عزالدين زهير
أكدت الجمعية المغربية للعلوم الطبية والجمعية المغربية للطب النفسي والمهن المساهمة والجمعية المغربية لطب الأطفال أن التعبير عن الأسف والغضب وفضح الجرائم المختلفة التي تستهدف الأطفال، سواء التي لها صلة بالعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، والتي قد تصل إلى حدّ القتل، لم يعد كافيا، وبأن هناك حاجة ماسة إلى مبادرات قوية في مجال وقاية الأطفال من العنف الموجّه لهم بمختلف تجليّاته
وشدّدت الجمعيات العالمة والمختصة في الشأن الصحي في رسالة وجهتها إلى رئيس الحكومة، على أن هذه الجرائم تشكل انتهاكا لحقوق الأطفال الأساسية ومسّا بكرامتهم وسلامتهم الجسدية والنفسية، محذرة مما بات الصغار عرضة له من تهميش وإهانة وغيرها من الممارسات والسلوكيات العدوانية التي لها انعكاسات وخيمة وخطيرة، بالنظر إلى أنها تسبب لهم معاناة كبيرة ولها كلفة ثقيلة على تطور شخصية الطفل وتكوينه واندماجه الاجتماعي وانتقاله من فئة عمرية إلى أخرى
وأوضحت الجمعيات الطبية أنها نبهت مرارا وتكرارا خلال فترة الجائحة الوبائية التي تمر منها بلادنا، ومن خلال ندوات افتراضية متعددة الموجهة لمهنيي الصحة وللجمهور العريض من المهتمين ونساء ورجال الإعلام والمواطنين، من تصاعد منسوب العنف المسلط على الأطفال تحت سقف البيت الواحد، وهو ما يستوجب المزيد من المتابعة والانتباه لأشكال العنف الجديدة والتواصل بشأنها، المرتبطة باستعمال الوسائل المعلوماتية والشبكة العنكبوتية والتفاعل في وسائط التواصل الاجتماعي، حيث يجد الأطفال أنفسهم عرضة للكثير من المتحرشين جنسيا بالأطفال و”البيدوفيلات” المفترسين، بسبب هامش الحرية الذي يسمح بتبادل الصور والأشرطة ذات الحمولة الجنسية على الأنترنيت
وأكدت الجمعيات المختصة في الطب النفسي والعضوي للأطفال، أنها على وعي تام بما تبذله رئاسة الحكومة ومعها مختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات المختصة بالطفولة من مجهودات لحماية الأطفال وانخراطها الجاد لتحقيق هذه الغاية، مذكرة بجملة من الخطوات الرسمية والتشريعية، وتوقيع المغرب على عدد من الاتفاقيات ذات الطابع الدولي التي تم اعتمادها في هذا الصدد من أجل تحقيق أهداف الألفية الإنمائية والتنمية المستدامة، وضمنها القضاء على العنف ضد الأطفال في أفق سنة 2030، إلى جانب الأدوار الطلائعية والأساسية التي يقوم بها المرصد الوطني لحقوق الطفل، ووضع خط أخضر رهن إشارة المواطنين للاتصال والتبليغ عن كل شائبة من الشوائب، من خلال الرقم 2511، فضلا عن إحداث وحدات لحماية الطفولة وحقوقها، وغيرها من المبادرات الأخرى
وشددت الجمعيات العالمة على أن حماية الأطفال تعتبر ورشا كبيرا، داعية إلى جعل هذه القضية أولوية وطنية، مبرزة قلقها الكبير مما تتعرض له الطفولة المغربية، من اعتداءات لها تبعات نفسية خطيرة وتطرح إشكالات كبيرة على مستوى التكفل، وهو ما تؤكده الفحوصات التي يخضع لها العديد من الأطفال من طرف مهنيي الصحة، مبرزة أن الوقاية من خلال تحسيس وتوعية الأطفال والآباء والأمهات وسائر المتدخلين من مهنيي قطاعات مختلفة بأشكال وأنواع العنف، التربوية والجنسية والمعلوماتية، هي القاعدة الأساسية لمواجهة هذه الظاهرة وتطويقها، وهو ما يتطلب إحداث خلايا استماع في كل الجهات. ونصّت الجمعيات المذكورة، على أهمية تكوين مهنيي الصحة والتربية والتعليم والشرطة القضائية والعدالة، وتنسيق المبادرات والمجهودات الطب نفسية واجتماعية والقضائية وتبسيط المساطر الخاصة بالإشعار والإخبار بالحالات، ومصاحبة الأطفال المعتدى عليهم، باعتبارها محاور أساسية في مواجهة الظاهرة، إلى جانب إحداث بنيات للاستقبال والاستماع وإعادة التأهيل الاجتماعي للأطفال ضحايا العنف، وتفعيل التشبيك بين مختلف المتدخلين وإحداث قضاء خصا بالقاصرين، وإصدار أحكام وعقوبات تشكل نموذجا لفرملة إجرام معتدين آخرين، مع سن مبادرات للقضاء على حالات العود… ودعت الجمعيات الصحية إلى إعادة إطلاق حملات للتحسيس والتوعية بإشراك كل المعنيين، وضمنهم الأطفال أيضا، وإحداث نظام فعال لتجميع المعطيات وتقييمها، معلنة عن استعدادها لتقديم كل أشكال الدعم والمساندة من أجل إنجاح كل المبادرات التي تسطرها وتقودها الحكومة في هذا الصدد