العربي رياض
شحصيا أنا من المعجبين جدا بالفنان الرائع عبدالواحد مدوني نجم مجموعة مسناوة الرائدة ، فهذا الرجل تجمعت فيه سلوكات ، إن كانت تدل فإنما تدل على صدقية فنه ..رجل قليل الكلام يعيش بشموخ خال من أي ادعاء حتى أنه في خصام غريب مع الكاميرا وكأنه يجسد كلمة الكاتب محمد زفزاف الشهيرة ” قل كلمتك وامشي ” .. ينتهي من أدائه ضمن فرقته يمسح عرقه ، يطأطئ رأسه وينصرف وكأنه لم يكن هناك ، وفي الحقيقة هو المتواجد الدائم الوفي حارس معبد تجربة فنية شعبية قل نظيرها ، رفعت شأن الفن الشعبي من البداءة إلى الرقي الثقافي وجعلت لهذا الفن أبواب بحوث وشغق معرفة لدى الشباب ، التواق لمعرفة كنوز تراث وطنه ، وهي تجربة قادتها روح وقلم كاتب وشاعر بطعم الفيلسوف ألا وهو الفنان الكبير محمد باطما .ظل عبدالواحد منذ التاسيس إلى الآن ضمن مجموعته منضبطا لقانونها الاخلاقي ، ولم تستهوه آفاق أخرى بل اختار أن يصون ويحفظ ما تراكم من وحي الكبار في هذه التجربة التي اعلنت عن ثورة أغنية شعبية نقية ، لتصحيح النظرة عن هذا اللون الفني الشائع في الدروب والمداشر … هو من فصيلة الفنانين الذين لا يمكن الإستغاء عنهم في مجال الموسيقى ، لسبب بسيط وهو أنه ميازني كبير ، بل هو عماد الإيقاع داخل المجموعة ، ويفعل بالبندير ما تقوم به التعريجة عند الشيوخ إذ لماذا سميت تعريجة ، فقط لكونها تمر عبر المنعرجات الإيقاعية ، لتحافظ على على ضبط الميزان حتى لا تختل الأنغام وتفقد الأغنية رونقها ، هذه المهمة لا تؤتمن عليها إلا العارفون بتفاصيل الإيقاعات كما هو الحال بالنسبة للفنان عبدالواحد ، وهذا ليس بغريب عن فنان تذوق لذة الإبداع من الوالد ، الذي كان مولعا بالفنون بشتى اصنافها خاصة كل ما يتعلق بالميزان ، وصفه عدد من النقاد بالفنان ذي الصوت الأصيل أو الصوت الترابي ، اما العارفون بخبايا الغناء الشعبي فيقولون فيقولون بأن عبدالواحد هو صاحب الصوت ” الكرزي ” ، اي الذي يحمل جمال البحة ، خلال ” نميمتي ” مع الصديق حبيبي حول المجموعات ، يقول لي بأن عبدالواحد ” يشخشخ ” البندير وهومصطلح يتعامل به شيوخ الغناء فيما يهم تفاصيل النقر على البندير ، ويضيف حسن بأن عبدالواحد ” كيهونن ” ، وهو ضليع في ذلك إلى جانب حميد باطما ، والتهونين هو مايخرج من صوت بنبرة حنان ممزوجة بالألم .. تحيلك على الأصوات الدافئة لللمرأة القروية المتشبثة بالأرض. تواضع الكبار يجعل هذا الفنان بعيدا عن أعين من يوزعون التكريمات بدون دراسة مقنعة وبدون أسباب نزول ، أرى أن الوقت قد حان للاعتراف بوفاء الرجل للفن الأصيل المتأصل النابع من جوف تربة البلد