فرض فيروس كورونا الذي اجتاح العالم منذ شهور عديدة، الكثير من الأشياء والمتغيرات الحياتية على الإنسان عامة وعلى المبدعين بصفة خاصة، وبالضبط هؤلاء الذين يرتبط عملهم بصفة مباشرة بالجمهور، الذي انقطعت صلته بهم في ظل الواقع الصحي، الذي يفرض التباعد والتزام الحجر الصحي في المنازل ومقرات السكن. وفي ظل هاته الظروف الاستثنائية نتساءل: كيف يدبر الفنان المغربي حياته اليومية بعيدا عن جمهوره… سؤال يجيبنا عنه الفنان الشعبي مصطفى بوركون، الذي يعد من بين الفنانين المجتهدين في مجاله، حيث طبع ببصمته الساحة الفنية المغربية لمدة فاقت الأربعين سنة، قدم خلالها ألبومات وأغان متميزة لايزال جمهوره يتغنى بها لحد الآن…
حاوره : عبد القادر مخدو
كيف يقضي الفنان مصطفى بوركون يومه في زمن كورونا والحجر الصحي؟
أنا متعود على الحجر الصحي قبل أن يكون قرارا متفقا عليه من طرف دول العالم جميعا. قد تتساءل لماذا؟ أقول لأنني إنسان «بيتوتي»، أخرج من البيت مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع فقط لممارسة الرياضة أو لقضاء مصالح إدارية.. والسبب في ذلك بدايته انطلقت منذ سنة 1992 بعدما تفرقت مجموعتي الغنائية « نجوم بوركون»، حيث كنا نقضي مجمل الوقت جماعة، نخرج ونسافر في جو أكثر من أخوي، عشنا أوقاتا في قمة السعادة والحمد لله، وبعد الفراق لم أجد من يملأ الفراغ الذي تركه أصدقائي مع احترامي لكل الأصدقاء الذين تربطني بهم صداقة عادية، وهذا ما جعلني أختلي معظم الوقت في البيت.
كيف تنظر إلى مكانة الأغنية الشعبية في ظل كثرة الأصوات والألوان الغنائية العصرية اليوم؟
الأغنية الشعبية دائما حاضرة، لم ولن تتراجع أبدا، والدليل هو أن جل الأغاني العصرية اليوم مقتبسة من اللون الشعبي، المشكل يكمن اليوم في أصحاب اللون الشعبي، فالكثير منهم كسالى، لا يبحثون في التراث الشعبي ولا في الفلكلور المغربي الأصيل والغني، ذي الألوان الكثيرة والمتنوعة، فجلهم ينتظر الموجود، ينقض على أغنية جميلة لفنان غير معروف، يحفظها ويعيد تسجيلها بدون جهد ولا عناء.. وبالتالي لم نعد نرى فنانين في اللون الشعبي يطرحون العديد من الأغاني الجديدة، حتى تكون هناك منافسة في الإبداع. ومن ثمة فالمشكل اليوم أن المبدعين أصبحوا مهمشين وغارقين في إحباط لا يعلمه سوى لله.
كيف تنظر إلى مستوى الأغنية المغربية مقارنة مع الماضي؟
الأغنية المغربية اليوم هي تجارية أكثر ما هي إبداعية، سواء على مستوى الكلمة واللحن أو الأداء. هذا الجيل توفرت له كل الوسائل التقنية والإعلامية، الشيء الذي لم تره الأجيال القديمة، ولو في الحلم، ومع ذلك استطاعت هاته الأخيرة أن تثري الخزانة المغربية الغنية بالتراث المغربي الأصيل، حيث نجد أن كلام الشاعر الغنائي نابع من القلب والملحن كذلك والمغني والفرقة الموسيقية… الكل يشتغل، بحب وتفان، خدمة للفن لأجل الفن، والنتيجة أن الأعمال القديمة لاتزال حاضرة معنا ويتغنى بها الكبير والصغير.
لماذا تراجعت ظاهرة المجموعات الغنائية؟
ظاهرة المجموعات لا أظن أنها ستتكرر مرة أخرى، فهي موضة ظهرت في وقت بدأت فيه مجموعة ناس الغيوان، هذه المجموعة التي لقيت شهرة عالمية غريبة، ومنها أخذت العديد من المجموعات نفس الفكرة مع اختلاف نمط اللون الغنائي.
جديدك الفني، وهل سنرى تغييرا في نمط أغانيك، أم أنك ما زلت متمسكا بأسلوبك الغنائي؟
بالنسبة لي اللون الذي عرفني به الجمهور المغربي منذ 40 سنةً وأحبوني به، لا أفكر في تغييره. إن إنجاز الأغاني في هذا النمط أصبح قليلا، والسبب انقراض شركات التوزيع.. المهم هو أن الجمهور الذي يتابعني يعيش ويستمتع بأغاني القديمة، وهذا إنجاز كبير بالنسبة لي…