العربي رياض
كانت ناس الغيوان الفرقة الرائدة على مستوى العالم العربي ، وفية ورائعة وهي تنخرط بكل طواعية في حفل المصالحة الذي نظمه حزب القوات الشعبية يوم الثلاثاء الأخير بمدينة الرباط ،هذا ليس بغريب على ناس الغيوان التي انصهرت بالقوات الشعبية منذ نطلاق مشروعها الفني بشكل فعلي سنة 1971 ، وقد كان روادها بوجميع والعربي باطما ومولاي عبد العزيز الطاهري وعمر ، يعون جيدا أن أن حزب القوات الشعبية هو اللسان الفكري الذي يترجم طموحات كل فئات أبناء الوطن ، على ذات الدرب اختارت الغيوان أن تكون هي اللسان الفني للشعب ، وبالفعل كان الاتحاد هو أول محتضن لتجربتها والمشجع الأكبر لأعمالها وكذلك كان حتى مع جيل جيلالة ولمشاهب ، ولعل الفرق الثلاثة شاركت إلى جانب الاتحاد في العديد من المحطات والمناسبات … أجيال أخرى داخل الغيوان على رأسها الفنان رشيد باطما تأبى إلا أن تؤكد وتعلن ذات الروابط لذلك ، لم تتردد في الانخراط في الفعل النبيل والخطوة الجميلة التي أعلنها الاتحاد ألا وهي المصالحة ، مصالحة وبعيدا عن تفاصيل أجرأتها يجد فيها الفنانون الأصلاء وهم كثر ، حضر بعضهم هذا الحدث وعلى رأسهم محمد الشوبي وسعيد المغربي ومحمد عاطر ونبيل لحلو وميلود وغيرهم ، فرصة لاستعادة أمجاد الفن المغربي بدل المستوى الحالي الذي وصلته الساحة الفنية ، لذلك يعولون بدورهم على عودة توهج الأحزاب الوطنية الحقيقية ، لتمهد للفعل الثقافي الذي يحتاجه شباب المغرب ..
قصة الاتحاد والغيوان قصة أزلية ففي عز سنوات الرصاص كانت ، وأيام كان من يحمل جريدة المحرر يجر للا عتقال ، كانت الغيوان منخرطة في مبادرات المناضلين بحزب القوات الشعبية ، وهنا نستحضر أواسط السبعينات ، عندما قرر الحزب تنظيم يوم تضامني مع شهداء الوحدة الترابية المنافحين عن صحرائنا ، وكان الحزب سباقا لهذه المبادرة حيث أقام حفلا بهذه المناسبة يعود ريعها لبعض أسر الشهداء ، وقد اشرف على تنظيم الحفل جريدة المحرر فكانت الغيوان أول المستجيبين لهذه المبادرة والمباركين لها بل أحيت الحفل بالمجان إلى جانب الثنائي الساخر بزيز وباز ، هذه الفرقة العتيدة التي تعد العنوان الأبرز للفن المغربي كما يعد الاتحاد العنوان الأساسي للفعل السياسي ، لا يمكن إلا أن تشاركه أفراحه كما شاركته معاناته التي كانت من معاناتها كلسان جيل بأكمله ، وكان هو حضنا لها ، التجاوب في حفل المصالحة كان متناغما بين الاتحاديين والغيوان وكأنهم يسترجعون معارك الشموخ التي خاضوها والتي بفعلها ، كسب الشعب انفراجات متعددة ، وكأنهم أيضا يتواعدون على استرجاع الأمجاد التي هي ليست عصية على مناضلين خبروا الآلام والجراح ، بل من رحم تلك المعاناة زرعوا الورود ، بعد مايقارب 46 سنة من ذاك اللقاء إلى هذا اللقاء تغنت الغيوان خلالها إلى جانب جيلالة بشهداء اليسار ، تأتي اليوم لتكون شاهدا على خطوة ضمد الجراح في اتجاه أفق متسع يكون فيه حزب الشعب قاطرة ، لتحقيق النمو الذي تترقبه الأجيال ولعل هذا ما ترجمه مقتطف من كلمة إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي حينما قال :
إن التاريخ الاتحادي ليس ملكا للاتحاديين وحدهم، بل يشكل جزء من تاريخ الأمة، وجذرا من جذور المنظومة المغربية التي جمعت ذات يوم من سنة 1943، المغفور له محمد الخامس ومجموعة من الوطنيين الممثلين للحركة الوطنية. ولذلك، نؤكد أن الإرث الوطني ما زال مرجعا بالنسبة لنا بوصفه رافدا من روافد الحركة الوطنية، وأن كل من يتخيل أن تلك الشجرة التي أعطت الاستقلال لم تعد تثمر، خاطئ كليا.
بهذا النَفَس الوطني، سنتوجه إلى بناء المستقبل، مشددين على أن حقل الخصام واضح: إنه الخصام مع الفقر، والتقهقر الاقتصادي والاجتماعي، مع الفكر اللاعقلاني والتقليد الأعمى، مع طغيان المنطق المالي وانحراف السياسات العمومية” …