إعلام وفنونالرئيسية

تارا المعلوف ل “ضاد 24”: أتشوق لأغني الأوبرا بأي لهجة عربية

الفنانة والمبدعة اللبنانية الآنسة تارا المعلوف هي تلميذة المغنية الأوبرالية الروسية المشهورة السيدة ڠالينا خالدييڤا في المعهد اللبناني الوطني العالي للموسيقى الكونسرفاتوار، وقد حازت على شهادة عليا في الغناء الغربي الأوبرالي سنة 2012، حاصلة على الإجازة في علم النفس سنة 1997 ودبلوم دراسات عليا في التمثيل والإخراج من الجامعة اللبنانية سنة 2004، حيث تخرّجت في المرتبة الأولى. أكملت الماستر في الفنون المسرحية والإخراج المسرحي في جامعة الروح القدس الكسليك (USEK) بشرف وتميّز سنة 2012. وتم تكريمها في الإمارات العربية المتحدة لجودة رسالتها في الماستر، بعد أن اختيرت لتمثيل بلدها هناك، مع ثلاثة تلاميذ آخرين من البلاد العربية، كما طبعت الإمارات ونشرت رسالتها على شكل كتاب. وهي الآن تكمل الدكتوراه في الفن وعلوم الفن في الجامعة اللبنانية. تعلم في جامعة سيدة اللويزة (NDU) منذ سنة 2006 كل أنواع الفنون من» تمثيل وفنون العرض» وعلاقة الفنون بالموسيقى» و»علاقة الفنون بالحضارات والثقافات»، والغناء الكلاسيكي الأوبرالي» والغناء الحديث» و»الغوسبل» (gospel) بالإضافة إلى تنمية وتطوير الشخصية وتخطي الخجل والخوف

سجلت تارا المعلوف في إيطاليا 6 أغاني أوبرالية للمؤلف المعاصر فابيو أنتونيلي وثنائي أوبرالي حديث مع المغني الإيطالي رينالدو تزولياني عنوانه «يا أرضي المقهورة»، يصف عذاب المهجرين الذين يجبرون على ترك أرضهم في كل العالم

غنت تارا المعلوف ب17 لغة في عدة مناسبات، كما تكشف في هذا الحوار مع موقعنا ” ضاد 24 « ، وهي عضو في الاتحاد اللبناني البرازيلي وعضو مؤسس ومشرفة فنية ومسؤولة عن البلاد العربية وقسم الغناء في مؤسسة  Borderless Harmony  «تناغم بلا حدود» الألمانية التي هدفها السلام وتواصل ثقافي فني بين البلدان

أجرى الحوار: جلال كندالي

  • أنت تلميذة المغنية الاوبرالية الروسية الشهيرة غالينا خالدييفا، ماهي الأشياء التي تعلمتها من هذه الفنانة القديرة؟
  • من حسن حظي أن حياتي الفنية بدأت مع السيدة غالينا خالدييفا الفنانة الأوبرالية الروسية العريقة المشهورة التي كانت دوماً سنداً لي ومثالاً أعلى في مجال الأوبرا. وقد شجعتني كثيراً واهتمت بي لرؤيتها أن لدي موهبة وطاقة كبيرة وصوت نادر وشغف لا مثيل له للغوص في هكذا مجال استعراضي خاصة وأني أصلاً ممثلة ومخرجة وعالمة نفس وأستاذة لكل أنواع الفنون مما يساعد على امتلاك هذا النوع من العمل الفني بشكل جيد وإحاطته من كل الجوانب. درست معها مدة11 سنة وكانت سنوات مكثفة مليئة بالتمارين والمئات من الأغاني والجهد الخاص والتعب والضحك والفرح والمحبة، كنت أرتشف منها النصائح والملاحظات والثقافة الفنية. ومن حسن حظي أن شخصياتنا كانت بتناغم تام وهذا جعل العمل سوياً أجمل بكثير. تعلمت من معلمتي أنه إن كنت أريد احتراف فن ما على أن أركز عليه وأدرسه لسنوات طويلة بصبر وأخمر التقنية والمعلومات لأصبح محصنة بسلاح يدعمني في كل حفلاتي رغم كل العوائق التي تظهر خلال تحضير الحفلات أو خلال أدائها على المسرح. فهي مثلت الآلاف من المسرحيات الأوبرالية مما أكسبها خبرة كبيرة في هذا المجال. وقد تعلمت منها ايضاً أن مجال الاستعراض فيه الكثير من الغيرة وقد تحصل الكثير من المشاكل بسبب هذا الشيء وأخبرتني عن كل المشاكل التي تعرضت لها هي في حياتها الفنية ونصحتني بأن أمشي قدماً ولا أهتم لتلك الأذيات لأنها ستؤخرني في حياتي الفنية وتحبطني. طبعا كنت أصلاً في مجال علم النفس والمسرح والتمثيل والإخراج وأعرف هذا الشيء إنما كل نصائحها أتت في مكانها لتحصنني وتجعلني أقوى
  • هل شعرت أنه ينقصك شيء من التقنية لتقومي بورشات عمل خارج لبنان مع أساتذة آخرين؟
  • منذ أول لحظة بدأت تعلمني فيها كانت تحرص على أن أتعلم كل أسرار التقنية الصحيحة وهذا ما لم أره عند الأساتذة الآخرين، بحيث أن تلاميذهم بقيت لديهم ثغرات منعتهم من إتقان الغناء بشكل جيد واضطروا إلى السفر إلى الخارج لامتلاك التقنية أكثر. طبعاً أنا محظوظة أني حصلت على هذه المعلمة الروسية التي أتت إلى لبنان ولم اضطر إلى الذهاب والسفر إلى الخارج لأحصل على ثقافة وتقنية جيدة. وأنا محظوظة جداً أنها أخذتني تحت جناحيها واعتبرتني كابنتها وعلمتني حتى كيف أعلم تلاميذي. وقد تأكدت من جودة ما تعلمته من معلمتي عندما كنت أسمع من أساتذة آخرين عالميين، أو من قائدي اوركسترا عالميين عملوا معي، مدحاً لتقنيتي وخامة صوتي النادرة، وهذا ما جعلني أطمئن أنّ ما تعلمته مع أستاذتي كان حق الصواب
  • سمعنا أنه لديك قدرة فريدة في إصلاح أصوات تمزقت وطريقة غير اعتيادية في التعليم؟
  • طبعاً أضفت فردانيتي في التعليم على ما علمتني إياه أستاذتي وابتكرت طرقا جديدة لتعليم التلاميذ أتت بنتائج مذهلة، إذ أنا عالمة نفس وأستاذة لكل أنواع الفنون ومنها الإخراج والتمثيل وطريقتي فعلاً مرحة وغير اعتيادية وتأتي بنتائج أسرع وأفضل. إنما لا أنكر فضل أستاذتي على شعوري بثقة تامة عندما أؤدي على المسرح أي أغنية أو عندما أعلم تلاميذي وأعطيهم أي نصيحة. وأشكر الله أن لدي أذن تلتقط أية شائبة وقد طورتها على السمع الدقيق واستباق أي خطأ أو عطل في الأوتار الصوتية لدى تلاميذي أو بداية مرض عندهم لكي أحميهم من تمزيق أوتارهم وأجنبهم آلام ومشاكل في الصوت والحنجرة هم بغنى عنها. وامتزت بقدرتي النادرة على إرجاع أصوات كانت ممزقة ولا أمل منها وإعادة تأهيلها لتكون صالحة مجدداً للغناء
  • كيف ولجت هذا العالم الفني ولماذا الغناء الأوبرالي بالضبط؟
  • طبعاً منذ صغري كنت أغني في الكورال في المدارس وأغني أيضاً إفراديات وأرتل في الكنائس. أما لماذا الأوبرا بالتحديد، فالسبب الأساسي يعود إلى اللحظة التي كنت فيها على المسرح أؤدي دور فكاهي مضحك جداً وأقلد بافاروتي المغني الأوبرالي الإيطالي المشهور، وكنت نحيلة جداً كما أنا الآن. ومع خروج صوت مني تفاجأ الجمهور وبدأ بالضحك أكثر لأنه لم يعتد على صوت قوي هكذا يخرج من جسد نحيل كهذا. وبعد أن مسح أستاذي في المسرح دموعه من الضحك، قال إنه على أن أدخل معهد الموسيقى العالي لكي أتعلم الموسيقى الغربية الأوبرالية. وقد شدد على الأوبرا قائلاً إن كل اللبنانيين يدرسون الموسيقى الشرقية ولكني أتفرد بصوت لديه قدرات أوبرالية يمكن أن يتخطى لبنان إلى العالمية
  • ماالفرق بين الغناء الأوبرالي الغربي والغناء العربي الشرقي؟ وبصيغة أخرى ماذا يميزهما عن بعضهما البعض، أم أن الأمر مرتبط باللغة التي يتم بها الغناء فقط؟
  • الغناء الشرقي يعتمد على زخرفة النوتات والكلمات والعرب المدروسة لإبراز جمالية الصوت ومدى الصوت لا يتعدى العشر نوتات أو 12 نوتة في بعض الأوقات. أما الغناء الأوبرالي فهو يعتمد على تقنية في الغناء من البطن تكبر الصوت وتجعله يصل إلى مدى بعيد. ومدى الصوت فيه يمكن أن يصل إلى 19 نوتة وتحتاج هذه التقنية إلى سنوات عديدة من الدراسة لتصبح ثابتة. تعتمد على جعل الصوت ينساب من النوتات المنخفضة إلى المتوسطة إلى العالية جداً بطريقة سلسلة تريح الأذن دون أن يلاحظ المستمع فرقاً في الصوت. وفي الغناء الأوبرالي طبعاً هناك ايضاً زخرفة كثيرة وصعوبة قصوى في بعض الأحيان لأداء النوتات السريعة أو القفز من نوتة منخفصة إلى عالية جداً أو بالعكس. ويمكن ان تغني الأوبرا في أي لغة تريد. أي في النهاية لا دخل للغة لتحديد نوع الغناء بل التقنية هي التي تلعب دوراً في تمييز النوعين، فالشرقي ميزته الزخرفة والغربي ميزته مدى الصوت. وغناء الأوبرا باللغة العربية لا يختلف عن أي لغة أخرى. وفي أي لغة كانت الأوبرا، على المؤلف أن ينتبه إلى النوتات العالية أن يكثر من أحرف العلة التي تحمل اللحن وتوصله للجمهور لأن المستمع لن يفهم ما يغنيه المغني على طبقات مماثلة إلا إذا كانت أحرف علة ممدودة. وعليه تجنب أي حرف يقطع اللحن مثل الخاء وغيرها من الأحرف التي من الصعب ان تكون سلسة في الغناء
  • لماذا ولدت التقنية الأوبرالية؟
  • في البداية كانت الحفلات في أوروبا تقام في القصور وكانت الغرف متوسطة الحجم أو صغيرة وكان الجمهور الأرستقراطي الأوروبي يستطيع سماع صوت المغني بسهولة. ولكن عندما بدأت الأوبرا تتجه إلى جمهور أوسع والطبقات المتوسطة، بنيت المسارح الكبيرة لتسع جمهوراً أكبر واضطر المهندسون إلى دراسة الصوت وتردده في الصالة وبنيت الصالة بشكل يسهل إيصال الصوت. إنما بسبب كبر الصالة وعدم وجود مكبرات للصوت آنذاك اضطر المغني أن يطور تقنية تكبير الصوت حسب فتحة الفم معتمداً على الغناء من البطن ليرن الصوت داخل الرأس ويوصله بعيداً إلى آخر الصالة
  • بكم لغة تغنين؟ وكيف ولد هذا الحماس لتعلم اللغات؟
  • غنيت إلى الآن ب 17 لغة وأطمح لأصل إلى عدد أكبر من اللغات، فهذا شغف كبير عندي. وأعتقد أن محبتي للتواصل مع الآخرين واكتشاف الحضارات والثقافات الأخرى والتعرف عليها في العمق جعلتني أتشوق للفظ اللغة التي تريح الآخر بشكلٍ جيد حتى يفهم أكثر ويشعر أني أحاول أن أفهمه وأن أجد نقطة مشتركة بيننا للتواصل
  • لديك إجازة في علم النفس ودبلوم دراسات عليا في التمثيل والإخراج والماسترز في الفنون المسرحية والإخراج، إلى أي حد حددت هذه الأشياء شخصيتك الفنية؟ وكيف ولد لقبك سفيرة السلام من خلال الموسيقى؟
  • دون علم النفس والتمثيل لا يمكن لمغني الأوبرا أن يبرع. فالوقفة على المسرح تحتاج إلى الخبرة والحضور الواثق وإيصال المشاعر والتقنية وفهم معنى الأغنية ولعب الدور وأدائه بطريقة صحيحة والابتسام للجمهور رغم أي ألم نمر به إن كان روحياً أم جسدياً. وهذا ما أحاول تعليمه لتلاميذي ليكونوا أقوياء على المسرح. طبعا أنا درست علم النفس لمحبتي للآخر ومحاولة مساعدة من يحتاج إلى دعم ومساعدة معنوية. وكل تعليمي للفنون ارتكز على إراحة التلميذ من خلال الفنون وعلاجه ليحل مشاكله وينسى همومه ويجد ما يمكن أن يجده من السعادة في حياته. ومن هذا المنطلق بدأت مسيرتي الفنية التي تستند على قضايا إنسانية دائماً ومحاولة لمساعدة الآخر وتسليط الضوء على حالات إنسانية ومؤسسات تحتاج للمساعدة، ومؤتمرات سلام وأعمال خيرية كثيرة، وتواصل مع السفارات أدت كلها إلى إطلاق البلدان والناس على لقب سفيرة السلام من خلال الموسيقى. فقد رأوا أني لا أطمح للنجومية بل لنشر المحبة والابتسامة في قلوب الناس وعلى وجوههم وقد لمسوا ذلك شخصياً وفهموا شخصيتي التي لا تسعى إلى جمع المال بل إلى إيصال صوت من يحتاج إلى إيصاله إلى العالم اجمع. وأتت معي الموسيقى كوسيلة أو لغة عالمية ساعدت على الجمع بين كل تلك البلدان والثقافات
  • ماهي مشاريعك المستقبلية؟
  • مشاريعي كثيرة وتشمل كل بلدان العالم، وإن شاء الله سوف أزوركم في المغرب أيضاً. لا أرى أي حدود تعيق مشاريعي. عندما أصمم على شيء ما أحققه دائماً وكل البلدان التي غنيت فيها لاقيت فيها إعجاباً وتقديراً من الجمهور والحمدلله. طموحي هو أن يعرف العالم أن لبنان أو أي بلد عربي ليس بلدا إرهابيا بل هو بلد يمكن ان يحتوي على مواهب كثيرة وثقافة كبيرة. وأريد أن أظهر للعالم صورة لبنان الراقية وأريهم أننا يمكن أن نبرع بشيء ابتكره الأوروبيون وربما نكون أفضل منهم في بعض الأوقات بشيء ابتكروه هم. وأطمح إلى إيجاد تواصل مع العالم أجمع وزرع الابتسامة في كل أرجاء العالم
  • أصبح اليوم هناك أسماء تتصدر المشهد الغنائي دون أن تكون لها موهبة حقيقية، فقط تعتمد على الشكل والصورة، كيف تنظرين إلى هذه الظاهرة؟
  • في الإجمال أرى أن العرب يقلدون الغرب الذي تدنى مستواه بشكل كبير، ظانين أنه المرجع الأول ويجب أن نتمثل له. تدني المستوى يعود إلى فكرة النجم من ليلة إلى ضحاها. تدخل في مسابقة وتنجح بسرعة وتصبح مشهوراً دون دراسة أي تقنية. لن يعود المستوى إلا عندما يفهم الناس أن الغناء الراقي يتطلب سنوات من الدراسة والثقافة،لا تحتمل الأوتار الصوتية الجهد الكبير دون تقنية. لذا أشهر المغنين في أيامنا هذه الذين لم يدرسوا أي تقنية، مثل «ادال» التي يراها الشباب المثل الأعلى، مزقت أوتارها وخضعت لعمليات كثيرة لتستعيد صوتها وتصلح أوتارها. طبعا دون تقنية لن تعود أوتارها إلى سابق عهدها، وستظل تعاني من تمزق فيها. هذا ما أحاول إفهامه لتلاميذي وأعلمهم أن الطريق الصحيحة لن تؤدي إلا إلى النجاح. فالمغني الجيد لا بد أن ينتبه إليه الناس
  • أما بالنسبة للذين يعتمدون على عمليات التجميل واللباس الخليع لتغطية صوتهم الرديء، وتصحح وتصطنع أصواتهم في الأستوديو مع فبركة العرب والزخرفات ورنة الصوت، فلا يستطيعون غناء في أي حفلة مباشرة وإلا يهرب الجمهور. هذه ظاهرة سائدة تعتمد على بيع وشراء أجساد ودفع أموال للوصول إلى الشهرة. لا يمكننا مقارنة هؤلاء بمغنٍ مدرب ذي تقنية. إن سمع الجمهور صوتا جميلا ورأى لباسا راقيا جميلا وحضورا مميزا لا يمكن إلا أن يفضله على الرديء، إن قدمت للجمهور مستوى أعلى، يعلو مستوى ذوقه وثقافته. وأنا لدي أمل بأن الأمور ستتحسن بإذن الله
  • هل تفكرين في خوض تجربة الغناء باللهحة المغربية؟
  • سبق وغنيت الكثير من اللهجات في مختلف اللغات الأجنبية حتى غنيت باللغة الأمازيغية القبائلية ثنائي مع المؤلف والمغني الجزائري السيد شريف حمدان وأنا أتشوق لأغني الأوبرا بأي لهجة عربية، فقد غنيت إلى الآن بالفصحى وباللهجة اللبنانية، وهناك مجال لأي لهجة أخرى طبعاً، ويشرفني أن أكون أول لبنانية تغني الأوبرا باللهجة المغربية. وفي النهاية ا أشكركم على هذه المقابلة الجميلة التي تظهر مدى ثقافة بلدكم ورقيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى