وحيد مبارك
فرق كبير بين ترويع الآمنين، ونشر الإشاعة، وتعميم الرعب، وهذا أمر منبوذ، وفعل مجرّم، لا يمكن القبول به او السكوت عنه، وبين التوضيح والإعلان عن الحقائق وتسمية الأشياء بمسمياتها، والتواصل الشفاف، فعلا لا قولا، وهذا حقّ أساسي، لأن المغاربة من حقهم أن يكونوا على علم واطلاع بالتدابير والإجراءات التي اتخذتها سلطات بلادهم من مختلف مواقعها، لحمايتهم والحيلولة دون دخول الفيروس، أولا، وما الذي وفرته من بنيات وموارد بشرية ولوجستيكية، من أجل الاستشفاء والعلاج في محطة ثانية
المغاربة من حقهم أن يتأكدوا من أن كل ما يجب اعتماده من إجراءات، وما توصي به منظمة الصحة العالمية، قد تم فعلا، وأن يجدوا من يعمل على طمأنتهم، خاصة في ظل احتجاجات لمهنيين في قطاع الصحة، حول ضعف اللقاءات التكوينية، وقلة التدابير الوقائية، حتى لا نقول انعدامها في بعض المناطق، لأن هؤلاء المهنيين هم أيضا في حاجة إلى الحماية، شأنهم في ذلك شأن كل المواطنين، خاصة حين نطلع على بعض الصور الصادمة، التي تؤكد غياب إلمام جاد وفعلي بالوضع الصحي الذي يمرّ منه العالم وليس بلادنا لوحدها
المواطنون في حاجة لكي يعرفوا إن كانوا في وضعية آمنة وهم يتنقلون في الشوارع، عبر وسائل النقل العمومية، على متن الحافلات وسيارات الأجرة، داخل القطارات وعربات الترامواي وغيرها، إن كان يتم تعقيمها أم لا، ونفس الأمر بالنسبة لمختلف الإدارات العمومية، التي تكون فيها الصلة مباشرة، في المحافظات والجماعات والمقاطعات ومقرات الأمن، وفي الجامعات وغيرها من الفضاءات، وفي مختلف أماكن العمل، المطالبة بتوفير المعقّمات والمطهّرات، كشرط أدنى من شروط الوقاية، فضلا عن التقيد بالسلوكات السليمة في حال السعال والعطس، والحال أن كثيرا منها وضعية مرافقها الصحية تبعث على التقزز والإشمئزاز. فمتى تم تعميم المعلومة التي تجيب عن الأسئلة الحارقة، ومتى تم وقف المضاربات والاحتكار، وتبين للجميع أن هناك انخراطا مجتمعيا، لا يعني بالضرورة حالة من الهلع، لمواجهة هذه الآفة الصحية، التي عانت وتعاني منها أكبر الدول وأقواها، فلن يمكن لأي كان أن يأتي منتقدا لاحقا، لأننا سنكون في مصاف هذه الدول، على مستوى وسائل المواجهة مع فيروس، بدون دواء وفي غياب لقاح مضاد له، وسننتظر جميعا العناية الإلهية وما ستجود به الأيام، لأن المستشفيات والأطقم الصحية وغيرها كلها مجندة، والترتيبات على النقاط الحدودية صارمة، ومختلف المسؤولين يقدمون المعلومات أولا بأول، ويجيبون على الاتصالات، ولا يفارقون الندوات الصحافية إلا بعد “إشباع” الصحافيين بالمعلومات التي يبحثون عنها، أما أن نترك الحبل على الغارب، وأن يتم التلمص من الإجابة عن التساؤلات، والاكتفاء بالترويج لخطاب واحد ووحيد، وتعميمه على “ذوي القربى”، ونشر البورتريهات، فهذا لن يعمم الثقة بل سيزيد من منسوب الشك، الذي لسنا في حاجة إليه، خاصة في مثل هذه الأوقات العصيبة
حفظ الله بلدنا، وحفظ مواطنينا، ونجانا جميعا من كل مكروه