#أخباروطنيات

“عين” ملك

العربي رياض

عندما نمتح من المتن الثقافي والمتداول الشعبي نجده بليغا بلاغة السهل الممتنع يزن الكلمة بميزان الذهب

والشاهد في ذلك استعمال كلمة “عين ” التي تعني لنا البصيرة والرؤية البعيدة وأحيانا الكرم الحاتمي

ولهذا تجد المغربي سعيدا بوصفه “عينو كبيرة”. وصدق رجل حكيم عندما قال: ” الحمد الله الذي حبا المغرب بملكنا” “عينو كبيرة ” عنوان التبصر والرؤية الثاقبة والجود. فلم يبخل يوما على شعبه ولو بهنيهة من وقته من أجل تجسيد الجهاد الاقتصادي والاجتماعي الذي أعلن عنه في خطاب الجرف الأصفر في بداية عهده الزاهر، ودعمه باستنباط المفهوم الجديد للسلطة، ووطد أركانه بآلية التدبير الذي يخاطب المدى البعيد، المدى الاستراتيجي وفق خارطة طريق واضحة معززة بإجراءات محددة تروم تأهيل الإنسان وبناء العمران باعتبارهما خطان متوازيان ومتلازمان

فقد كانت عشرية واحدة ونيف كافية ليدخل المغرب نادي الدول الصاعدة، عشرية كافية لتحقيق الوثبة الارتقائية في مسار الجهاد الاقتصادي والاجتماعي

وما كان ذلك ليتحقق لولا التدبير الملكي السامي لشؤون البلاد والعباد بمنظور استراتيجي تمثل في تبني ودعم ورعاية مخططات استراتيجية في العديد من الميادين وطنيا وجهويا من أجل تحقيق التنمية الشاملة بكل أبعادها البشرية والاقتصادية والاجتماعية كمخرجات والسياسية كمدخلات تحت عنوان كبير هو “بناء مغرب ديمقراطي حداثي “

“تنمية الإنسان وتأهيل العمران” قوام كل الاستراتيجيات. للإنسان الكرامة والحرية والعيش الكريم، وللعمران كل شروط البناء العمراني القمين بتاريخ وحاضر ومستقبل مغرب عرف دوليا بتراثه المعماري الأصيل وانخراطه في المعاصرة بكل تجلياتها وقدرته على التوفيق بين الأصالة والعصرنة في انسجام تام

ويكفي ونحن نودع سنة لنستقبل سنة أخرى لنستدل على أن الرؤية الملكية الاستراتيجية و” العين الكبيرة ” لجلالة الملك محمد السادس تعطي أكلها في كل حين بما تجسد ويتجسد من منجزات

ويكفينا فقط، أن نفتخر بتلك الصورة الناصعة الحضارية وجلالة الملك رفقة ضيفه الرئيس الفرنسي وهما يدشنان انطلاقة القطار فائق السرعة (البراق) والذي شكل   حدثا اقتصاديا بارزا سنة 2018

لقد قال بخصوصه الرئيس المدير العام للشركة الفرنسية (ألستوم) المتخصصة في صناعة القطارات، السيد نور الدين غالمي، أن مشروع خط القطار فائق السرعة الرابط بين طنجة والدار البيضاء سيشجع على ظهور صناعة سككية بالمغرب

وحظي هذا المشروع بمتابعة إعلامية دولية وخاصة من لدن وسائل الإعلام الفرنسية التي وصفته ب «الواجهة الصناعية” بالنسبة لفرنسا والقارة الافريقية

وحدث تدشين “البراق” وهي تسمية ارتضاها جلالة الملك لهذا القطار مستمدة من الحقل التداولي المغربي الأصيل ومن الهوية المغربية بمرتكزاتها الدينية والحضارية، لم يقف عند القطار نفسه بل امتد إلى حدث آخر وهو تشييد صروح محطات في مستوى مغرب الحداثة والأصالة، وفق معايير معمارية حديثة بلمسة فنية مغربية أصيلة

فمن طنجة إلى مراكش أصبح بإمكان المغاربة وضيوفهم من سواح العالم استعمال القطار في ظروف مريحة داخل فضاءات رحبة مبنية وفق أحدث طراز معماري

وبعد البراق اقتنى المغرب 4 طائرات من نوع بوينغ 9-787 وأعطى جلالة الملك

انطلاقة هذا الجيل الجديد من طائرات الخطوط الملكية المغربية، التي ستكون كما قال الرئيس المدير العام للخطوط الملكية المغربية عبد الحميد عدو «قادرة على ربط المغرب مختلف مناطق العالم، لاسيما بكين وجنوب افريقيا وأمريكا الجنوبية، بكيفية أكثر أمانا ونجاعة”

في المنحى نفسه، عرف المغرب تشييد أبراج بالرباط والدار البيضاء بمواصفات ومعايير المدن الذكية بما يجسد انصهار المغرب في الحداثة والانفتاح. هذا الانصهار الذي جعل العديد من التقارير الدولية للمنظمات الدولية ومراكز التفكير والأبحاث والدراسات تشيد بتطور المغرب والتزامه بمعايير التنمية البشرية والعافية المالية والاقتصادية والحكامة السديدة، والنزاهة والشفافية والعدل والحرية والكرامة، والتنافسية الحقيقية، وتوفير شروط الاستثمار، وفوق هذا وذاك الاستقرار والأمن والسلم والسلام

لا نريد أن نقف عند استعراض الأرقام التي تحققت لأن الأرقام مهما بلغت دقتها لا تعكس الواقع، ولا تعكس الطمأنينة والاستقرار الذي ينعم به المغاربة وهم محسودون عليه، ولا تعكس فلسفة النموذج التنموي الجديد الذي بشر به جلالة الملك وأراد، جلالته، أن تكون بلورته وفق مقاربة تشاركية مع كل المكونات المجتمعية

هذه ثمار التدبير الاستراتيجي الذي يخاطب (المدى البعيد) وفق رؤية ” العين الكبيرة ” رؤية استراتيجية التي لا تشمل الشأن الوطني فقط بل امتدت إلى الجهوي والإقليمي والمحلي كما أسلفنا قوله

لقد أصبح التوجه الاستراتيجي يحكم سياسة المدينة، ودليلنا مدينة الدار البيضاء التي تشرفت برعاية جلالة الملك لمخططها الاستراتيجي من حيث إنها القلب النابض للاقتصاد المغربي ورافعة التنمية وطنيا ومن حيث إنها مدينة أريد لها أن تكون ذكية وقطبا ماليا وعاصمة متوسطية وإفريقية وحاضرة ثقافية حتى، بدليل أنها اليوم تتوفر على مسرح كبير لا شك انه سيدخل حوليات الهندسة المعمارية عالميا نظرا لمزاوجته بين الأصالة والمعاصرة، وتوفره على أحدث المواصفات التقنية الدقيقة. وبذلك سينضاف هدا الصرح الثقافي إلى صرح ديني وثقافي هو مسجد الحسن الثاني

وبفضل هذا التوجه الاستراتيجي ستتحول مدينة الدار البيضاء إلى مدينة الأبراج

لكن مع كل دالك آلا يحق لنا أن نتساءل هل استطاع مدبرو ومسيرو سياسة المدينة مواكبة وتجسيد الرؤية الاستراتيجية الملكية؟

آلا يقترض الآن أن نقف وقفة تقييم لتحديد   المسؤوليات طبقا لمقتضى المسؤولية والمحاسبة الوارد في دستور 2011؟

التقييم الحقيقي هو تشخيص المشاكل والاتيان بالبدائل في ملف استراتيجي اسمه تدبير سياسة المدينة التي يتدخل فيها السياسي والتقني، تدخل يجب إن يكون متوازنا لا يتغول فيه السياسي على حساب التقني ولا يصعد فيه التقني إلى برج عاجي على حساب السياسي والإعلامي والمدني

أسئلة تسائل كل واحد منا على منسوب انخراطه الإيجابي في الرؤية الملكية الاستراتيجية

للحديث بقية…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى