يقوم المعلم بتقويم التعلمات التي وصلت للمتعلم، بتصحيح التمثلات التي أصبح المتعلم يمتلكها و هي خاطئة، فتجعل من المعلم إعادة بناء المفهوم، و انتقال المعرفة، من جديد بحيث يقوم بهدم تلك التمثلات الخاطئة و يبني على أثرها معارف صحيحة، و بالتالي تكون للمعلم فرصة لإعادة تقديم الدرس و إغنائه بوسائل و عدة ديداكتيكية جديدة من شأنها تبسيط و انتقال المعرفة من جديد.

ولهذا يجب اعتبار الخطأ كمرحلة للتعليم و التعلم ضرورية و مصدر لتصحيح و إعادة تنظيم العملية التعليمية-التعلمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى