نحن المنتمون للإتحاد الإشتراكي من الأجيال الجديدة، معرفتنا محدودة أو لنقل “نقلية” حول ما حدث بين1956 9 و 1995 إلا ما توفر لنا من وثائق في ارشيف الحزب، ومن شهادات نشرها الإعلام الوطني لزعماء كانوا فاعلين أو عايشوا المرحلة
وقد كانت فرصتنا كبيرة في اللجنة العلمية لكتابة تاريخ الاتحاد الاشتراكي التي أحدثها المكتب السياسي لمعرفة أكثر بهذا التاريخ لكن ظروفا موضوعية وذاتية عدة حالت دون نجاح هذه اللجنة
ورغم عدم معرفتنا بتفاصيل ما جرى فإننا نحتفظ بعنوان بارز للمرحلة هو “رفض سلوكات واختيارات التيار المحافظ في حزب الإستقلال” و” التمسك بدستور ديمقراطي وملكية دستورية وفصل للسلط واستكمال الإستقلال”
وفي الحقيقة فإن فكرة الإتحاد تأسست على هذا البعد التحرري كامتداد لحركة التحرير بالمغرب وهو ما منحها مصداقية في مواجهة خصم قوي في شخص نظام ولي العهد مولاي الحسن وفريق عمله برئاسة أحمد رضا اكديرة
وقد زادت الإتهامات والإعتقالات التي مست جزء من قيادة الحزب وعدد كبير من مناضلي ومناضلات الحزب بمناسبة ما سمي المؤامرة الكبرى سنة 1965 وفي المحطات اللاحقة في تحول فكرة الحزب إلى واقع سياسي ضاغط ومؤثر وموجه للجماهير، وتحول معها الحزب وأفكاره إلى تراث لامادي وملك لكل المغاربة
وباختيار استراتيجية النضال الديمقراطي في 1975 نجح الحزب في الانتقال بهويته كامتداد لحركة التحرير تسعى لاستكمال الاستقلال عن المستعمر و كحزب تقدمي يسعى إلى دستور ديمقراطي وإلى ملكية دستورية وفصل للسلط وفصل للثروة عن السلطة، إلى حزب يخضع هذه المنطلقات المؤسسة لمعطى التدافع وموازين القوى وفق مبدأ “التحليل الملموس للواقع الملموس”
وإن بدا أن هذا المبدأ نجح في تحليل جيد للواقع ولموازين القوى، فإنه سيتحول لاحقا تحت ضغط مستجدات كثيرة إلى آلية ليس لتحليل الواقع وتكييفه لتسهيل اختراقه كما أراد له الشهيد بنجلون ورجالات المرحلة ولكن تحول إلى وسيلة لتكييف طبيعة وجوهر الثوابت مع شروط الواقع و تحديد سقف المطالب ارتباطا بذلك
وبناء على ذلك بدأنا نتجه إلى صوت وخطاب جديد للإتحاد يفكر أكثر في حركة الواقع وفي موازين القوى أكثر من تفكيره فيما يجب أن تكون عليه الأشياء وكيف يجب أن تكون، و نتج عنه تباطؤ في الأفق التقدمي للحزب ارتباطا بالواقع الملموس
و منذ 1998 حدثت أشياء كثيرة جعلتنا تحت سقف التحليل الملموس للواقع الملموس، بل ويبدو أن تحليلنا للواقع تأجل تحت ضغط ومشاكل التنظيم وصراع الطموحات و تسرب ثقافة الولاء و الحلقية إلى أن وصلنا إلى وضع صعب اليوم
ما العمل؟
يصعب أن يطرح أي واحد منا جوابا حاسما لكن بإمكاننا جميعا طرح أسئلة مساعدة من قبيل:
هل ابتعدنا قليلا أم كثيرا عن المنطلقات والثوابت؟
هل تأجيلنا لقول الحقيقة كما هي لصالح التحليل الملموس للواقع الملموس جعلنا نغرق في تبرير الواقع والدفاع عنه؟
هل فعلا نحن مقتنعون بأن دستور المملكة ديمقراطي فعلا، وهل اقتربنا من الملكية البرلمانية؟ وهل تحقق الفصل بين السلط فعلا؟ وهل تحقق الفصل بين السلطة والثروة؟
واين موقعنا في علاقة بالمؤسسات الأخرى ملكية وأحزاب ومؤسسات الضغط؟
ما الذي استفدناه من المشاركة في الحكومة؟ وما هي عائدات هذه المشاركة على التنظيم الحزبي وعلى تحميل أطر الحزب المسؤوليات السياسية والتمثيلية لإعدادهم لتحمل المسؤوليات في المستقبل؟ وعلى صورة الحزب لدى الرأي العام؟ وما هي عائداتها الانتخابية؟
أين نحن الآن بالضبط؟ هل وضعيتنا سليمة وصحية أم أن وضعنا مريض ولا نستبق نهاياته؟
لا زلت أقول بأن الوزن السياسي للحزب يشكل مدخلا للفوز و مع ذكاء في التفاوض وبعض من الصمود النضالي حققنا فوزا سياسيا في 2016، ولا زلت مؤمنا بأن هذا الوزن السياسي التاريخي خصوصا قادر على مساعدتنا على النجاح، و مثلما دعونا سابقا إلى حركية شبابية وحركية لأعضاء وعضوات المجلس الوطني في تاطير قوافل في الأقاليم والمدن والدواوير، فإن مصالحة فعلية بإشراك أكبر عدد ممكن من المسؤولين ضروري للمستقبل
وعلى رأس هذه الاقتراحات هناك مقترح اساسي:
إن خطاب الحزب وبرنامجه السياسي لا يجب أن يتماهى مع الواقع كما هو حتى لا يضيع وسط زحمة الخطابات المستنسخة، فتميز الخطاب والبرنامج السياسي الاتحادي ينفرز من منطلقاته وثوابته التاريخية التي أسس لها كامتداد لحركة التحرر الوطني ويستحسن له أن يحييها لمواجهة الواقع
ان الواقع يقول ذلك، فاستقلالنا غير مكتمل بدليل حاجتنا السياسية خصوصا لفرنسا، و الدستور هو محل نقاش واسع وأثبتت التجربة ما يعتوره من نقص، وسقف الملكية البرلمانية لا زال بعيدا، وزواج الثروة والسلطة مستمر ويتقوى
أقرأ التالي
26 مارس، 2023
عبد الواحد الراضي في ذمة الله
15 فبراير، 2023
نصر الله..من صهوة المعارضة البناءة الى معركة ترسيخ الحكامة
20 أكتوبر، 2022
مروان راشدي يطلق النار على شركات التنمية المحلية
زر الذهاب إلى الأعلى