محمد ايت الحلوي
يخلد العالم في 20 نونبر من كل سنة اليوم العالمي لحقوق الطفل وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل (1989) ، كما تتميز هذه السنة بتخليد الذكرى الثلاثون لا صدار هذه الاتفاقية وهي مناسبة –بدون شك-سيستحضر فيها المنتظم الدولي ما تحقق لطفولة العالم وما تم تحقيقه من حقوق على ارض الواقع .خاصة بالنسبة للدول التي صادقت على بنودها إلى الآن” 193″ دولةً.
كما يأتي تخليد هذه الذكرى ة ووضعية الطفولة عبر العالم ،خاصة في مناطق النزاعات الحربية ،تعرف خروقات سافرة وانتهاكات متزايدة واستغلال بشع للأطفال واستعمالهم احيانا كدروع بشرية،اضف الى ذلك ما شكلته الهجرة البشرية خاصة بمناطق النزاعات و مناطق التوتر الدولية حيث اصبح الأطفال اول الضحايا وأول من يؤدي الثمن حول قضايا هم منها براء. كما أن المجاعة وانعدام الأمن الغذائي بالعديد من الدول ارخى بظلاله أيضا على وضعية الطفولة خاصة بالدول الفقيرة ،و هو ما يتعارض مع حقوقهم الأساسية كحق البقاء، وحق النمو، والتطور، وحق الحماية من الأضرار، بالإضافة إلى الحماية من المعاملة السيئة وأي استغلال كيفما كان نوعه.ورغم جهود المنتظم الدولي من أجل الد من ظواهر خرق حقوق الأطفال الا ان هذه المعضلة لازالت تظهر بشكل جلي في العديد من المناطق والدول .
لقد حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف” في العديد من تقاريرها الى الوضعية المقلقة التي تهدد حقوق العديد من الأطفال واستغلالهم في مجالات لا تليق بوضعيتهم كأطفال عديمي الحماية :استغلال جنسي، تشغيل مبكر، عدم ضمان الحق في التربية والتعليم ..الخ
و يعتبر المغرب من الدول التي صادقت على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل سنة 1993 وعملت على تنفيذ اوجه الحقوق المتضمنة فيه ومحاولة ملائمة التشريعات المحلية مع المواثيق الدولية الخاصة بالطفولة والتي تلاقت مع مقتضيات الدستور الجديد للمملكة الذي نصّ في فصله 32 بشكل مباشر على ضرورة ” توفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية”. ينضاف الى ذلك تنصيصه على احداث المجس الاستشاري للأسرة والطفولة والذي تعتبر اهم مجالات تدخله: رصد وتتبع وضعية الأسرة و الطفولة في المجلات الحقوقية والاجتماعية وتتبع مدى ملائمة التشريعات والبرامج الوطنية التي تهم الأسرة والطفولة لالتزامات المغرب الدولية كما صادق عليها .
كما فتح المغرب خلال العشرين سنة الأخيرة اوراشا كبرى في مجال حماية الطفولة بشكل خاص نذكر منها :
السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة – بكل تجلياتها وأصنافها وأوضاعها – من مؤشرات مؤثّرات الفقر، والهشاشة الاجتماعية والأسرية، ومخاطر المحيط، وعيا بضرورة تحسين ظروف عيش الأطفال ورغم ما يشوب هذه السياسة من نواقص فانها على الأقل شكلت ارضية مشتركة لاتقائية سياسات القطاعات الحكومية والمؤسساتية التي تعنى بالطفولة في محاولة لإستقراء وضعية الطفولة ببلادنا والبحث عن اليات لتحسينها .
وجود مؤسسات تعنى بحقوق الطفل :المجلس الوطني لحقوق الإنسان عبر الياته ولجانه الدائمة المتخصصة وتقاريريه الدورية حول وضعية الطفولة بالمغرب- مؤسسة محمد السادس لإعادة ادماج السجناء والتي يعتبر مجال حماية وادماج الطفولة جزءا من تدخلاتها حيث قامت بالعديد من المبادرات الوطنية خاصة بمراكز حماية الطفولة والمرصد الوطني لحقوق الطفل و الدينامية التي يشهدها من خلال اشرافه على العديد من المبادرات الرائدة ونذكر على سبيل المثال لا الحصر : ا الحملة الإفريقية “من أجل مدن إفريقية خالية من الأطفال في وضعية الشارع”، وهي مبادرة تنبع من الإيمان بوضعية عدد كبير من الأطفال الأفارقة الغير مرافقين أو المتخلي عنهم والذين يجدون انفسهم في وضعيات صعبة و ارتمائهم في احضان الشارع .
بالإضافة الى اعتماد المجلس الوطني للطفولة والأسرة والذي نص عليه دستور 2011.دون ان ننسى الدور الريادي لجمعيات المجنمع المدني التي تعنى بالطفولة وترافعها الدائم حول قضاياه الأساسية و دور خلايا التكفل بالنساء والأطفال ضحايا التعذيب في تقديم ما يلزم من دعم معنوي لفائدة الطفال .
كما عرفت عدالة الأحداث تطورا مهما من خلال اعتماد العديد من التدابير الوقائية والإجرائية والتي تجعل من العقاب والإيداع داخل المؤسسات السالبة للحرية اخر ملاذ للطفل في نزاع او تماس مع القانون من خلال اعتماد مقاربة تربوية علاجية واعتبار الوسط الطبيعي للآطفال هو المرتع الأنسب لنمو أفضل رغم أن اٌلإطار القانوني لحماية الأطفال في وضعية صعبة افرد لها القانون فصولا ( المواد 512 الى 517 من قانون المسطرة الجنائية) فانها تبقى غير كفيلة بضمان عدالة صديقة للطفولة امام التحديات التي تواجه بدائل الإيداع بالمؤسسات السالبة للحرية .
واذا كان الترفيه احد الحقوق التي نصت عليها الاتفاقية فان المغرب قطع اشواطا هامة في سبيل توفير بنيات اساسية من مؤسسات تربوية وملاعب رياضية …وغيرها من الفضاءات التي اصبحت تؤثث المجال الترابي من شماله الى جنوبه .في محاولة لضمان مشاركة واسعة للأطفال واليافعين في الأنشطة والبرامج خاصة التي تعنى بتعليمهم مهارات الحياة.
رغم كل ما قيل وما لم يسع المجال لسرده فان مجال الطفولة لا زال يعاني عدة اكراهات وتحديات خاصة ما يتعلق بضمان الحق في التعليم والتربية ، فهناك عدد كبير من الأطفال لا يستطيعون استكمال دراستهم لسبب أو لأخر، كما ان الولوج للخدمات الصحية يشكل احيانا معضلة كبرى لذى العديد من الفئات خاصة الهشة منها ناهيك عن الأطفال في وضعية إعاقة.
لذلك فإن الرقي بمستوى ومردودية مؤسسات وآليات حماية الطفولة يمر عبر تحسين النظرة إلى الطفل، وتقوية البنيات القانونية والمؤسساتية وأنظمة التسيير وتأهيل الأطر، وكذا توسيع دائرة التعاون والتنسيق مع مختلف الشركاء والفاعلين من الهيئات الحكومية والمجتمع المدني والمنظمات الدولية، وتعزيز المقاربة المندمجة المحلية من أجل توفير الإجابة الفعالة للتحديات الحقيقية التي تواجه الطفولة. ويعني ذلك أن نجعل من حقوق الطفل – كما هو متعارف عليها دوليا.موجها لتدخلاتنا في هذا المجال ضمانا لتحقيق مصلحة الطفل الفضلى .