إلى جانب زميلىي جلال كندالي كان لي شرف دباجة سلسلة حوارية من 30 حلقة مع صديقي الفنان الكبير المرحوم مصطفى سلمات في صيف 2003 ، ارتايت أن أشاطركم جوانب منها كما كتبت قبل 17 سنة وفاء لعطائه الفني وأيضا للاطلاع على جزء من مسار المسرح المغربي والكاريزما التي كان يتمتع بها الفنان..
الخوف الذي قادني إلى الأعمال الكبرى!!
العربي رياض
حازت مسرحية “ثمن الحرية” لفرقة العروبة، الجائزة الأولى في المغرب، وفي نفس السنة أيضا، قدمنا مسرحية الناعورة لأحمد الطيب لعلج، حيث عرضناها في المسرح البلدي
وفي هذه المسرحية، انتبه الى أدائي من خلال الدور الذي كان موكولا إليّ، الطيب الصديقي، خاصة وأنني كنت أجمع ما بين التمثيل والرقص والغناء• لقد كان الدور، فعلا، غريبا شيئا ما• ورغم أن هذا الدور الصغير “الحنفي فلكلور في الناعورة” لم أكن مقتنعا به في البداية، إلا أنه كان مناسبة لتفجير طاقاتي الإبداعية، مما حدا بالطيب الصديقي الى دعوتي للمشاركة معه في عمل ضخم “ملحمة المغرب واحد”• هذا العمل الكبير شارك فيه 350 ممثلا، إضافة إلى الخيالة والجنود، وأقيم هذا العرض في ملعب “الثيران” الذي كان يتواجد آنذاك بشارع أنفا، والذي تحول الآن إلى حديقة
مازلت أتذكر أنه بعد التحاقي للمشاركة في هذه الملحمة، وجدت نفسي وسط ممثلين كبار مثل مصطفى الشتيوي، أحمد الناجي، عبد القادر مطاع، صلاح الدين بنموسى، نعيمة المشرقي، الشعيبية العذراوي• وقد كلفني في البداية الطيب الصديقي بتدوين ما يقارب دفترا من فئة 50 ورقة، كانت عبارة عن مجموعة من الأدوار في هذه الملحمة، وكان الأمر يتعلق براوٍ واحد يحكي عن تاريخ المغرب منذ الأدارسة الى فترة العلويين، وكمبتدىء آنذاك، تفاجأت بأقطاب المسرح المغربي، كما أشرت سيشاركون في هذا العمل مثل عبد الرزاق حكم، العربي الدغمي، عبد القادر البدوي، محمد العلوي، فاطمة الركراكي، مليكة العمري، أحمد العمري، عبد الصمد دينيا، حبيبة المذكوري، إلى جانب أسماء أخرى كما تمت الإشارة إليها من قبل
طبعا بدأت القراءة الأولية لهذا العمل، وشرعنا في التمرين، بعد مرور ثلاثة أيام، تم استقدام الجنود وما إلى ذلك، فتحول الملعب الى شبه مدينة، كانت الدهشة كبيرة بالنسبة إليّ، خصوصا وأنني لأول مرة أمثل الى جانب هؤلاء العمالقة من المسرحيين، إضافة الى أن العمل كان ضخما بكل المقاييس
في الفترة التي كنا نتهيأ فيها لتقديم هذه “الملحمة”، مرضت ثلاثة أيام، وفي اليوم الذي حضرت فيه، تزامن مع الاختبارات التي كان يقوم بها الطيب الصديقي للممثلين حول أدوارهم من حيث الحفظ، وكان يضطر الى إقصاء كل ممثل من الملحمة، في حالة إذا ما تبين أنه لم يقم بعملية الحفظ، في تلك اللحظة انتابني شعور بالخوف، فقصدت الطيب الصديقي وأعطيته النص الذي سبق أن كتبته في إشارة مني أنني الآخر لم أتمكن من حفظ هذا الدور• لكن الطيب الصديقي كان طيبا وخاطبني بالحرف قائلا: “مالك أنت”، فأجبته أنني لم أتمكن من حفظ هذا الدور، فرد علي: “واش أنا أحمق، حتى أعطيك كل هذا الدور، أوليدي هاذ الدور غادي يتفرق على 8 ديال الناس”• إن ما قمت به هو من أجل اختبارك، لأعرف أي دور سيمكن تكليفك به• وبالفعل تكلفت بدور لا يتعدى “ثلاث صفحات”
أتذكر أن محمد الدمراوي الذي كان يغني “دير الهم ف الشبكة”، مثله مثل أحمد العمري الذي هو الآخر غنى أغنية “نسيبتي”• هذا الأخير الذي كان يشاركه أحمد الطيب لعلج عبر العزف على آلة العود
ومن جملة ما كانت تتضمنه هذه الملحمة، أغاني تتخللها مشاهد مسرحية، كل أغنية تعبر عن مرحلة تاريخية من تاريخ المغرب، وكذلك أغاني صوفية• تحيل على دور الزوايا الذي كانت تقوم به، وأغاني أخرى تعالج الوضع الاجتماعي للممثل، طبعا كان هذا في سنة 1965 و 1966، ومازال وضع الفنان مطروحا إلى الآن
إضافة إلى مشاركتي في هذه الملحمة كراو صغير، شاركت في بعض المشاهد ككومبارس، كما أنني كنت مرددا للأغاني والعزف على آلة “البندير” وآلة “الطبل”
قدمنا العرض الأول الذي كان رسميا بملعب “الثيران”، في حين قدمنا العرض الثاني بملعب البريد بالرباط، وقد استغرق الاستعداد والتهييء لإنجاز هذا العمل 25 يوما فقط• لكن كان الاستعداد مكثفا ومتواصلا ليل نهار• طبعا كان المخرج هو الطيب الصديقي، في حين كان مساعده هو عبد الصمد دينيا
بعد هذين العرضين، جاءتنا دعوة للمشاركة مع فرقة العروبة في مهرجان قرطاج
بالنسبة إليّ كانت هذه أول رحلة أقوم بها خارج الوطن• سافرنا هناك في طائرة خاصة، وفي تونس سنلتقي مع ممثلين آخرين، ونطلع على تجارب مسرحية أخرى من الجزائر، تونس، ليبيا، سوريا، لبنان، العراق••• إضافة إلى أسماء وتجارب لفرق إسبانية وفرنسية، وقد قدمنا عرضنا بمعهد يسمى معهد الرباط، “بمونستير بتونس”، كما عرضنا مسرحيتنا “ثمن الحرية” للمخرج مصطفى التومي بسوسة وقرطاج، وقد صادف وجودنا هناك عيد ميلاد بورقيبة، حيث قدمنا عرضا خاصا بالمناسبة، في هذا المهرجان تم توطيد العلاقات مع العديد من المسرحيين العرب
لقد كانت مشاركتنا مشرفة ونالت إعجاب الجمهور