الحركة الغيوانية

جوانب من سيرة الفنان مصطفى سلمات

إلى جانب زميلىي جلال كندالي كان لي شرف دباجة سلسلة حوارية من 30 حلقة مع صديقي الفنان الكبير المرحوم مصطفى سلمات في صيف 2003 ، ارتايت أن أشاطركم جوانب منها كما كتبت قبل 17 سنة وفاء لعطائه الفني وأيضا للاطلاع على جزء من مسار المسرح المغربي والكاريزما التي كان يتمتع بها الفنان..

بين “كْتاتبي” ومسرحي•• لم يكن الاختيار صعبا

العربي رياض

بعد مشاركتي في عدة عروض مسرحية في إطار الشبيبة العاملة، نصحني بعض الأصدقاء بضرورة متابعة دروس المسرح بالمعهد البلدي •• وبمجرد ما وطأت قدماي بهو هذا المعهد حتى قررت أن أدرس الموسيقى بدل المسرح، كان المسؤول عن تعليمنا رجل فرنسي شكله غريب، أنفه شديد الحمرة وكذلك خداه يطلق عليه الطلبة لقب “حلوف شراب” لم أكن أتمالك نفسي كلما رأيته، فمنظره يثير الضحك •• حتى داخل القسم لم أكن أتوقف عن الضحك كلما خاطبني عاقبني كثيرا عن سلوكي ذاك، بحيث كان يحرمني من متابعة الدرس الى أن أزعجته كثيرا فقرر فصلي نهائيا، وبالفعل أخذني إلى المدير وحكى له عن شغبي كما أبلغه أنه يرفض أن أحضر حصصه •• المدير سيعاقبني بدوره وذلك بإبعادي عن المعهد البلدي، حيث بعثني الى معهد آخر يوجد قرب كراج علال وكان يديره الأستاذ سليمان شوقي، وبما أن هذا المعهد يوجد بعيدا عن مقر سكناي كنت دائم الغياب، لكن كان يحز في نفسي أن أحرم من متابعة الدروس، فأنا أحب الموسيقى وأحب الفن ولا أتخيلني أعيش من دونه •• عدت إلى مدير المعهد البلدي وتوسلت إليه بأن يسمح بعودتي الى المعهد ووعدته بأني سأكون منضبطا ولن أشاغب •• بعد تفكير طويل واستعطاف متواصل من جانبي، قرر عودتي لكنه اشترط عليَّ ألا أعود إلى الموسيقى وأن أتابع دروس المسرح •• وافقت على شرطه والتحقت بشعبة المسرح، كان المشرفان هما الأستاذان الطيب لعلج والمرحوم فريد امبارك، رجلان صارمان لايمكن أن يشاغب أمامهما أحد، فأخذت أتابع دروس المسرح بكل جد وبالموازاة مع ذلك أتابع دراستي في ثانوية الأزهر، كان المشرفون على شعبة المسرح يأخذوننا بين الفينة والأخرى لمتابعة بعض الأعمال المسرحية بالمسرح البلدي الذي يديره الأستاذ الطيب الصديقي، وكنت شغوفا برؤية تلك الأعمال الرائعة، كما كنت أتمنى أن أجد فرقة أمارس معها لأدخل هذا المسرح وأقدم فيه بعض الأدوار •• في السنة الثانية بالمعهد البلدي، التحقت بفرقة العروبة التي كانت تمارس في إطار مسرح الهواة، كان مقرها بحي سيدي معروف، وكانت تضم أسماء كبيرة من أمثال محمد العلوي، مصطفى التومي، محمد الخلفي، عبد اللطيف هلال، المرحوم اسحاق وآخرون، كانت هذه الفرقة جد لامعة في مسرح الهواة، قمت مع هذه الفرقة التي شجعتني كثيرا بعدة أعمال، وكنت أطبق ضمن أعمالها ما درسته في المعهد ••

انشغالي بالمسرح، أثر على مردودي الدراسي بطبيعة الحال، حيث لم أستطع اجتياز السنة الأخيرة من التعليم الثانوي، حاول أبي كثيرا أن يقنعني بضرورة إعادة السنة لكني رفضت، كما اقترح عليَّ أن ألج مدرسة حرة لإتمام الدراسة فرفضت هذا الاقتراح كذلك، فوعدته بأني سأشتغل، فالمستوى الدراسي الذي بلغته إذاك بإمكانه أن يخول لي منصبا في بعض الوظائف •• بالفعل تم قبولي للاشتغال بإحدى المقاطعات الكائنة بدرب الطاليان، ورغم الوظيفة لم أتوقف عن مزاولة المسرح •• فبعد مرور خمسة أشهر من ولوجي عالم الوظيفة كان عليَّ أن أرافق فرقة العروبة لتقديم عرض مسرحي بمدينة الجديدة، ولأني أعلم أن رؤسائي في المقاطعة لن يوافقوا على سفري، لأنه ليس هناك من سيقوم مقامي في العمل، رافقت فرقة العروبة دون إذن من أحد وبالتالي سمحت في الوظيفة الى الأبد ••

في السنة الأخيرة بالمعهد البلدي وبالضبط في سنة 1965، كنا نهيئ لتقديم مسرحية “الناعورة” وهي من تأليف الأستاذ الطيب لعلج وإخراج الأستاذ فريد امبارك، وفي المقابل كنت أهيء مع فرقة العروبة مسرحية “ثمن الحرية” أو “منصرة” وهو العمل الذي كنا سنشارك به في المهرجان الوطني للهواة الذي سيقام بمدينة الرباط

بالنسبة للمعهد البلدي كنت أتوقع أن المشرفين على شعبة المسرح سيعطونني دورا كبيرا ومهما، خصوصا وأنني اكتسبت تجربة لا بأس بها من خلال ممارستي مع فرقة العروبة، لكني فوجئت بدور صغير جدا، الشيء الذي أغضبني، خصوصا وأني أحس أن بإمكاني القيام بأدوار أكبر، فلم يكن أمامي سوى الغياب عن الدروس كاحتجاج على هذا الدور، وانهمكت في الاستعداد للعمل الذي سنقدمه مع فرقة العروبة خلال المهرجان الوطني للهواة •• إلى أن استدعاني الأستاذ لعلج وشرح لي أنه ليس هناك دور كبير ودور صغير في المسرح، بل هناك الممثل الكبير والممثل الصغير، كان هذا من بين أوائل الدروس التي استوعبتها في مجال المسرح، وبعد طول شرح أقنعني بضرورة أداء هذا الدور وكذلك كان، حيث قبلت هذا الدور الذي كان بمثابة باب صغير لتجارب أخرى كبيرة •• فهذا الدور كان امتحانا لي من جهة لاجتياز السنة الأخيرة من المعهد، ومن جهة أخرى أثار انتباه العديد ممن تتبعوا هذا العمل المسرحي، ومن بينهم الأستاذ الطيب الصديقي •••

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى