Site icon Dade24 – ضاد 24

غياب “شجاعة” الاعتراف بالفشل

#حميد_بنواحمان

فهذا رئيس جماعة حطّم  أرقاما قياسية في ما يخص عدد “الولايات” التي انفرد،  خلال شهورها وسنواتها الطوال، بالتسيير واستأثر بالقرار، وتحت ألوان سياسية مختلفة برموزها المتعددة ، لا يتردد في إلصاق أسباب بقاء منطقة نفوذه الترابي خارج زمن التنمية :  بنية طرقية متهالكة ، مرافق خدماتية  تعاني التردي الفاضح ، فضاءات شبابية وأندية نسوية خارج أجندات “الرايس” ، سوق أسبوعي تفتقر “معروضاته”  للحد الأدنى من الشروط الصحية…، ب” الأصوات المعارضة ”  مدنية وسياسية، هي التي حرمها حتى من حق إبداء رأيها وملاحظتها، ضدا على ما تنص عليه مقتضيات دستور فاتح يوليوز 2011، ومع ذلك فهذه “الأصوات”  هي التي ، حسب  زعم ” الرايس”  غير الرشيد   ، طبعا ، وأنصاره الذين لا يعصون له أمرا ، تقف وراء مختلف “السلبيات” التي حصدتها  الجماعة  وتجرّع  مرارتها السكان في ما يتعلق  بمشاريع النهوض ب”الإنسان” وتمتين دعائم البنيان  !

موقف غريب يزداد “غرابة” حين يعلم المرء أن  “الرايس” ، صاحب الكبوات التدبيرية القياسية ، عاود الكرة من جديد ودخل التنافس الانتخابي الموالي ، وجال الدواوير والتجمعات السكانية، التي تئن تحت وطأة الخصاص التنموي  الشامل ، وفاز ب” الحصانة ” البرلمانية  ، غير آبه  بما “اقترف ”  تسلطه على  مقعد  ” الرئاسة الجماعية “” من اختلالات  ستعيد المنطقة إلى الخلف  لسنوات طويلة ؟

واللافت  أن لصاحبنا  هذا  نظراء  في مختلف  جهات جغرافية البلاد،  لا يعترفون بشيء اسمه “النقد والمحاسبة ” ، كما هو سائد داخل مجتمعات التعاقد الديمقراطي السليم بين الناخب والمنتخب .  فهؤلاء يؤمنون بأن  الحسم الانتخابي لا تتحكم فيه  المرتكزات الديمقراطية السليمة ، بقدر ما  هو مرتبط بالتوفر على “فريق دعم” لا يذخر جهدا  في استغلال  بؤس “البسطاء” بأبشع الوسائل وأخسها .

مسألة غياب الإقرار بالفشل والاعتراف بارتكاب الأخطاء ، ومن ثم تحمّل  المسؤولية بشكل علني لا لبس فيه ولا التفاف ، تطال  مجالات عديدة أكثر حساسية ، حيث لا يتردد ” الواحد” ، من  العينة السالف ذكرها ، في ارتداء لبوس  لكل “مناسبة معينة”، فأمام الكاميرا تسمعه يصرح ب”الأبيض ” من الكلام المؤشر على تثمينه لهذا  القرار أو ذاك ، وحين  يكون داخل  اجتماع حزبي ” مغلق ” تسرب عنه تسجيلات –  يكاد الأمر يتحول إلى  عرف مؤثث لنهاية الأسبوع  !-  يتملص من خلالها  من كل ما سلف وأبداه من تأييد  للخطوة  التي صرح بشأنها  باعتباره مسؤولا ” عاما ” لا ممثلا لحزب معين ، وكأن “المسؤولية العمومية ”  أضحت، حسب مفهوم هؤلاء ، بذلة يتم التخلص من ثقلها  خلال ” الويكند ” ؟

إنها مظاهر ازدواجية  في الخطاب  تدفع  المهتمين ب”نبضات ”  الشأن العام، إلى التساؤل عن  جسامة العواقب المحتملة لهذه النوعية من السلوكات الملتبسة، على القادم من “المواعيد السياسية” ، وذلك استحضارا للمعدلات المقلقة التي سجلها العزوف عن التوجه لصناديق الاقتراع  خلال محطات انتخابية  سابقة ؟

إن غياب خصال الاعتراف بالعجز عن تحقيق الأفضل، وفسح  المجال ل ” الآخر” كي يمتحن قدرته على إحداث التغيير، بعيدا عن “لعبة” خلط الأوراق ذات الفواتير الباهظة،  آنيا ومستقبلا ،  يعد مؤشرا على  مدى تجذر ” سلوكات”  غير سليمة لا يمكن للمتتبع أن يقرأ  معانيها الثاوية دون أن يداهمه الإحساس بالقلق  تجاه  أخطار”المجهول”  المحدق بمسؤولية “التدبير العام ”  .

Exit mobile version