أحمد طنيش
اختتم المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، في رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بفضاء الكلية وعبر العالم الافتراضي، ليلة الأحد 27 دجنبر 2020، فعاليات الدورة 32 التي أقيمت عن بعد من 21 دجنبر 2020، وأقيم كل معتادها المهرجاني عن بعد، بدء من الندوة الصحفية المعلنة عن المهرجان وحفل الافتتاح وبث المسرحيات وإقامة الورشات التكوينية وندوة المهرجان التي نقاشت تيمة الشعار: “المسرح والحلم”، وصولا إلى مرحلة التقييم.
صرح رئيس المهرجان الأستاذ عبد القادر كنكاي عميد كلية الآداب بنمسيك، أن المهرجان يصل إلى محطة تتويجه بعد أسبوع من التواصل والحوار والتفاعل بين شباب العالم، بكل اللغات وبكل التعابير، إذ تخطى حدود الزمان والمكان. رغم قيام حفله وحدته في سياق وطني ودولي استثنائي أثرت فيه أجواء جائحة كورونا، وهيمنت تبعاته على كل المجالات الثقافية والفنية ورغم ذلك حرص المهرجان على عقد هذه الدورة الخاصة والفريدة، وذلك سعيا من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، للوفاء بموعدها السنوي والإخلاص له، وللشعور بالمسؤولية الفكرية والأخلاقية وذلك من خلال التأكيد والدفاع عن قيم التفاؤل الإيجابي والنوعي والتفاعل الحيوي بين كل الثقافات والشعوب، من أجل عالم يعمه الحب والسلام، وإرسال الطاقة الإيجابية
عاش المهرجان أسبوعا من الفرجة والمتعة الفنية الرائعة، كان الاستمتاع فيها بعروض مسرحية من تونس ولبنان وفلسطين وسوريا وإيران واليونان وفرنسا والمكسيك، ومحترفات تكوينية وندوة علمية شارك فيها ونشطها أكاديميون وفنانون ومبدعون من تونس ومصر واليونان وفرنسا والمكسيك وألمانيا. وبذلك تكون هذه الدورة، قد بلغت كل أهدافها، البيداغوجية والعلمية والفنية والإشعاعية؛ إذ تواصل المهرجان مع رواده ومتلقيه وطنيا ودوليا عن بعد لكن بإحساس القرب
شاركت ضمن فعاليات الدورة 32 الفرقة المغربية “المسرح المفتوح “التي قدمت مسرحية النمس كما ساهم الفنان المبدع الكبير لحسن زينون بكرمه ونبله بوضع تحفته “فرحة دكالة” رهن إشارة المهرجان، حيث قدمت في عرض متميز وخاص هذية من المهرجان لكل فعالياته عبر العالم
جاء في كلمة عواطف حيار رئيسة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن هذا المهرجان يعتبر طفرة وإضافة تستحق الدعم والتشجيع الدائمين. وهذا ما تم التحاور حوله في لقاء رسمي مع السيد وزير التعليم العالي، وشدت على أيدي المنظمين والفنانين والطلبة كل من موقعه، كما شكرت كل المشاركين من قريب أو بعيد في انجاح هذا الدورة كسابقاتها، وعبرت أنها تعتز بمواصلة الرهان في كلية الآداب بنمسيك على الفعل الثقافي والفني، وتمنت أن يتم استقبال المهرجانيين السنة المقبلة في دورة حضورية من المهرجان كما هو معتاد
كعادة المهرجان هناك فقرة التكريمات وهي مناسبة يغتنمها المهرجان ليقدم التحية لمن يساهمون في تحريك الفعل الثقافي والفني والمسرحي تحديدا بغية مواصلة طريقهم والتأكد أنهم بالفعل يقومون بعمل رائد وبالتالي ليتخذوا نبراسا من طرف الشباب؛ كرمت الدورة 32 من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي الفنان المبدع الرائع حميد نجاح المخضرم بين الأجيال المبدعة والمتعدد في رؤاه الفنية بدأ في الستينيات بشغف وحب كبيرين ومازال على العهد يواصل الطريق، أشار في كلمته وهو فرح بهذا التكريم، أنه بالفعل سعيد وممنون لجامعة الحسن الثاني كلية الآداب بنمسيك، كفضاء العلم والمعرفة والشباب الدارس، وتذكر المحتفى به أنه كان حاضرا في إحدى الدورات حيث كرم المرحوم حسن الجندي والمبدع والكاتب يوسف فاضل، إذ قدم لوحة من مسرحية حلاق درب الفقراء من تأليف يوسف فاضل، هذا المسرحية التي ستصبح تحفة سينمائية من توقيع المبدع الراحل محمد الركاب، يتذكر المكرم أن المسرح آنذاك كان غاصا بالحضور النوعي وبالشباب، واليوم تشاء الأقدار أن يقام هذا التكريم عن بعد، لكن حرارته وصدقه يصلنا، وهي الإشارة التي ذهبت في منحاها زوجته الممثلة فتيحة فخفاخي، التي قدمت شهادة في حميد نجاح المبدع المسكون بفنه والعاشق له والذي وهب كل حياته خدمة لرسالته
في تقديم التحية والشهادة في حق المكرم الثاني الحسين الشعبي، صرح رئيس النقابة المهنية للفنون الدرامية ذ.مسعود بوحسين، الذي اعتبر نفسه من خريجي هذه التجربة التي كانت مشتلا للاطلاع على تجارب المسرح عبر العالم، لكون المسرح الجامعي كان ومازال مجالا للتفاعل وحوار وتلاقح شبيبة العالم من طلبة الجامعات ومعاهد التكوين وطنيا ودوليا، من تم قدم شهادته في المحتفى به حسين الشعبي واعتبره جسرا ممتدا من تجربة وفعالية ومدرسة مسرح الهواة كحركة مسرحية وفكرية، إلى تجربة المسرح الاحترافي بدء من المساهمة في تأسيس كيان نقابي والنضال في دوالبه والمساهمة في تحريك قضاياه التنظيمية والإبداعية، وصولا إلى تأسيس التعاضدية الوطنية للفنانين والترافع الدائم على عدة واجهات لصالح المسرح المغربي، لذا وعبر الجسرين تجد الحسين الشعبي المؤلف والممثل المنخرط في قضايا المجتمع والصحفي والكاتب والدارس المسرحي والمتتبع لكل دينامية هذا المسرح والمساهم في تحولاته
جاء في كلمة المحتفى به الحسين الشعبي، تقديم التحية للجهة التي فكرت في تكريمه وشكر مدرسة المهرجان الدولي للمسرح الجامعي بالدار البيضاء، التي يعتبرها مدرسة تكوين استفاد منها باحتكاكه بها وبمنتوجها، والتي اتخذت شعارا دالا هذه السنة: ” المسرح والحلم” وأضاف المحتفى به “التحدي” بحكم نضال المنظمين وقيمهم وإصرارهم على المواصلة رغم كل الإكراهات، إذ بالفعل تم ربح الرهان، ولم يفوت المكرم المناسبة وأشار أن قطاع الثقافة والفن والمسرح تحديدا وكل العروض الحية تضررت كثيرا بسبب الإهمال وإغلاق الفضاءات، والسؤال المطروح علينا الهنا والآن، ما هو واقع هذه الفنون ما بعد كورونا، واستنتج أنه من الأكيد أن المسرح مستقبلا مطالب أن يعود للمعنى
كانت المكرمة الثالثة المبدعة والفنانة التونسية “إنصاف بوحفصية” التي ذكرت أن هذا المهرجان له أهميته للشباب، لذا يمثل لها طفرة نوعية في مسارها الفني والمهني، وهي في بداية مشوارها، من تم عبرت عن امتنانها بهذا التكريم الذي جاء من طرف بلد ومدينة ومهرجان، سيظل عالقا بذهنها ووجدانها؛ إذ زارته كأول تجربة خارج الوطن في بداية التسعينيات، وهي في سنتها الثانية في المعهد، من تم رسخت التجربة في مخيالها لما عاشته من أحلام وذكريات وفرحة وبهجة اللقاء وما تحقق لها من اطلاع على التجارب المسرحية العالمية إلى أن واصلت طريقها وتخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية ونالت الماجستير والأستاذية، وتحملت مسؤوليات في مراكز ثقافية وفي مهرجانات كبرى كمهرجان قرطاج
صرحت المحتفى بها أنها تعتبر هذا التكريم الذي جاء بعد 34 سنة، كأنه أعيد لها وليدها أو وليدتها إذ تركته طفلا، والآن تحول إلى شاب أو شابة وبدوره أصبح أما أو أبا وهو في عمره 32 سنة
بمناسبة فرحة نجاح هذه الدورة وتقييم منجزها لم ينس المهرجان الترحم عمن غادرنا هذه السنة إلى دار البقاء بسبب كورونا وغيرها، ومنهم فنانون كبار مثل عبد الجبار لوزير وثريا جبران، وحسن لمنيعي، وعبد العظيم الشناوي، وعبد الصمد دينية، وعزيز سعد الله وبادوج وآخرون من عالم الفن والسياسة والفكر، كما أعلن السيد العميد الاختتام وأعلن في نفس الوقت انطلاق تهييئ الدورة المقبلة لسنة 2021 التي نتمنى أن تقام حضوريا، وتكون غمة كورونا قد زالت، وسيكون محورها هو “Renaissance”، “ولادة جديدة”، وذلك أخذا بالاعتبار لكل ما حدث هذه السنة والذي يقتضي منا جميعا إعادة النظر في عدة مفاهيم وأفكار، والتفكير جديا في إعادة بناء العمل الفني شكلا وموضوعا، لأن العالم سيعرف ولادة جديدة غير مسبوقة