بقلم ايمان وليب
في الذكرى الخامسة والعشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس على عرش المملكة المغربية، ألقى الملك خطابًا ساميًا متوهجًا بالأمل والالتزام، يعكس عزمًا لا يلين لتحقيق التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية. جاء هذا الخطاب ليؤكد على المكانة الرفيعة التي أضحت المملكة تحتلها، بفضل مسيرة إصلاحية رائدة طالت كافة المجالات، وجعلت من المغرب نموذجًا يُحتذى به على الصعيدين الإقليمي والدولي.
استهل الملك خطابه بفخر عميق بما أُنجز خلال العقود الماضية، مشيرًا إلى الإصلاحات الجريئة والبرامج الاجتماعية التي عززت التماسك الوطني وأتاحت للمواطنين الوصول إلى الخدمات الأساسية. ومع ذلك، لم يغفل جلالته عن التحديات الراهنة، لا سيما أزمة الماء التي تفاقمت بفعل التغيرات المناخية وتأخر تنفيذ بعض المشاريع المائية.
وفي ظل هذه التحديات، شدد الملك على ضرورة تسريع وتيرة إنجاز المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية، والاستفادة من الموارد المائية المهدورة، فضلاً عن الإسراع في إنشاء محطات تحلية مياه البحر، التي ستضطلع بدور أساسي في تأمين احتياجات المغرب من الماء الصالح للشرب، وتعزيز الأمن الغذائي عبر سقي مساحات زراعية شاسعة. ومن بين المشاريع المستقبلية، تبرز المحطة الكبرى لتحلية المياه في الدار البيضاء، التي ستعمل بالكامل بالطاقة النظيفة، مما يجعلها إنجازًا متميزًا على مستوى إفريقيا والعالم.
وأكد جلالته على ضرورة ترشيد استهلاك الماء، مشددًا على أن الحفاظ على الموارد المائية هو واجب وطني يتطلب تعاون الجميع. وأعرب عن قلقه من استمرار مظاهر تبذير المياه وسوء استغلالها، داعيًا إلى تفعيل شرطة الماء لحماية الملك العام المائي.
وفي جانب آخر من خطابه، أبدى الملك اهتمامًا بالغًا بالأوضاع الإنسانية للشعب الفلسطيني، مجددًا التزام المغرب بدعم الأشقاء الفلسطينيين، وسعيه الدؤوب لإيجاد حل سياسي نهائي وعادل للقضية الفلسطينية، من خلال إحياء عملية السلام على أساس حل الدولتين، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
في ختام خطابه، عبّر الملك عن اعتزازه العميق بالجهود التي تبذلها مختلف القوى الوطنية من أجل نهضة وتنمية البلاد، موجها شكره وتقديره للقوات المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والأمن الوطني، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، على تفانيهم في حماية أمن واستقرار الوطن. ولم ينسى جلالته أن يترحم على أرواح الشهداء المغاربة، وعلى رأسهم الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، مستذكرًا تضحياتهم الجليلة في سبيل رفعة الوطن.
هذا الخطاب السامي يجسد روح التفاني والمسؤولية التي تميز عهد جلالة الملك محمد السادس، ويعكس رؤية استراتيجية طموحة لمستقبل البلاد، رؤية تتطلب العمل الجاد والتعاون لمواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة التي تلبي تطلعات الشعب المغربي وتؤمن للأجيال القادمة مستقبلًا مشرقًا.