العربي رياض
ونحن على بعد أيام من موعد رفع الحجر الصحي لا بد أن نسترجع بعض تفاصيل هذه الحياة الإستثائية ، التي فرضتها جائحة كورونا على العالم بأسره وما سببته من خوف وترقب وارتباك ، وهو الارتباك الذي انعكس على بعض التدابير والإجراءات ، وما يهمني في هذا الباب من زاوية الإعلامي هو موضوع التواصل لإداراتنا ومؤسساتنا ، ولعل أهم قطاع كان معنيا بهذا الشق بشكل أكبر هو قطاع الصحة ، على اعتبار أن فيروس كورونا يستهدف أرواح المواطنين ، وقد لاحظنا كيف بدا التعاطي التواصلي في الأسابيع الأولى من ظهور المرض ، حيث طبعه ارتباك كبير وشح في المعلومة ولم يتم تقويم هذا الأمر إلا بعد ايام تخللتها تساؤلات المواطنين الذين اعتبروا أن تقديم أرقام الوفيات والمصابين بشكل جاف ، أمر غير صائب إذ يجب إعطاء شروحات وتفاصيل أكثر وقراءات مستقبلية مع المد بنصائح تهم الوقاية من هذه الجائحة ، وكان يتناوب على منصة تقديم تلك الأرقام عدد من الوجوه لم تكن لها النبرة الاحترافية في التواصل ، ماجعل المشرفين على القطاع يفوضون لدكتور واحد ، هذه المهمة مع إضافة شروحات ومعطيات كما أعطوا بعد تأخر كبير الضوء الأخضر لمديريات الصحة كي تقدم للمواطنين المعطيات المحلية في المدن ، رغم ان الأمر جلل ، السلطات المحلية بدورها في مجال التواصل رغم ان الشق التنظيمي والاجتماعي للمواطنين يدخل في مهامها الأولى ، بدا على أدائها نوع من الارتجال بدليل إصدار بلاغات ومعاودة إصدار أخرى تصحيحية لما سبق بفعل التسرع أو عدم القراءة الجيدة للوضعية التي أجبرتها على إصدار تلك البلاغات كدليل على ذلك ، قرار خروج الصحفيين حيث استثنتهم في المرحلة الثانية في بلاغها حول الحجر الصحي ، من لائحة القطاعات المسموح لها بالتحرك قبل أن تصدر بيانا استدراكيا تسمح لهم من خلاله بالخروج وفق شروط عجيبة ، وكذلك وقع بخصوص توزيع ورقة الإذن بالخروج بالنسبة للمواطنين ففي البلاغ تجد كلاما ، وعلى أرض الواقع كان هناك كلام آخر ، بالنسبة للبلديات والجماعات كان هناك غياب تواصلي تام اللهم بعض الاستثناءات من قبيل أثمنة الخضر والفواكه والسماك واللحوم والدجاج ، حيث تتضمن اللائحة الصادرة عن هذه المجالس أثمنة معينة وفي السوق كانت أخرى لا علم بأصحاب البلاغ بها ، اما باقي الوزارات فيمكن أن نقول أن تواصلها كان متوقفا بالمرة ولم تكن تتفاعل مع تساؤلات الفئات الاجتماعية إذا ما استثنينا ، بلاغات تهم تدبيرها الشمولي كالقول مثلا ستتوفر التغذية أو ماشابه من جمل .. لكن فيما يهم مشاكل المهنيين التابعين لها كانت تحجم عن الكلام ، حتى ان الكثير من اسئلة المواطنين ظلت معلقة إلى حدود الآن ، أما الغرف المهنية فيعلم الله أين صدت خلال هذه الجائحة ، بالفعل كانت هناك لجنة اليقظة التي تمد الجميع بالمعطيات لكن هذا لا يعفي هذه الوزارات من مسؤليتها على الأقل في بعض التفاصيل . في المقابل بشكل احترافيي أثبتت مؤسسات عن تواصل احترافي شافي رغم حساسيتها والأمر هنا يتعلق بالإدارة العامة للأمن الوطني والدرك الملكي والنيابة العامة ، فرغم الضغط ورغم المهام الصعبة الموكولة لها في هذا الظرف الاستثنائي العصيب ، الذي يتطلب مجهودات مضنية إضافية لعنصرها البشري من جهة وإداتها من جهة أخرى ، حرصت هذه المؤسسات الوطنية الامنية على تواصل رفيع مع الرأي العام ، من خلال تقديم معطيات وأرقام وإحصائيات غاية في الدقة بدباجة راقية سلسة ، ناهيك عن استجابة أطرها لمختلف وسائل الإعلام لتنوير المواطنين ومدهم بالمعطيات التي يحتاجونها ، دون نسيان توضيحاتها فيما يخص أي لبس انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها ، مع تمكين المواطنين عبر بلاغات من أي مستجد حتى لو لم يكن يدخل في إطار الجائحة ، مؤكدة بذلك ان هذه المؤسسات الأمنية خطت إدارتها خطوات كبيرة في مجال تحديث إدارتها وتفاعلها الشفاف إزاء ما يجري ، مبتعدة عن مؤسسات مدنية بمسافات لا تقاس وهو أمر يطرح تساؤلات نجاعة التدبير في تلك المؤسسات المدنية
أمر آخر لابد من الوقوف عنده ، فالملاحظ ان اضطرار الصحف الوطنية الورقية إلى نشر منتوجها الإعلامي عبر الأنترنيت وتطبيق ” البي دي إف ” ساهم بشكل كبير في تهذيب الأداء في وسائل التواصل الاجتماعي ، ولجم محترفي نشر الإشاعة وأظهرت للمواطن المستعمل لهذه الوسائل البون بين الإعلام الاحترافي والتطفل الإعلامي بدليل أن نسبة مقروئيتها كانت مرتفعة جدا ، نظرا للجدية والنضج والاتزان والمسؤولية التي تعتمدها في تحرير منشوراتها