تخلد أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير،هذه الأيام،في أجواء من الفخر والاعتزاز، ذكرى عودة بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس ، من المنفى إلى أرض الوطن، معلنا انتهاء عهد الحماية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال، ومجسدا الانتقال من معركة الجهاد الأصغر إلى معركة الجهاد الأكبر، وانتصار ثورة الملك والشعب، التي جسدت ملحمة بطولية عظيمة في مسيرة الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي؛ من أجل نيل الحرية والاستقلال. وقد لعب مقاومون حقيقيون من أبناء مديونة في فترة الاستعمار الغاشم دورا هاما في مقاومة المستعمر الفرنسي الغاشم ،وقدموا أرواحهم قربانا لنيل الحرية والكرامة، حيث كانت مديونة مسرحا اجتمع فيه المقاومون والمدافعون عن وحدة الوطن، ولم يتركوا المنطقة إلا بعد أن نال المغرب استقلاله. وتوجد عدة وثائق لدى المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، تتحدث عن دور مديونة ورجالاتها في المقاومة، وقد سبق أن تم عرض بعضها بمتحف مديونة المتواجد بالمركب الثقافي، رهن إشارة الدارسين والباحثين، مع عرض الأدوات التقليدية، التي استعملها مقاومو مديونة، في محاربتهم للمستعمر كالخناجر والعصي والبنادق والمعاول والمناجل
من بين هؤلاء المقاومين ؛ هناك الشرقي مهتدي، حسن الخدير،عبد الله قهوي، محمد مشيشي،عمر الدامودي،بوشعيب عزيزي، الجيلالي زويتة….وغيرهم كثير ضحوا بحياتهم لينال المغرب استقلاله، بعد فقدان 1000مقاوم من أبناء هذه المنطقة قدموا أرواحهم فداءاً للوطن
وقد تحدثت العديد من الدراسات واﻷبحاث الجامعية، عن الدور الذي قامت به مديونة، في سبيل نيل المغرب لاستقلاله، حيث قالوا عن مديونة خصوصا المستكشف الفرنسي “جورج ترينكا” على أن أهل الشاوية،ويقصد بهم مديونة والمذاكرة، وأولاد سعيد، وأولاد زيان، وأولاد حدو وأمزاب معروفين بأنفتهم وبحسن تدبيرهم لشؤونهم، وبقدرتهم على التحمل، ويعتبرون أنفسهم عربا أقحاحا رغم ملامحهم البربرية، وبأنهم مجبولون على الجدال، وبحبهم التضحية في سبيل الوطن، ومشاركتهم الواسعة في كل الأحداث التي عرفتها الدارالبيضاء في تلك الفترة، واصفا إياهم أيضا ،بأنهم يولدون من رمادهم بعد كل حرب يخوضونها ليبنوا ما دمرّه العدو وقال فيهم أيضا: بأنهم يدفنون موتاهم لدى أوليائهم وفي زواياهم المختلفة كالزاوية الناصرية والحراقية والفتحية والعيساوية والحمدوشية
وأكدت نفس الدراسات على أن الخليط البشري من أهل الشاوية اللذين استقروا بمديونة ونواحيها، هم من صار يحمل ٳسم “بيضاوة۰” وقالوا على أن مديونة في بداية القرن العشرين، كانت معروفة بكثرة الجنان والأودية كواد حصار وواد بوسكورة ،وتضم العديد من القبائل كأولاد عبو وأولاد حدو وأولاد الدايم والمجاطية ،وبأنها تعرضت للتخريب في ست مناسبات، أهمّها كان التخريب الذي تعرضت له في سنة 1907م وكانت كلّ قبيلة من قبائل الشاوية، تعرف بصفة معينة كأولاد زيان، الذين كانوا يعرفون ب”نقارين الدوم” كناية على الشجاعة، والمذاكرة بالنفخة و”موارد الكلخة” وذلك كناية على الشجاعة، أما “الزيايدة “بواكلين ألكليلة وهي كناية على الاقتناع والزناتيين ب”الجمايلية” لممارستهم التجارة فوق ظهور الجمال. ووصفوا أولاد زيان بتعدد مواردها المائية وبغناها ألفلاحي المتميز،وبأن لها عدة قبائل أهمها “الدروة ومالين العايدي” ،مما يدل على أن للمنطقة نظام اجتماعي مهم، وكان للفرس دور هام في الحفاظ على الموروث الثقافي والمعتقدات الدينية. وأن لأولاد زيان عدة زوايا كانت معفاة من الضرائب،ومصكوك لها بالتوقير،وبأن أهل مديونة يعتقدون بالكرامات مثل كرامة سيدي أحمد بن لحسن وكرامة الجن بمرشيش وكان الفرس من المكونات الأساسية لتدبير هذا المجال الاجتماعي والثقافي وحماية المنطقة من كل مُغير ومُعتد
واعترافا منا لما أسداه هؤلاء المقاومين الحقيقيين من تضحيات عظام،وما أبدوه من شجاعة ومن تلقيهم لرصاص العدو بالصدر العاري، يقتضي على الأقل تخليد أسمائهم ودلك بإطلاقها على الأزقة والشوارع ومختلف المرافق العمومية والاجتماعية والثقافية، تليق بمستوى ما بدلوه ،هذا أقل ما يمكن فعله حتى وٳن كان هؤلاء،وأسرهم،وذويهم يستحقون منّا الكثير. على الأقل تحسين وضعية أسر المقاومين بمديونة وغيرها عبر الزيادة في التعويض الإجمالي،ومنحة المعاش والبث قدر المستطاع في الطلبات المقدمة من أعضاء أسر المقاومين ،وإعداد مشروع للدعم يساهم فيه الجميع، والاعتماد على تمويل عائدات مربعات أسواق الجملة، وذلك بهدف الاستجابة لكل مطالب أسر وعائلات المقاومين وأعضاء جيش التحرير،التي تعاني الفقر والحرمان، بينما عائلات الخونة ممن تسللوا إلى بطائق المقاومة، يعيشون في بحبوحة من العيش الكريم