تقرير: أحمد طنيش
استهلال:
احتفت البيضاء بالمسرح ومع المسرح، خلال زمن المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، من 23 إلى 28 يوليوز 2022، وعلى هامش المهرجان وفي عمقه وبعده فتحت عدة نقاشات وحوارات في لحظات مهرجانية مختلفة بدء من الإعلان عن المهرجان تاريخا وشعارا تم في زمن الندوة الصحفية، وفتح النقاش العام أكثر خلال المعتاد المهرجاني، في لحظات انتظار العروض المسرحية إما في فضاء المسارح أو الفضاءات العامة التي إلى أغورا، أو في فضاءات المحترفات تبعا لباقي اللقاءات الجانبية هنا وهناك، ومعظم الآراء والأفكار مارست التقييم ورصد الذكريات واستحضار النوستالجيا، بل حضر حتى النقد والنقد الآخر وتم إصدار أحكام قيمة وأخرى موضوعية، ووضعت لائحة من المقترحات والتصورات والأحلام والأماني، لكون المهرجان أصبح شأنا عاما ليس وطنيا فقط بل عالميا، وصلني صدى التقييم ومقترحات التقويم والبعض منها كنت طرفا مشاركا، ولحظات أخرى كان زملائي وأصدقائي مثيرين لها، وفي خضم هذا الحراك الفعلي التواصلي والرصدي والتقييمي لجأنا إلى بعضنا البعض واستنطقنا الذاكرة نسأل عن هذا العرض المسرحي وذاك، تذكرنا دهشة اكتشاف إبداع إفريقيا بتعددها واختلافها وتنوعها ورومانيا والمكسيك واسبانيا مع “تيناخا” والهند وأمريكا مع أفريد كورشاك، و”مستر بوفو” لدايفو الذي فاز بالجائزة الكبرى للمهرجان وتزامن ذلك أن حصل دايفو بعد أشهر قليلة على جائزة نوبل للآداب فكتبت عنه الصحافة الدولية، (الدار البيضاء تتوج دايفو قبل ستكهولم)، كما تذكرنا أسماء وإبداعات عالمية كثيرة، وتذكرنا لحظات نقاش وتكوين في ورشات المهرجان وتفاعل المحترفات عبر جامعات المغرب التي كانت تستعد طيلة السنة لحضور العرس المسرحي العالمي، المتمثل في المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، نذكر منهم جامعة أكادير مع ذ.عمر حلي، وذ.عز الدين بونيت، ومن جامعة بني ملال رشيد الدواني، ابن المسرح الجامعي وجيله الأول ومن كلية قنيطرة ذ.يامنة بن عبو، ومن جامعة مكناس نتذكر الرواد وضمنهم المرحوم محمد الكغاط، الذي حضر بعروض مسرحية في المهرجان ومثل لجنة التحكيم وفي ندوات محورية ومعه نتدرك بفخر واقتدار جيل المسرحيين المؤسسين المرحوم أب المسرح المغربي وعراب البحث العلمي في المسرح والمترافع عن الدرس المسرحي في الجامعة المغربية المرحوم أبا حسن لمنيعي، مرورا بالرموز الكبيرة مثل ذ.عبد الكريم برشيد، وذ.المسكيني الصغير، والمسرحيين الكبيرين الطيب الصديقي وعبد القادر البدوي رحمهما الله، واللائحة طويلة تضم سلسلة ممن تفاعلوا وساهموا وتكرموا، كما تستحضر الذاكرة التأثير والتأثر الذي مارسه المسرح الجامعي على المسرح المغربي بل حتى على الجغرافية الإبداعية في العالم من خلال طلبة الجامعات وشبابها الذي تلاقحوا فأسسوا دينامية ساهمت في تحولات المسرح عبر العالم من مدخل المسرح الجامعي، وهذا رأي وشهادة تلقاها المهرجان الدولي للمسرح الجامعي من أسماء وفعاليات وطنية وعربية دولية.
يبدأ المهرجان من لحظات استقبال الوفود من المطار حيث يتوافدن تباعا، ويغادرون في أوقات مختلفة، ويشرف على هذه العملية عرابها السيد عبد اللطيف اجبيلي بمساعدة طلبة، وبسائقين ووسائل نقل بدعم من مقاطعات حضرية.
النقاش الذي كان محوره المسرح الجامعي بل المهرجان الدولي للمسرح الجامعي، نعتبره تفاعلا منتجا وأرضية لتوثيق منتظر بين المهرجانيين القدماء منهم والمحدثين والمتتبعين من فنانين وصحفيين مغاربة ورواد المسرح الجامعي خلال العقدين الأخيرين وحتى الجيل المؤسس أو الشاهد الزمني عن المراحل العقدية الثلاث، وحتى بين من اكتشف هذا المهرجان ومن يتساءل عن تاريخانيته من مغاربة وعرب وأجانب، لكن المشترك بين كل هذه النقاشات هي تلك القيمة الاعتبارية لهذا الحدث العالمي الذي يمارس ديبلوماسية ثقافية موازية ويعتبر مؤتمرا فوق العادة تتكسر في حضرته الحدود الجغرافية والجنسية والعقدية، وتغيب كل الخصوصيات والمحليات ويحضر فقط المسرح باعتباره فنا كونيا يخاطب فينا المرجع الإنساني ويخاطب الجوانيات ويخاطب البصر والروح وهو يمارس ضمنيا الرجع الزمني لكونه ميراث إنساني وحاضر فني وبشري ومستقبل له رهاناته ومنتظراته كما له تحولاته..
من المسرح إلى المسرح:
قدم لنا المسرح الكلاسيكي، كل المسرح، بدء من جانبه الروحي والطقوسي مرورا بباقي الجوانب الإحتفائية منها والدرامية، من تم نستحضر النصوص التاريخية والشعرية والفلسفية تحديدا، بل إن كتاب البيوتيكا (فن الشعر) لأرسطو، كان واضحا وصريحا؛ إذ أدرج المسرح ضمن الشعر، وعليه بقي المسرح يجنح إلى ما هو شعري وشاعري، كما قدم لنا المسرح الكلاسيكي بمدارسه واتجاهاته وأعلامه كل الطقوس المسرحية خصوصا في زمن العرض في الفضاء الدائري أو في العلبة الإيطالية، أو في أشكاله المسرحية المرتبط بالجانب الأنتربولوجي عبر العالم ومنها نموذج الحلقة، لذا فقد أطرنا المسرح الكلاسيكي وقدم لنا البناء الكامل الذي من الممكن أن نمارس عليه الهدم وإعادة البناء أو التجاوز لذا نستلهمه في لإبداعاتنا ونوظف مصطلحاته ووحييه في تقريرنا الصحفي لأن للمسرح الكلاسيكي البداية الأخرى بشروطها وحفلها والذي تتخلله المشاهد والفصول وصولا إلى النهاية الأخرى التي تفصل في الحبكة، ليكون التطهير catharsis، الذي بقي خاصية في المسرح عموما يظهر ويختفي ويتطور مع مراحل الإبداع..
رئيس المهرجان عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، ذعبد القادر كنكاي،يقدم تصريحات عن مميزات الدورة 34 من المهرجان لوسائل الإعلام.
التقرير الصحفي
بناء على تاريخ المسرح ووقوفا على مرحلة المسرح الكلاسيكي الذي يخبرنا أن المسرحية كانت حفلا بل كانت طقوسا ودينا، وكانت مرتبطا بأثينا المدينة، وهنا نجد الأسطورة تصرح أن المسرح كان ترانيم تتلى في المعابد تكريما لإله ديونيسوس، بل إنه سر إلهي أنزل إلى الأرض فطرد من سرب السر الإلهي من عالم الآلهة. أهمية هذه الحكاية يقتبس منها أننا أمام فن آت من بعيد ومن تاريخ قبل الميلاد وآت من تراث وتاريخ وجغرافيا وطقوس وأحلام وأحكام وفلسفة وأسطورة.
مع المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء نجد استمرارية الإرث والتاريخ، ونجد أنفسنا أمام مهرجان ومسرح مرتبط بالمدينة كما أثينا، هي مدينة الدار البيضاء عاصمة الفن والتاريخ والتلاقح البشري والثقافي والإثني، مدينة بمرجعية وأحداث وطقوس وتحولات وأنساب ومرجعيات، تنتمي لأنفا ولتامسنا القديمة، وتواكب العصور وتتطور وتواصل رسالتها التلاقحية والتواصلية بين الثقافات.
كان المسرح قديما وصولا إلى مرحلته الكلاسيكية يقام في زمن محدد، ومهرجان المسرح الجامعي للدار البيضاء أصبح موعدا لمسرحيي وشباب العالم، مسرح له الخصوصية التجريبية والأكاديمية التي تبحث في المسرح وتود إعادة خلق عاداته وأدبياته وتواتره وإبدعاته، مسرح حافظ على صيرورة المسرح عبر مراحله الزمنية التي واكبت اتجاهات ومدارس إلى أن أصبح مدخلا للمسرح المعاصر، الذي يبحث ويجرب في كل الأجناس المسرحية من النص والتشخيص مرورا بالإخراج والسينوغرافيا والإنارة والصوت وتوظيف التقنيات والوسائط الجديدة تنزيلا لرؤية فنية تم التوافق حولها وهي الولوج إلى مرحلة مسرح يمثل زمننا ويشبهنا ويستجيب لتطلعاتنا، من تم أتت رمزية والبعد من شعار الدورة 34 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء: ” من أجل خلق المسرح” وكأننا نحتفي بحضور ولادة أخرى تعاد عبر الأزمنة بشكل دائم وهذا سر من أسرار ديمومته.
ولأن المسرح طقس وبعد فني وتقني وروحي، من الممكن أن نعتبره شيخا وخدامه ورواده مريدون، هذا ويؤكد المسرح أنه حفل، لكون الحفل يمتاز بالتحضير والبحث والترتيب ومهام قبلية وحينية وبعدية، وكل التحضير السابق للجنة المنظمة لفعاليات الدورة 34 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، محوره لحظة التلقي الحية لإبداع يشدنا إلى الطرح ويأخذنا إلى عالمه وبعده، وبهذا يصبح التلقي أثرا مستمرا في الزمن، وعليه سيندرج تقريرنا الصحفي هنا عن المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، في دورته 34، بشعار: “من أجل خلق المسرح” على نهج المسرح الكلاسيكي بناء ومعنى وتوظيفا للمصطلحات باعتباره مرجعا ومصدرا انطلق منه الفعل والتفاعل المسرحي، ومن جبته جاءت مراحل التحول وجاء المسرح الحديث عبر رؤية وخصوصية الأزمنة، وجاء المسرح المعاصر، وصولا إلى مرحلة نقاش حول مرحلة ما بعد الدراما..
استقبال الوفود في مقر المهرجانيين، من طرف رئيس المهرجان
الدقات المسرحية الثلاث المتتالية:
في المسرح الكلاسيكي، يتشكل التلقي في لحظة تقابل بين جانبين متواجهين ينتظران لحظة المواجهة وتلقي الفرجة بين مرسل متمثل في أهل العرض المسرحي والخشبة، وهم وراء حاجز بصري وبين مرسل إليه متمثل في الجمهور الذي يستعد لتلقي الحفل المسرحي، يجلس في أماكن فاخرة في قاعه يطلق عليها اسم المسرح، والفاصل بينهما ستار، ينتظر أن يرفع أو يزاح يمينا ويسارا حسب نوعية الستار وانتمائه الزمني ليكون التفاعل، وحينما يزاح الستار (بعد الدقات المتتالية، والصمت تم الدقة الأولى والثانية والثالثة) تكون المواجهة ويبقى فاصل آخر إسمه الجدار الوهمي فاصلا فنيا بين المرسل والمرسل إليه، وهذا الفاصل تكسر بدوره مع التحولات ومع المدارس والاتجهات المسرحية، وهنا تحضر الدقات المتتالية التي وظفها المسرح الكلاسيكي لتخبر المرسل أهل العرض أن لحظة التواصل قد قربت، ويتلقى المرسل إليه نفس الخطاب وهذا فعل وحركة وتفاعل مشترك بين الجانبين يشكل لديهما معا أفق انتظار في الفعل أما الخبر فقد قدمه الملصق والعنوان، وأحيانا حتى النص ومؤلفه أو ما كتب عن العرض المسرحي في كاتالوغ الفرقة أو أثر محكيات التلقي السابق..
الدقات الثلاث المتتالية للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي أعلن عنها البلاغ الصحفي تم الندوة الصحفية التي أقيمت يوم الخميس 14 يوليوز 2022، إذ تم تقديم معالم ومميزات الدورة 34 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، وقدمت الدول المشاركة الممثلة للقارات الخمس من آسيا، كوريا الجنوبية والبنغلاديش وأندونيسيا، من أوروبا، ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، من إفريقيا، الكاميرون والمغرب من العالم العربي تونس ومصر وسلطنة عمان، من أمريكا الجنوبية، المكسيك، بالإضافة للولايات الأمريكية، كما صرحت الندوة بمعتاد المهرجان إلى جانب العروض المسرحية، ومنها الندوة في محور الدورة 34 “إعادة خلق المسرح”، ومحترفات تكوينية في مهن وفنيات وتقنيات المسرح إلى جانب تكريم أسماء فنية، وتوقيع الكتب المسرحية..
بعد الدقات الثلاث المتتالية حضر الصمت استعدادا للدقة الأولى، وخلال الفترة الممتدة بين الدقات الثلاث وانتظار الدقة الأولى والثانية والثالثة، لرفع الستار وإعلان الدورة 34 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي، كان التجاوب الإعلامي والصحفي، وصفق للجنة المنظمة على إصرارها واستمراريتها ليتحقق المهرجان الذي روج له إعلاميا عبر الإعلام المغربي والعربي والدولي وفق خطة إعلامية نجح رهانها المتمثل في الإعلام بالإعلام.
الدقة الأولى:
رئيس المهرجان الأستاذ عبد القادر كنكاي
كان حفل الافتتاح، بتاريخ السبت 23 يوليوز 2022، دقة أولى، أشار فيها رئيس جامعة الحسن الثاني، ذ.الحسين أزدوك إلى أهمية اللقاء الذي يخلق التواصل مع شبيبة العالم ويعتبر منحى أكاديمي يضاف إلى مهمة الجامعة المغربية، وفرصة لتعزيز التكوين بالنسبة للطلبة وتحفيزهم على توسيع مجال معارفهم في مجال المسرح، كما يشكل من الناحية العلمية فرصة بالنسبة للباحثين للنقاش وطرح وجهات نظر بشأن المسرح وإشكالاته، لذا حري بنا أن ندعم هذا الحدث العالمي الأكاديمي المتمثل في المهرجان الدولي للمسرح الجامعي، ومن جانبه صرح ذ.عبد القادر كنكاي رئيس المهرجان عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء، أن هذه الدورة تنظم في موضوع “إعادة خلق المسرح” والمهرجان بهذه المبادرة يحاول المساهمة في النقاش المطروح حاليا في العالم حول مستقبل الفنون عامة والمسرح خاصة بعد توقفه القصري لما يناهز السنتين.لقد تم اقتراح عدة طرق وتقنيات بديلة ومدعمة لاستعادة الحياة المسرحية، وقدم الفنانون والأكاديميون المهتمون عدة مبادرات لاسترجاع حرارة فرجة المسرح بشكله الحي والمباشر ودفئ التفاعل مع الجمهور.
رئيس جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، ذ. الحسين أزدوك
من مميزات الدقة الأولى، خلال حفل الافتتاح تكريم فنانين مغاربة ساهموا بأثرهم وفنهم في دينامية مسرحية مغربية تواكب التجارب العالمية، وهم المبدع والفنان الممثل والمخرج عاجل عبد الإله، والممثلة المقتدرة نجوم الزهرة، والفنان المتعدد مصطفى خليلي، والممثلة المقتدرة التي تنتمي للجيل الجديد زينب الناجم، وإلى جانب الفعاليات المغربية كرم فابيو أومودايي المدير العام لمهرجان روما للمسرح ورئيس فرقة صوفيا اميندوليا، وأكاديمية المسرح في روما، وذلك لكونه ساهم في تأطير الشباب المسرحي والجامعي في العالم العربي وانفتح على كل المهرجانات وهو مدرج في القائمة الرسمية للمرشحين لتلقي ترشيح فارس الجمهورية الإيطالية للاستحقاق الفني.
كما أعلن خلال الدقة الأولى عن سبعة محترفات تكوينية تخص إعداد الممثل وتمارينه الخاصة والجماعية وتواصله مع النص ومع الأشكال المسرحية الحلقة نموذجا، ومع الرؤية الفنية والإبداعية والإخراج والعلاقة مع الجمهور، وقوفا على التجارب العالمية، تم مهمة المسؤول الإعلامي للفرق المسرحية، ومهارة إعداد الملف الصحفي، وهي المحترفات التي انطلقت من اليوم الثاني الأحد 24 يوليوز إلى الأربعاء 27 يوليوز 2022.
المؤطرون: ميغيل فايلون، فرسنا/المكسيك، كلير كوثارد من الولايات المتحدة الأمريكية،أنكا سيميلر من رومانيا، أحمد طنيش ورشيد أمحجور من المغرب، وإدريس الجاي من المغرب/ألمانيا، وأحمد عزت الألفي من مصر.
مؤطري المحترفات
كما تعرفنا خلال الدقة الأولى على لجنة تحكيم دولية، من مكونات مغربية وأجنبية، يترأسها فنان ومغني ورئيس مؤسسة أستوديو الفنون الحية بالدار البيضاء المغرب، نائب رئيس اتحاد الصناعات الثقافية والإبداعية (CGEM) سفير العمق الإفريقي للثقافة، الأستاذ فهر الكتاني، وعضوية كل من أستاذة الأدب الفرنسي والنقد الأدبي بكلية الآداب بنمسيك، ذ. فتيحة بناني، وذ.سرين أشقر، لبنان فرسنا مؤلفة مخرجة تعذر عليها الحضور بسبب إجراءات كورونا، وتابعت الأشغال مع اللجنة عن بعد، والأستاذ الجامعي خالد لحلو، رئيس شعبة الدراسات الإنجليزية بكلية الآداب بنمسيك، ومقرراللجنة الناقد المسرحي والإعلامي، ذ. الطاهر الطويل، من المغرب.
كانت هدية الافتتاح، مع الدقة الأولى، تقديم عرض مسرحي “سماء أخرى” لفرقة أكون ومخرجها محمد الحر، محورها معاناة امرأة تبحث عن حياة أخرى وسماء أخرى.
الدقة الثانية:
للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء معتاد مهرجاني يميزه ويعطيه بصمته الخاصة والذي انطلق هو الآخر من يوم الأحد 24 يوليوز 2022، إلى الأربعاء 27 يوليوز 2022، عبر المراحل.
1ـ العروض المسرحية، وتميزت عروض الدورة 34، بالمسرحيات التالية:
ـ “حديث مع مالينتزين”، الجامعة المستقلة لبويبلا المكسيك، محور المسرحية عبارة عن سلسلة من اللقاءات موضوعها الخيال الجماعي الذي يستحضر نضال المكسيكيين وكفاحهم من أجل البقاء، فاكتشفنا الأسطورة المكسيكية “مالينش” وحفرياتها الأنتربولوجية (كان العرض عن بعد وخارج المسابقة)..
ـ “أصبع روج ” كلية الهندسة سلطنة عمان، محورها معاناة جندرية تناقش الهوية الجنسية والحق في الجسد، ومصادرة التقاليد والعادات التي تتدخل ف الخصوصية، وهنا تحضر الصراعات بين الروح والجسد والتقاليد والرغبة في الإنعتاق.
ـ “حلم العودة إلى مسقط رأسي” جامعة سوونغ إيوي جمهورية كوريا الجنوبية، قدم لنا العرض المسرحي الأحلام والآمال، وتاريخ الألم وما تتعرض إليه الشعوب من بطش وتعذيب نفسي يبقى أثره في الجينات ويصبح عابرا للأجيال.
ـ “الزهور الأخيرة” أكاديمية مسرح روما صوفيا اميندوليا إيطاليا، التي قدمت عرضين أحدهم للمخرج فابيو أومودايي، محورها ما هاجسنا جميعا حيث أن كوكب الأرض أصبح يحكمه الصمت، في زمن حرب الفروس كورونا، من تم عانت المدن والناس وكل الخلائق في كل الأماكن التي تعرف الحياة، لكون الحياة وضعت في سؤال الكينونة والغاية من الوجود؟
ـ “كوميديا ديابوليك” العرض الإيطالي الثاني الأكاديمية المدنية للفنون الدرامية نيكو بيبي للمخرج كلوديو دوماكليو، نهجت الطرح الكلاسيكي للمسرح في قالب عصري، حيث بعثت كوميديا ديلارتي في تجريب حديث، حضر في التشخيص الكلاسيكي وباقي المقومات من ملابس وحلي وأشكال وألوان، فكان للخيال رسالة التاريخ والحكي.
ـ “طبول الليل” المدرسة العليا للفن الدرامي، مورسيا إسبانيا، في زمن الحرب تفشل خطة شاب وشابة، وتلتقي معاناة خاصة مع أخرى عامة، فحضر الصراع الذي من أهم أدواره إلغاء أهم مكسب بشري وهو الفرح (عرض خارج المسابقة، قدم عن بعد)..
ـ “المسرحية” المركز الثقافي الجامعي بالمنستير تونس، تنتمي المسرحية للاتجاه المسرح داخل المسرح، حيث يختلط دور الممثلين بين إملاءات نص وروحه وعالمه، ودور السارد والسرد، فتم طرح قضايا إنسانية واجتماعية وفكرية من منظور الخلق والإبداع..
ـ وبالمناسبة قدمت مسرحية تونسية أخرى بعنوان “الرحلة” لدميا للإنتاج وكانت حضورية وخارج المسابقة.
ـ “أسطورة مينانجكابو الشهير مالين نان” معهد الفن الأندونيسي، بادانج نانجان، أندونيسيا، أخدنا العرض في سفر عبارة عن عرض الدمى بدون نص، عن حكاية إمرأة أزالت ثديها، وبقيت متقوقعة داخل ذاتها في حجاب شكلتبه قطيعة مع العالم وبعد إلغاء الذات كان التحول واحتفت بوجودها وبأنها حية وبشرية ولو فقدت عينا أو رجلا أو ثديا ليكون الانتصار للحياة..
ـ “الملاذ” جامعة بويا الكاميرون، حكاية المسرحية عن فتاة عالقة بين عالمين، تناقش قضية التقاليد والعادات والمعتقد.
ـ “ألوان الدم والصراخ ” جامعة داكا، بنغلاديش، العرض المسرحي عبارة عن ثلاث لوحات بل حكايات إحداهم هزلية بتمثيل إيمائي، عن حرب جرت ببنغلاديش، وحكاية أخرى تخص المرأة ونضالها الحقوقي، وحكاية أخرى اجتماعية..
ـ المغرب قدم أربعة عروض مسرحية وهي:
أ ـ “كالاج”، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء، قصة مستلهمة من عالم الكوميديا السوداء في فضاء إفتراضي حواره وجودي وتيمته مراسيم حفل عزاء غريب..
ب ـ “تخريف ثنائي” كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، تناول صراعا بين ثنائي وهما زوجين منشغلان بخلافتهما الخاصة الثانوية، والعالم مهمل ورائهما..
ج ـ “الغراب” كلية العلوم بنمسيك المغرب، عن حكاية فتاة تحولت إلى غراب فتصارعت مع عالمهم.
د ـ “ريا وسكينة” المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، عين السبع، اشتغال حداثي عن حدوثة مصرية حولت ذات تاريخ إلى خشبة المسرح المصري أخذت موضوعها من أحداث إجرامية واقعية.
2ـ مناقشة العروض المسرحية في منتصف الليل بمقر المهرجانيين، وهي لحظات كانت مختبرا تكوينيا آخر أدخلنا فيه أهل العروض المسرحية إلى ورشات إعدادهم للعرض المسرحي من خلال الإجابة عن الأسئلة والقراءات المتعددة للعرض برؤى ووجهات نظر فنية وتقنية وتأويلية مفتوحة..
3ـ محترفات تكوينية للشباب في مهن ومجالات المسرح إبداعا وترويجا وتكوينا، أطرها متخصصين من داخل المغرب وخارجه، دامت أربع أيام، ومن منجزها عرض تركيبي قدم خلال حفل الاختتام من إخراج المدير الفني على المستوى الدولي ذ.فتاح الديوري.
4ـ ندوة المهرجان: ناقشت وحللت شعار الدورة 34 “من أجل خلق المسرح”، أطرها وسير أشغالها المدير الفني الوطني للمهرجان ذ.هشام زين العابدين، وشارك فيها المهرجانيون وكان من مخرجاتها أن الخلق جاء ترجمة تقريبية لمصطلح Rénventer وظف كإشهار إيحائي للمهرجان، بمعنى، هل المسرح يخلق؟ ومن يخلقه؟ ولماذا وكيف؟ ولماذا تم الطرح الآن؟ ولعل التأويل المقصود من إعادة خلق هو إعادة خلق عادات جديدة وإبداع جديد ومتجدد، لكون المسرح يبعث من رماده كما طائر الرخ الخرافي..
5ـ توقيع كتابين: أحدهم للمبدع الفرنسي/المكسيكي “ميغيل فايلون” بعنوان أنا فريدا، عن قصة حياة تروى بالتشكيل والتعليق عليه بحكايات جانبية، والآخر للمبدع “المسكيني الصغير” وهو عبارة عن مسرحية تمتح من التراث المغربي عنوانها الرمود..
الدقة الثالثة:
كانت الدقة الثالثة، هي حفل الاختتام الخميس 28 يوليوز 2022، والتي أجمعت فيها كل من كلمة ذ. الحسين أزدوك رئيس جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، وكلمة وذ.عبد القادر كنكاي رئيس المهرجان، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء، أننا أمام مهرجان يؤكد بمنجزه وفكره أنه ديبلوماسية ثقافية موازية يخلق سفراء من شباب العالم يترافعون عن المغرب ثقافة وفنا وتواصلا وحسن استقبال وإبداع متواصل وحوار للثقافات والفنون..ويشار أن هذا الحدث الثقافي يعد أو لقاء يحضره ذ. الحسين أزدوك رئيس الجامعة بعد تسلمه المهمة..
فعلا وكما جاء في كلمات الاختتام، فقد حقق المهرجان البعد منه خلال أسبوع من العروض المسرحية ومناقشتها ومن التكوين واللقاء والحوار، واستمتع المتتبعون والمهرجانيون بعروض مسرحية رائعة سافرت بنا إلى فضاءات بهيجة من بلدان صديقة وشقيقة، اجتمعت كلها في مدينة الدار البيضاء لتتبادل قيم الإخاء والحب والسلام وبذلك حقق المهرجان كل الأهداف التي سطرت له في هذه الدورة، وتعلن اللجنة العليا للمهرجان أنها راضية كل الرضى عن كل فقراته من حيث جودة العروض المقدمة وتميز الورشات التكوينية المنظمة ومن المتابعة الإعلامية الكبيرة ومن العدد الهائل من الجمهور الحضوري الذي تابع كل الفقرات الموزعة في عدة فضاءات من الدار البيضاء، وأيضا الجمهور الذي تابعنا عن بعد في كل أقطار العالم؛ لذا فالمنظمون فخورون بمخرجات هذه الدورة، شكلا ومضمونا، ومتفائلون لمستقبل هذا المهرجان ليظل دعامة أساسية في إشعاع بلدنا المغرب ومدينة الدار البيضاء.
هذا وتكامل التنويه والتقييم مع تقرير لجنة التحكيم المكونة من الأستاذ فهر الكتاني (رئيسا) وعضوية كل من: الأستاذ خالد لحلو والأستاذ الطاهر الطويل والأستاذة فتيحة بناني، وكذا الأستاذة سيرين أشقر التي تابعت المهرجان عن بعد، حيث أشارت لجنة التحكيم أنها تشعر بالفخر والاعتزاز، وهي تقدّم لكم هذا التقرير عن الحصيلة الإبداعية للدورة الرابعة والثلاثين من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي الذي احتضنته مدينة الدار البيضاء خلال الفترة الممتدة من 23 إلى 28 يوليوز 2022، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس؛ إذ استشعرت لجنة التحكيم عن كثب قيمة هذه التظاهرة الفنية على عدة مستويات فنية وإنسانية وثقافية، فكانت تجربة إيجابية ومثمرة، أتاحت لمدة أسبوع سفرُا عبر العالم وتقاربًا بين الثقافات والحضارات والشعوب من خلال المسرح، كما مكّنت الجمهورَ المتنوعَ، المكونَ من طلبة وأساتذة وفنانين وعموم المواطنين، من اكتشاف تجاربَ مسرحية مختلفة، والاحتكاكِ بالمساهمين فيها، والتفاعلِ مع إبداعاتهم. لمَ لا والمسرح فضاءٌ مناسب للقاء والحوار، وتكريس المشترك بين البشر، وتعزيز إنسانية الإنسان وحيوية الحياة، لاسيما بعد فترة عصيبة مرّت بها الإنسانية نتيجة جائحة “كورونا”.
سجلت اللجنة، أيضا، في تقييمها إيجابية وأهميةَ تنويع قاعات العروض المسرحية، ما بين المركب الثقافي مولاي رشيد، وفضاء عبد الله العروي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، والمركب الثقافي سيدي بليوط واستوديو الفنون الحية، علاوة على عروض مسرحية قُدّمت عن بعد، توصي بانفتاح مسقبلي على أحياء ومراكز ثقافية أخرى، وتتكامل بهذا المطلب مع ما تشير إليه دائما اللجنة المنظمة أنها تأمل أن يصبح المهرجان لكل البيضاء بل لجهة الدار البيضاء سطات، والخطاب موجه لمدبري الشأن العام المحلي والجهوي.
تابعت لجنة التحكيم، لمدة خمسة أيام، عروضا مسرحية داخل المسابقة تنتمي إلى المغرب وسلطنة عمان وتونس وإندونيسيا وإيطاليا وكوريا الجنوبية، وحرصت على تقييمها بناءً على معايير نقدية، تبرز نقط التفاضل بين هذا العمل وذاك ولاحظت أن العروضَ المسرحية المتنافسةَ المشاركةَ في هذه الدورة كانت متفاوتة المستويات الفنية والإبداعية، وعكست تباينا واضحا على مستوى التمكّن من ميكانيزمات الفرجة المسرحية. والحق يقال، فإن بعضها كان ذا قيمة جمالية عالية، تحققت معها شروط المتعة والتفاعل الإيجابي.
صرحت لجنة التحكيم في تقريرها وتقييمها أن الجوائزَ ما هي إلا إشارات رمزية دالّة من أجل التنافس على تقديم الأفضل، وإلاّ فإنّ كل الفرق المشاركة في المهرجان تعدّ فائزة، لكونها بذلت جهودًا ملموسةً من أجل بناء عروضها المسرحية، وتقديمها أمام الجمهور بعشق وتطوع وإيمان بالرسالة النبيلة لهذا الفن العظيم.
بعد الدقات الثلاث يبدأ الحدث:
بعد الدقات الثلاث، يزاح الستار وتنطلق المسرحية وبهذا تعلن نتائج المهرجان من خلال الجوائز التي أسفرت عنها مداولات لجنة التحكيم، وكانت كالتالي:
لجنة التحكيم
الجائزة التشجيعية:
ـ لفرقة الإجازة المهنية في المسرح بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك من المغرب عن مسرحيتها “كالاج”.
ـ وكذلك لفرقة “المركز الثقافي الجامعي بالمُنستير” من تونس عن مسرحيتها “المسرحية”.
جائزة الملابس:
ـ لفرقة معهد الفن بادانغ نانجان من إندونيسيا عن مسرحيتها “أسطورة مينانجكابو: الشهير مالين نان”.
جائزة الانسجام الجماعي:
ـ لفرقة جامعة سوونغ إيوي من كوريا الجنوبية عن مسرحيتها “حلم العودة إلى مسقط رأسي”.
جائزة التشخيص إناث:
ـ للممثلة صوفيا مورابيطو
عن أدائها في مسرحية “الزهور الأخيرة” لفرقة أكاديمية مسرح روما صوفيا أميندوليا من إيطاليا.
جائزة التشخيص ذكور:
ـ مناصفة بين الممثلين وليد سالم المغيزوي وإبراهيم محمد المعشري عن أدائهما في مسرحية “إصبع روج” لفرقة الشفق المسرحية من سلطنة عمان.
جائزة الإخراج:
ـ لفرقة الأكاديمية المدنية للفنون الدرامية نيكوپيپي من إيطاليا عن مسرحيتها “كوميديا ديابوليك” للمخرج كلوديو دي ماجليو.
جائزة المهرجان كانت لكوريا الجنوبية
“حلم العودة إلى مسقط رأسي” جامعة سوونغ إيوي جمهورية كوريا الجنوبية، قدم لنا العرض المسرحي الأحلام والآمال، وتاريخ الألم وما تتعرض إليه الشعوب من بطش وتعذيب نفسي يبقى أثره في الجينات ويصبح عابرا للأجيال.
فيما قررت اللجنة حجب جائزة السينوغرافيا.
الفائزون في بهجة الفرح والانشراح
هكذا تفوز الدار البيضاء برهان إعادة خلق المسرح الذي كان شعارا وتيمة الدورة 34 من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي، للدار البيضاء، باسم جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك.