العربي رياض
لم يجرؤ مدبرو الشأن المحلي البيضاوي على تفعيل اتفاقية تم توقيعها أمام جلالة الملك في شتنبر 2014 ، تدخل ضمن البرنامج التنموي للدارالبيضاء 2015/2020 ، وهو البرنامج الطموح الذي يضم مشاريع كبرى مهيكلة خصصت لها الدولة أكثر من 3000 مليار سنتيم ، من شأنها أن تحول الدارالبيضاء إلى عاصمة للمال والأعمال كما رسم لها عاهل البلاد ، لتضاهي باقي عواصم العالم من خلال جعلها نقطة جذب للاستثمارات القارية والدولية ، ويكون لها دورها الفعال إقليميا وعالميا
الاتفاقية المذكورة تقضي بأن يرفع المكتب الوطني للكهرباء يده ، عن مباشرة توزيع الماء والكهرباء في الحياء المتخللة للعاصمة الاقتصادية وأيضا عن المدن المحيطة بها كبوسكورة ومديونة والنواصر ودار بوعزة والشلالات وأولاد صالح وباقي المناطق المحددة في الاتفاقية ، والتي تحولت إلى حواضر
نحن الآن في نهاية البرنامج حيث من المفروض أن تكون كل المشاريع التي سطرت في الاتفاقية قد أنجزت ، منها المسرح الكبير وخطوط الطراموي وإعادة تاهيل الحدائق الكبرى وبعض الأحياء الموجودة في حالة هشاشة وغيرها ، ومع ذلك نجد أن المدبرين لم يفعلوا بندا واحدا من الاتفاقية المتعلقة بوضع تدبير توزيع الماء والكهرباء ، في يد الجماعة الترابية للعاصمة الاقتصادية من خلال الشركة المفوض لها هذا القطاع والتي وقعت بدورها على الاتفاقية وهي شركة ليدك ، المثير أن المدبرين لم يحركوا ساكنا حتى بخصوص الأحياء التابعة لنفوذ جماعتهم ، كليساسفة وسيدي معروف وأناسي والأزهر وغيرها من الأحياء التي مازالت تزود بالكهرباء من المكتب الوطني للكهرباء ، فيما تستفيد باقي أحياء العاصمة الاقتصادية من خدمات ليدك ، التي ماهي في الأول والأخير إلا شركة تابعة لمجلس المدينة ، الغارق في ديون كثيرة . الغرض الأساس الذي بنيت عليه الاتفاقية غير المفعلة هو جعل الدارالبيضاء موحدة بمحيطها من حيث الخدمات الأساسية التي منها قطاع النقل الحضري وهذا القطاع ، بالإضافة إلى توفير موارد مالية ولوجيستية ، لخلق بنى تحتية تستجيب لمطمح الدولة الهادف لجعل المدينة قطبا ماليا بامتياز . وكان جلالة الملك خلال الكلمة التي ألقاها امام البرلمان في سنة 2013 ، والتي أفرد فيها جانبا مهما للدارالبيضاء قد أشار إلى الجانب المتعلق بتقوية البنى التحتية للمدينة ، أكثر من هذا فإنه لم يكتف فقط بخطاب بل نزل إلى الميدان وسطر برنامجا طموحا ووفر التعبئة المالية واللوجستيكية ، إلا ان جزءا من هذه الاتفاقيات لم يتم مسه من لدن المدبرين ومن بينها الاتفاقية المتحدث عنها
الخزينة المالية لمجلس مدينة الدارالبيضاء تعيش أسوأ فتراتها اليوم ، شح في المداخيل المالية ، ارتجال في تدبير هذا المرفق ، قروض كثيرة لا أول لها ولا آخر ضمنها قرض من البنك الدولي بقيمة 200 مليار سنتيم ، ومع ذلك لم نر أي مبادرة من المسؤولين من شانها أن تضمن موارد دائمة ، تستجيب والطموحات المرجوة ، ليضيعوا على المدينة ملايين الدراهم سنويا ، كان من شأنها أن تضفي التوهج الذي يترجاه المغاربة وملكهم ، العجيب أن وزارة الداخلية المشرف الأساسي على تنفيذ البرنامج التنموي للمدينة والجهة المؤتمنة على تطبيق الاتفاقيات والحريص الاول على القانون ظلت تتفرج كسائر الناس دون الدفع بهذه الاتفاقية إلى الأمام ، وهي تعلم اكثر من غيرها المطبات التي تعرقل السير العادي لهذه المدينة ، قد نفهم أن أن المدبرين المحليين يشتغلون وفق الهاجس الانتخابي في المقام الأول ، لكن من المفروض أن تكون الوزارة حازمة في تنفيذ ما سطرته الدولة
نتساءل أحيانا كيف سيواجه عمدة المدينة تداعيات مابعد كورونا ،وهو المحاط بملفات مفلسة في مكتبه ، فالمحطة الطرقية لم تعد تدر أي مدخول مغري والأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعة ، تدعوها لتوفير سبعة ملايير سنتيم سنويا وجل المرافق التجارية والخدماتية التابعة لها ، المكتراة للغير لا يؤدي أصحابها فلسا واحدا للخزينة نظرا لمشاكل عديدة ومتشعبة
الاتفاقية المتحدث عنها فيها أطراف ومؤسسات وطنية ، المكتب الوطني للكهرباء والجماعة البيضاوية ووزارة الداخلية وليدك ، أي لا عراقيل يمكن أن تعترض سيرها ولا ينقص إلا مباشرة تفعيلها ، من جهة لفك الاختناق المالي المطوق للعاصمة الاقتصادية ، ومن جهة أخرى لتنفيذ البرنامج الذي تم الالتزام به للوصول للهدف المتوخى من البرنامح التنموي 2015/2020 ، فهل المر المعرقل هو ضعف الحكامة أم أن هناك شروطا موضوعية حالت دون ذلك ؟ وهو الأمر الذي يستوجب التوضيح من لدن المسؤولين