الإنتاجات التلفزيونية الرمضانية تدفع المغاربة إلى الهجرة الجماعية
dade24 | ضاد 24
جلال كندالي
قبل شهر رمضان من كل سنة ينطلق سباق الدارما، حيث يصبح هذا الموعد مثار نقاش كبير في الإعلام بكل مكوناته، و يدخل صناع السوق الدرامية على الخط مبكرا للتعريف بالمنتوج الفني قصد استقطاب الجمهور المفترض في كل الدول العربية، لأن هؤلاء الصناع يدركون جيدا أن المنافسة شرسة في ظل تواجد فنانين كبار من الصف الأول، في جل الأعمال المفترض تقديمها في هذا الشهر الفضيل، كما يدخل الفنانون بدورهم حلبة السباق لإقناع المشاهد العربي. و قبل أن يحل شهر رمضان يكون الإعلام والمشاهد قد حدد الخريطة سلفا، مما يجعل بعض الأعمال عاجزة عن المنافسة قبل انطلاقها عمليا. وتضطر معه القنوات التلفزيونية إلى الاستغناء عن كل عمل لم يحظ بمباركة الإعلام والمشاهد، وبذلك تتغير الخريطة تماما. ولأن البقاء للأصلح والأجود، تتهيأ مكونات أي عمل طيلة السنة من أجل هذه اللحظة الحاسمة. طبعا يحدث هذا في مصر و في سوريا.. ، هذه الأخيرة و رغم حالة الحرب التي تشهدها، لم يمنع ذلك فنانيها من إنتاج 26 عملا دراميا، رغم إشكالية التسويق التي يبدو أن الجانب السياسي كان متحكما في ذلك على الجانب الفني
في الحالة المغربية، الوضعية لا يمكن وصفها إلا بالمزرية، ولم يعد المشاهد المغربي متفاجئا من هذا الأمر، بحكم أنه يتكرر كل شهر رمضان، حتى أصبح فنانونا والقيمون على ذلك في حالة تطبيع دائمة. و السؤال الأبدي يتكرر كل موسم دراما، ما الذي يجعل إنتاجاتنا الرمضانية بهذه الرداءة، هل الأمر له علاقة بالارتجالية التي تتصف بها هذه الأعمال، و التصوير في الدقائق الأخيرة، هل الأمر أيضا له علاقة بلوبي يستحوذ على كل شيء و لا يهمه المشاهد المغربي، بقدر ما يهمه الظفر بالصفقة،و هل الأمر له علاقة بالمنتجين وحدهم الذين يختارون وجوها بعينها مؤهلة للقيام بكل شيء ماعدا الفن، أم أن هذه سياسة متبعة في كل شيء و لا تنطبق على الفن وحده، و لماذا تتكرر نفس الوجوه في كل الأعمال سواء بالقناة الأولى أو الثانية، سواء فيما يدعى بالسيتكومات و حتى الكاميرا الخفية المخدومة و أيضا في الإعلانات الإشهارية التي تبقى هي الأخرى محصورة على نفس الأسماء، و لماذا يتم إقصاء الفنانين المبدعين من هذه « الكعكة « الرمضانية، إلى غير ذلك الأسئلة المؤرقة، التي دفعت بالمشاهد المغربي إلى الامتعاض مما يقدم له، إلى درجة المطالبة بمقاطعة هذه الإنتاجات تجاوزا
أكيد أن هناك مبدعين حقيقيين، لهم تراكماتهم الإبداعية، لكن بمشاركتهم في أعمال بعيدة كل البعد عن الفن والإبداع يجعلهم في قفص الاتهام والمساءلة، فالفنان الحقيقي مفروض أنه يحمل رسالة فنية لصالح مجتمعه، و لن تسمح له الفاقة بأن يقوم بأي دور يسيء له ولتجربته، في حين نحد أسماء أخرى تحترم نفسها قبل المشاهد، ترفض المشاركة في هذه الرداءة التي تقدم للمغاربة كل شهر رمضان. رغم الحاجة إلى العمل، و لماذا هذا التمييز، في اختيار الفنانين، وهل وصل الأمر إلى حد تصنيفهم في فئتين فئة المنعم عليهم وفئة المغضوب عليهم، أم أن العملية برمتها لا ترتبط أبدا بالعطاء والجودة، بل بأشياء أخرى، وهل المغاربة لا يستحقون إلى هذه الدرجة، كلمة فرجة ممتعة، كما يتمتع بها الآخرون في دول عربية شقيقة
هذا الإسفاف و استعمال اللغة السوقية في الأعمال الرمضانية، أثار و يثير لغطا كبيرا، جعل البعض يراسل «الهاكا» الهيأة العليا للإتصال السمعي البصري ضد هذه الرداءة التي يشهد بها الفنانون قبل غيرهم
على أي، لا غرابة أن نتفاجأ في الموسم القادم في كل سباق بالاستعانة ب» سقراط « عوض « طاليس «، والنتيجة دائما ستكون هذه الهجرة الجماعية للمغاربة بحثا عن أعمال درامية و غيرها في قنوات عربية، يستفيد منها وتخفف عنه أوجاع الحياة اليومية
خلاصة القول في الحالة المغربية « اللي مثل مع الدراري يصبح فاطر » . و بلغة اللسان الدارج ، الحاصول و ما فيه « هذي شوهة وطلسناها » ، و سيظل المشاهد المغربي يترحم على الرواد و يدندن حسرة على ذاك الزمن الجميل « فين عبد الرؤوف فين لوزير فين الداسوكين فين فين وفين… »