لا يكاد يطوي العام صفحات أيامه وشهوره دون أن يغتني “القاموس الشعبي” المتداول في أغلب الحواضر والمداشر المغربية، بعشرات الأسماء ، القادمة من خارج الحدود ، والتي تمتح مرجعيتها من ميادين و مجالات متعددة : رياضية ، فنية ، اقتصادية و”سياسية” .. ، وذلك كتعبير عن ذروة “شعبيتها ” – إيجابا أو سلبا – جراء حضورها المستديم إعلاميا، عبر كافة أصناف التواصل، وبمختلف الألسن واللغات . أمر من المؤكد أنه لا يدخل في خانة الجديد من الأشياء ، ويندرج في سياق ترجمة مقولة ” العالم قرية صغيرة ” على أرض الواقع ، لكن اللافت ، أحيانا ، والذي يشكل مدعاة للتأمل والسؤال ، هو إلباس بعض الأسماء “المستوردة ” لبوسا ذا حمولة مناقضة تماما لما يؤشر عليه الإسم في الأصل . لنوضح أكثر . فهذا اسم ” #ميسي ” ، كنموذج فقط ، لاعب كرة القدم “الاستثنائي”، ومحطم الأرقام القياسية على المستطيل الأخضر، أضحى ، وبغير استئذان ، محشورا داخل لائحة ل” #المفرقعات “، و التي “تعيث رعبا ” داخل الأحياء السكنية بمدن وقرى جغرافية البلاد . لائحة “سوداء” بتداعياتها السلبية المدمرة، خلافا لما توحي به لوائح “البياض” والتألق التي اعتاد تصدرها، بكل جدارة واستحقاق ، منذ خطوه الأول في عالم الكرة ؟ ميسي ” #نيوكامب ” الرائع والممتع، تحول ، بقدرة قادر ، إلى “ميسي #درب_عمر ” المروع والمفزع. “ميسي الأفراح “هناك، أضحى هنا “ميسي الأتراح “. ميسي البهجة والسرور، الذي تتهافت كبريات الشركات العالمية لنيل رضاه من أجل الترويج لمنتوجها ، والذي تباع أقمصته، الأصلية لا المقلدة، بأغلى الأثمان في أشهر المحلات المتخصصة المنتشرة في أحياء “أرقى” العواصم ، بات – في ظل واقعنا المليء بالمفارقات والمتناقضات – حاملا لتسمية صنف من المفرقعات ، يسفر تداوله العبثي عن كل أنواع الأذى والإضرار بوجهيهما المادي والمعنوي. ميسي، الذي تستنفر شرطة مطارات العالم لحمايته من “مضايقة” ملايين المعجبين والمعجبات أينما حل وارتحل ، صار، بفعل الأخطار التي ينشرها “ميسي درب عمر” ، مصنفا ضمن قائمة “الممنوعات”، التي تسابق الجهات الأمنية المختصة، الزمن في أفق وضع حد لانتشارها والقبض على مروجيها. ميسي، الذي قال النجم البرتغالي #لويس_فيغو ، بشأن الآثار الناجمة عن التفرج على كيفية مداعبته للكرة ، “إنها تجلب للمرء سعادة استثنائية ” ، بات اسمه مقرونا بمفرقعات تسبب ” ذعرا استثنائيا ” . ميسي ، راسم الجمال، الذي دفع عددا من المحللين الرياضيين – حقيقة لا ادعاء – واختصاصيين في “علم الصورة ” ، إلى اعتبار مشاهدة فنياته الفريدة نوعا من العلاج النفسي، ولحظة استرخاء لنسيان ضغوطات “المعيش اليومي ” بتجلياتها المتباينة، استحال ، نتيجة جشع بعض “تجار المحظورات” بسوق “درب عمر” بالدارالبيضاء وغيرها من المدن ، إلى راسم ل ” القبح ” وأسباب الأرق والتوتر . هو ، إذن، وضع مفارق – بكل ما تحمله الكلمة من معنى – ينطبق على أسماء أخرى لم تسلم رمزيتها الأصلية ، أيضا ، من “المسخ ” والتحريف ، ضدا على ما تشير إليه تحت سماوات أخرى ـ كما هو حال اسم رونالدو – أشرس منافسي ميسي على صعيد العطاء المتميز فوق أرضية الملاعب! – والذي جعله “القاموس التجاري ” العشوائي عندنا منافسا ل ” ميسي” في ميدان “المفرقعات” واهتزاز المنازل الآمنة على وقع دويها المرعب، هو الذي اعتاد على هز المدرجات تصفيقا وفرحا ب” أهدافه ” الحاسمة ؟ وضع يطرح – بلاشك – أكثر من تساؤل ، سوسيولوجيا ونفسيا ، بخصوص عوامل ومسببات “التعامل السلبي”، الذي غالبا ما يرافق التداول اليومي لأسماء عالمية شهيرة ، داخل أحياء شعبية و غيرها ، يحيل سماعها هناك على “الضوء” والتفاؤل، في وقت يصير ترديدها هنا ، في أحايين كثيرة ، موازيا ل ” الظلام “والتشاؤم؟ ترى أين يكمن الخلل ؟