عزالدين زهير
تخلّد الجمعية المغربية للعلوم الطبية بعد أيام قليلة حدثا مهما في مسيرتها العلمية التي حملت مشعلها منذ تأسيسها إلى اليوم، والمتمثل في بلوغها 100 سنة من التواجد والعطاء، في خدمة صحة المغاربة، والمساهمة من موقعها كشريك فاعل في تجويد المنظومة الصحية، حتى تكون في مستوى انتظارات المواطنات والمواطنين من طنجة إلى الكويرة، كما أوصى ويوصي بذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في مناسبات عديدة، آخرها حين إعطاء جلالته لتعليماته السامية من أجل تنزيل الورش الملكي الرائد للحماية الاجتماعية.
و تضم الجمعية المغربية للعلوم الطبية في عضوية مجلسها الإداري 53 جمعية عالمة في الطب العام وفي مختلف التخصصات الطبية، والتي لها فروع جهوية في كل جهات المملكة، أخذت على عاتقها مسؤولية الارتقاء وتطوير مهامها خلال كل هذه السنوات المتعاقبة، التي تحمّل خلالها عدد من المسؤولين والفاعلين الصحيين من أساتذة وأطباء مسؤولية ترؤس وعضوية الجمعية والمضي بها قدما، الذين قدموا الشيء الكثير، كل باسمه وبصفته ومن موقعه، وهي مناسبة لاستحضار عطاءاتهم ونضالاتهم المتميزة في خدمة الصحة المغربية، والتي توزعت ما بين التشجيع على التكوين والتكوين المستمر في المجال الصحي، والدفع بسبل تطوير البحث العلمي، وبإعداد توصيات تخص الممارسات الجيدة التي تتم المصادقة عليها، وتوحيد البروتوكولات العلاجية، التي تهدف إلى توحيد مسار العلاجات الخاصة بكل مرض، والمساهمة كذلك في التقليص من كلفة النفقات الصحية، بالشكل الذي يضمن ولوجا عادلا لكافة المواطنات والمواطنين للخدمات الصحية، في احترام تام لضوابط وأخلاقيات المهنية وعدم السقوط في أي تضارب للمصالح، إلى جانب تطوير الشراكات جنوب جنوب في المجال الصحي والتوقيع على اتفاقيات مهمة في هذا الإطار، إلى جانب مرافقة وتأهيل أطباء الغد المغاربة والأفارقة بشكل عام.
كما أثمرت الجهود المبذولة بين الجمعية بكافة مكونات مجلسها الإداري وباقي الشركاء الآخرين، ويتعلق الأمر بكل من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والوكالة الوطنية للتأمين الصحي، والهيئة الوطنية للطبيات والأطباء، إخراج 15 بروتوكولا إلى حيز الوجود يتم العمل بها اليوم في بلادنا، التي باتت مرجعا وطنيا في علاج المرضى، وبوأت بلادنا الريادة بين دول الجنوب، والتي تم اعتمادها بناء على دراسات وأبحاث وخلاصات علمية، وبالوقوف على آثارها ليس فقط الصحية منها وإنما كذلك الاجتماعية والاقتصادية، ليتم العمل بها في إطار التغطية الصحية، والتي هي كذلك خلاصات التزام وجدية ومسؤولية أخلاقية وعلمية من طرف كل المساهمين في هذا المسار، التي يتم تحديثها وفقا لجدول زمني محدد، ويتعلق الأمر بعلاج عدد من السرطانات وهي سرطان الثدي، عنق الرحم، المبيض، بطانة الرحم، الرئة، البروستات، الغدة الدرقية، المثانة، القولون، المعدة، بالإضافة إلى بروتوكولاته تخص داء السكري، الصدفية، التعفنات السابقة للولادة المبكرة، الولادة القيصرية، ثم التكفل بالصمم منذ الولادة.
كما يوجد فيه 29 بروتوكولا في طور الإنجاز، حيث ستواصل الجمعية عملها إلى جانب كل الأطراف المعنية، وضمنها الهيئة العليا للصحة، من أجل إخراجها إلى الوجود والاستمرار في العمل بشكل مشترك من أجل تجويد الصحة العامة.
و يعتبر تخليد قرن من الزمن في خدمة الصحة ببلادنا، إلى جانب كل الشركاء والفاعلين والمتدخلين، الحكوميين والمدنيين، لحظة فخر واعتزاز لكل عضوات وأعضاء الجمعية، ويمنحنا قوة أكبر للاستمرار والمضي في مسيرة التميز التي تبصم عليها الجمعية المغربية للعلوم الطبية، التي تتشرف بأن تحظى مؤتمراتها بالرعاية الملكية السامية، وتعتز بأن تكون في خدمة الوطن والمواطنين، وأن تساهم من موقعها كفاعل مدني علمي في تنزيل التعليمات الملكية السامية لتحقيق الأمن الصحي وضمان عدالة صحية مجالية لكل المواطنين المغاربة على قدم المساواة.
وستعلن الجمعية المغربية للعلوم الطبية في الأيام القليلة المقبلة، عن البرنامج الكامل لفعاليات تخليد مسيرة 100 عام من العطاء الصحي، وتتشرف بأن تتقاسم هذه اللحظة وأن تخلّد هذا الحدث بمشاركة وحضور الفاعلين الصحيين وعموم المهتمين بقضايا الصحة، ونساء ورجال الإعلام، الذين نوّجه الهم بالمناسبة التحية الصادقة على جهودهم في المساهمة في رفع مستوى التثقيف الصحي ونقل المعلومة الصحية الصحيحة من مصادرها المسؤولة، كما ستعلن كذلك عن تفاصيل إحياء فعاليات اليوم الربيعي للمرحوم البروفيسور علي الماعوني، الذي يندرج ضمن برنامج التظاهرة لسنة 2025، ويتعلق الأمر بأحد الرؤساء السابقين للجمعية، وأحد الكفاءات الطبية المتميزة، وهو الأستاذ الذي ساهم في تكوين أجيال من الأطباء في مجال الجراحة العامة.