كلما قمت بإطلالة على جدول أعمال دورات مجلس المدينة أصاب بالدواخ ، واشك هل أنا بصدد مجلس يدبر أمور ما يقار خمسة ملايين نسمة أم انا بصدد وكالة عقارية همها تفويت الأراضي والعقارات على قلتها في عاصمة الإسمنت ، معظم جدول أعمال هذه الدورات تجدها مليئة بتفويت الأراضي إما للخواص أو لمؤسسات عمومية وكأن الجماعة الحضارية قاصرة وعديمة الاجتهاد في تحويل هذه الأراضي الى منشآت تعود بالنفع على الساكنة وشبابها كما تعود بالنفع على خزينتها المالية ، بغير قليل من الملل تقرأ جدول الأعمال هذا وبالمناسبة لا أنصح الناس بقراءته لأنهم لن يجدوا أنفسهم وأحلامهم فيه ، فهو كالطلاسيم لا يفهم شيفرة أغراضه إلا الراسخون في ” علم ” أحاجي العقار…تقرأ جدوا الأعمال وتجد نفسك تسبح في بحر من الأراضي والعقارات ذات الرسم العقاري كدا وكدا لاقبل لأحلامك الصغيرة بها ،لا تعلم أين تقع وما خلفية إمدادها للغير وقد تهوى من الضحك إذا انقشع أمامك أحيانا بصيص من الضوء وعلمت أهداف التفويت الذي نقيم من أجله دورة ب 175 مستشارا بلوجيستيك ثقيل وتبديد للمياه المعدنية والسكر والشاي والنعناع والحلوى والكاغيط وكلينكس والأقلام والبن وتحريك للمصالح الداخلية والخارجية
أمام كل هذا الضرر الاجتماعي نجد المدبرين يناقشون في اللجن لساعات طوال وبجدال غير متناه قطعا أرضية في ملك الجماعة لفائدة الغير بدون الحصول على مقابل تستفيذ منه الساكنة ،التي تعاني مشاكل عدة ومتشابكة ، كما وقع بالنسبة لنقطة تتعلق لتفويت أرض توجد بتراب سيدي بليوط بشارع آنفا تحديدا وقرب منطقة آهلة بالفنادق ، تبلغ مساحتها حوالي 1400 متر مربع قرر المدبرون تفيتها لوزارة الأوقاف لبناء مسجد ، رغم أن مسجد الحسن الثاني قريب منها وهناك يسمح ببناء 15 طوابق ، هذه النقطة عرفت جدالا مطولا حيث هناك من الأصوات من اقترحت ببناء المسجد قرب حديقة الجامعة العربية لأن هناك أراض متوفر كما أن الموقع يسمح لأعداد كبيرة من الناس ليأموا المسجد ،وفي المقابل ، استغلال تلك الأرض في مشروع تنموي لفائدة الشباب وغيرهم تطبيقا وتنفيذا للبرنامج التنموي الذي خطته الجماعة ولم ينفذ منه بند واحد ، علما أن قيمة العقار في حال الاستثمار فيه ستبلغ 32مليارا بالسنتيم الكامل سيستفيذ منه عامة الناس ..هذا الجدال أخذ من النقاش حيزا زمنيا مهما وتم تبادل الاتهامات بخصوصه بين مؤيد ومعارض ،وتقرر في الأخير تفيويته لوزارة الأوقاف
ما يهمنا أن جدول الأعمال فارغ من أي نقطة تقترب من مصلحة الإنسان البيضاوي بشكل مباشر، لأن جدول الأعمال غرق في مصطلح العقار والعقاري والقطعة الأرضية حتى أخمص الورقة التي تضمنت 26 نقطة دكر منها مصطلح العقار والقطعة الأرضية 21 مرة ، ليأتي بعد ذلك دور تفويتات أخرى هذه المرة تتنازل الجماعة عن تدبيرها المباشر وتفوته لشركتين للتنمية ستحدثهما ينضافان الى الشركات السابقة ، ثم التصويت على الميزانية وتوزيع مناصب تمثيلية لبعض الأعضاء في بعضالهيئات والمؤسسات بمقابل طبعا
ونحن نتحدث عن التعويضات لابد أن ندكر بأن اعضاء مكاتب الجماعة الحضرية للدارالبيضاء واعضاء مكاتب المقاطعات تصل تعويضاتهم في الولاية الواحدة 12 مليارا بالتمام والكمال ، تدخل ضمنها هواتف لاتقل عن 8000 درهم والوقود والسيارة مع بند خاص لم يسبق أن جرى تفتيش بخصوصه ، يتعلق بالاستقبالات يصل الى 300مليون في السنة أي مليار و800 مليون في الولاية تتنفع منه بعض الفنادق والمطاعم والمخبزات دون أن يدكر أي مسؤول كيف يتم اختيارها وتلك حكاية أخرى من الريع..كل هذه المصاريف تصر لصرف النقاش حول تفويت العقارات والأراضي