العربي رياض
نودع الولاية الانتخابية الحالية وكلنا أسف على ما لم يتحقق في العاصمة الاقتصادية بفعل تدبير لم يرق لمستوى اللحظة والتحفيز الذي حظيت به المدينة من لدن الدولة، إذ كما يعلم الجميع فبأمر ملكي تم تسطير برنامج تنموي كبير في أفق جعل الدارالبيضاء عاصمة للمال والأعمال، تضاهي كبريات العواصم العالمية، وخصص لهذا البرنامج مبلغ مالي قيمته 3300 مليار سنتيم، بمعنى أن الدولة سهلت كثيرا على المدبرين بمجلس المدينة الطريق كي يرسموا برنامج عمل يذهب في اتجاه هذا المخطط وأعفتهم من تعب البحث عن موارد مالية وما إلى ذلك من مشاكل تعيق التسيير، المدبرون صادقهم حتى الحظ إذ كانوا يتمتعون بأغلبية عددية مطلقة داخل المجلس، وهي أغلبية لم يسبق أن حظي بها أي حزب آخر أضف إلى ذلك ان أحزابهم هي المشكلة للحكومة، أي أنهم أمام طريق معبدة لإبداع تدبير ناجح يعود بالنفع على جميع القطاعات
دون الخوض في معظم الإخفاقات التي غرق فيها المجلس نذكر هنا نموذجا واحدا، يبرهن على عدم قدرة هذا المجلس على أن يكون في مستوى التطلعات المنتظرة، فمنح المقاطعات في الولايتين السابقتين كانت لا تتعدى 400 مليون سنتيم في أحسن الأحوال، تذهب جلها لخدمات القرب كما هو مسطر في القانون التنظيمي، خلال هذه الولاية رفع مجلس المدينة هذه المنحة المخصصة للمقاطعات إلى 2 مليار سنتيم على الأقل، وهكذا أصبحنا أمام ترف مالي لهذه المقاطعات التي خصصت من هذه المنحة 200 مليون سنتيم للتنشيط الثقافي، كل مقاطعة تصرف مبلغا مماثلا لهذا الغرض، لنكون بذلك أمام رقم 3 ملايير و200 مليون سنتيم في السنة إذا جمعنا صرف المقاطعات الستة عشر المؤثثة للمدينة على هذا التنشيط، ولنجد أنفسنا في ست سنوات، وهو عمر الولاية الانتخابية، قد صرفنا 19 مليارا و200 مليون سنتيم على التنشيط الثقافي، لكن حين نبحث عن وقع هذا التنشيط نجدنا أمام صفر خالد، فلم تسهم هذه التسعة عشر مليارا في إنتاج ولو كتاب واحد ولا ساهمت في إبرازا اسم فني واحد أو فاعل ثقافي أوعمل مسرحي جديد أو أي عمل يرتبط بالثقافة عموما، نسمع عن حفلات تستنسخ أعمالا رائجة أصلا أو حفلات للذكر أو حفلات للختان وأحيانا توزيع جوائز على المتفوقين دراسيا، المهم أنها لم تخرج عن هذا الإطار الذي بإمكان أي جمعية هاوية أن تنفذ مثله، بالعودة إلى حفلات الختان هناك واقعة وصلت ردهات المحاكم، تهم حفل ختان وصل مبلغ الصرف فيه إلى 20 مليون سنتيم
19 مليارا كان بإمكانها ان تخلق لنا 19 دارا للنشر أو 19 معملا وشركة تمتص جحافل العاطلين لكن مجلس المدينة لم ينتج منها ولو قصيدة!