عزالدين زهير
نظمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء، بصفتها جهة مؤسسة ومنظمة للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، الذي يصل هذه السنة إلى دورته 33، ندوة علمية تواصلية ومحورية، بتاريخ الأربعاء 29 شتنبر 2021، من منصة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء، وعبر رابط توصلي استند على التقنيات الحديثة، شارك في هذه الندوة مديري ومدبري المهرجانات الدولية التالية: الفيتنام في شخص لوكي ديونك، شنكاي كرسي اليونسكو في شخص توبيا بيونكون، إسبانيا في شخص صونيا ميرسيا مولينا، المكسيك، في شخص إزابيل كريستينا فلور، إيطاليا في شخص فابيو أوموديل، مصر في شخص تامر راضي، والمغرب البلد المنظم في شخص ذ.عبد القادر كنكاي، محور الندوة: الرهان الحالي والمستقبلي للمهرجانات الدولية للمسرح الجامعي.
وأدار أشغال الندوة وترجم معطياتها ذ.عبد المجيد بوزيان؛ حيث بسط فكرة الندوة والغاية منها والتي تضم مديري المهرجانات الدولية، وأشار في مستهل كلمته أن الجائحة غيرت كثيرا من أشكال التفكير ونمط الفعل والتفاعل في مسار الدراسة الجامعية وباقي أنشطة الجامعات، وأرخت بظلالها على دينامية التفاعل الجامعي من تم وضع المسير سؤالا مركزيا على ضيوفه: كيف نرى مستقبل المسرح الجامعي والفن في ظل الجائحة؟ وكيف نرى التأقلم ومقاومة الممكنين في ظل الإكراهات العالمية؟ مع الإشارة أننا لا نعرف تحديدا متى سترفع هذه الجائحة المتحورة والمتطورة؟ وكيف سنتعامل مستقبلا مع هذا الوباء الذي مازال يلازمنا؟ مع العلم أن الحياة مستمرة.
واستهل المتدخل الأول، ذ.عبد القادر كنكاي عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء، رئيس المهرجان الدولي للمسرح الجامعي، بصفته ضيفا ومضيفا، كلمته بالترحيب بفعاليات الندوة واعتبر هذا اللقاء الدولي فرصة نحو تفكير جماعي بصوت مرتفع يشرك الكل في تقييم تجربة التأقلم والاستمرارية للمسرح الجامعي عبر المعمور والتطلع لآفاقه المستقبلية، وبمناسبة اللقاء قدم السيد العميد اللجنة المنظمة للمهرجان كل من موقعه، وهو السر لنجاح المشروع إذ أن FITUC يضم مديرين فنيين مغربيين، أحدهم من المغرب والآخر بألمانيا، وإدارة تدبيرية وتسييرية تشتغل طيلة السنة، كما أن هناك طاقم فني وتقني وعدة لجن عملية ووظيفية من إعلام ونقل ولوجستيك وتواصل ومحافظة عامة ومهام أخرى أساسية، مع إشراك الطلبة في المهام التنظيمية وفي اللجن للتمرس على التنظيم والتدبير والتسيير، كما اغتنم السيد رئيس مهرجان FITUC الفرصة وبسط شعار الدورة 33 من المهرجان الذي يلخص رؤية وتقييم المهرجان للتجربة الماضية الباكورة المتمثلة في تنظيم الدورة 32 من المهرجان عن بعد وإنجاحها رغم الإكراهات المتعددة فنيا وتقنيا ولوجستيكيا، وبذلك تختار الدوية الحالية 33 المجمع تنظيمها في أواخر شهر أكتوبر 2021، شعار: “التألقلم” كخاصية داخلية ونضالية وروحية لصيقة بالمسرح عموما منذ أن عرفته البشرية، ولها علاقة جدلية بالمسرح الجامعي على وجه الخصوص، الذي يحافظ على فكرته رغم التحولات والمتغيرات وتعاقب الأجيال، إذ يغادر جيل الجامعة ويأتي آخر يأخذ المشعل، من طلبة ومسيرين وأساتذة ومسؤولين، بل حتى مديرين، لذا تعلن الدورة 33 من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي منجزها وضيوفها ومعتادها المهرجاني من عروض مسرحية وندوات محورية ومناقشة العروض وورشات تكوينية وتكريمات، وهي على استعداد لأي سيناريو ممكن عن بعد أو عن قرب أو هما معا.
كثيرة هي إشكالات هذا المسرح الجامعي في تعاقبه ومهرجاناته؛ لذا حري بنا أن نؤسس لحوار وتبادل الخبرات والاستشارات والخبرة بين كل المهرجانات الجامعية بالعالم، هي أسئلة طرحاناها في أكثر من مناسبة، لكن مع واقع الجائحة تدعوا الضرورة للتفكير والاقتراح والأجرأة بشكل استعجالي. أشار السيد العميد رئيس مهرجان FITUC إلى أن صيغة عن بعد التي اعتمدناها خلال التجربة السابقة مع الدورة 32 عشنا معها فقدان التواصل الجسدي بين جميع المتدخلين، الجمهور والممثل والتقنيين والفنيين، مما أدى إلى فقدان البعد الإنساني للمسرح، وفي نفس الوقت شهدت هذه الصيغة الاضطرارية بتقييم إيجابي؛ إذ شوهدت العروض المسرحية بكثرة وبقيت مسجلة تعرف تتبعا إلكترونيا مشهودا ومتواترا وموثقا.
و تطرقت توبيا بيونكون باسم مهرجان المسرح الجامعي شنكاي كرسي اليونسكو، في مداخلتها إلى أن الجائحة كانت بمثابة صدمة CHOCK للجميع من ضمنهم الفنانون والفن عموما، وظهرت مواقف متباينة للجائحة والتعامل معها،(مواقف من جانب الطلبة ومواقف من جانب هيأة التدريس) كما ظهرت عدة نقط سلبية بسبب الجائحة ولكن لا يمكن أن ننسى بعض نقط الضوء والتي نود استغلال فرصها الجديدة التي أفرزتها لخلق رؤى جديدة ومتجددة للمسرح خصوصا فيما يتعلق بتجربة الإبداع والتعدد الثقافي وذلك لتبادل المعرفة واعتماد حلول واقعية.
ومن جانبه صرح، لوكي ديونك باسم مهرجان المسرح الجامعي الفيتنام، إلى أن الجائحة أفرزت نقط سلبية متعددة منها تغيير نظرتنا للعالم، هذا العالم لم يعد مكانا آمنا للعيش؛ إذ عشنا بشكل اضطراري غير مسبوق، غلقت الحدود بين الدول، كما عشنا أزمات اقتصادية وسياسية، وعشنا حالة سيكولوجية وخوفا نفسيا، تم كسرت الروابط الاجتماعية، وعرف التواصل مع الأفراد خللا كبيرا، وغابت هوية المسرح وأدواره الطلائعية بسبب الوباء، ولنكون إيجابيين، لكل مشكل هناك حل، والحل يتمثل في التأقلم مع جميع المستجدات وإعادة اكتشاف طرق أخرى لمواجهة الجائحة، وذلك بتشجيع تبادل التجارب بين طلبة العالم لمواجهة هاته المشاكل..
أما إزابيل كريستينا فلور، فقد صرحت باسم المسرح الجامعي المكسيك، أن الجائحة غيرت العالم بدون سابق إعلام، ووجد الفرد نفسه داخل الشاشة عوض أن يكون خارجها، وعانا المسرح لكونه فنا حيا من إشكالية البث عن بعد وكانت النتيجة أنه لا يمكن لأي تقنية، مهما كانت نجاعتها، أن تعوض الخشبة.. ؟ لماذا: لأن لدينا في المسرح عيونا أحسن بكثير من عيون الكاميرات.
تطرق تامر راضي باسم المسرح الجامعي مصر عن جامعة عين شمس مشيرا أن جامعتهم لا تتواجد بها شعبة للمسرح، (مع العلم أم بمصر المعهد العالي للمسرح والفنون بتاريخه، ويتواجد المسرح في كل الكليات) ولكن هناك علامات أمل لخلق مسرح يقول كلمته ما بعد الجائحة، لكون البشرية معتادة أن تستفيد من أزماتها وتحولها إلى مكسب ومدخل إلى اقتراحات بديل أو بالأحرى تمارس التعويض، ويحضر الابتكار والتجديد.
في نفس مسار باقي المداخلات، أشارت صونيا ميرسيا مولينا، باسم المسرح الجامعي اسبانيا، أن المسرح هو أولا وقبل كل شيء فن بدون حدود أو قيود، ومهما تقدمت التكنولوجيا، فلن تعوض المسرح كما هو متعارف عليه دوليا، بالفعل هناك تحديات لازالت موجودة رغم تطور العنصر التكنولوجي..
وقدم فابيو أومودي، مدير أكاديمية روما المسرحية و مدير”مهرجان روما تياترو” تقييما شاملا عن تجربة إيطاليا، وصرح إلى أن مسرح الجامعة يمر بواحدة من أكبر الأزمات على المستوى الوطني وفي نفس الوقت على المستوى الدولي، سئم الناس من مشاهدة عرض من خلال الهاتف الخلوي أو الكمبيوتر. وصرح أنه لا يؤمن بهذا الشكل من المستقبل المسرحي على الإطلاق؛ إذ نريد أن نجد أنفسنا في المسرح وليس من خلال الهاتف الخلوي أو الكمبيوتر.
وقدم “فابيو” شهادة يعتز بها منظمو المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، إذ صرح: أتذكر بسرور أنه يجب علينا نحن الأوروبيين ألا ننسى أبدًا أن المغرب علمنا ما يعنيه أن يكون هناك مهرجان للمسرح الجامعي في كل مدينة. أعتقد أن المغرب كان لديه حتى ما قبل الوباء رقما قياسيا عالميا في المهرجانات المسرحية الجامعية التي كان من دواعي سروري المشاركة فيها لمدة 12 عاما. آمل أن يكون المغرب مرة أخرى الرائد في هذا التطور المسرحي المذهل.
واكد على انهم في FITUC يعلمون ان الرهان الذي يحملون قضيته على مستوى الدار البيضاء والمغرب، وعلى مستوى الرقعة العربية والإفريقية والدولية، لتطوير والاحتفاظ بدور المسرح الجامعي، لذا نظمنا هذه الندوة للتفكير العلني والجماعي بين مديري ومدبري أهم المهرجانات الدولية الرائدة، لتشخيص الواقع والوصول إلى الإمكانات المتاحة والممكنة نحو ترسيخ هذا الفعل والتفاعل في إطار التأقلم للاستمرارية المنشودة، وأملنا أن نتوافق ونتعاون ونستشير بعضنا البعض وننسق ونتبادل الخبرات والتجارب، ونعد لقاءات أخرى مستقبلية تتقدم في التفكير ووضع الاستراتيجيات لأننا حتما سنتأثر بالرهانات الجديدة والمستجدة والمستقبلية للإبداع عموما وللمسرح والمسرح الجامعي على وجه الخصوص؟ وذلك في أفق خلق شبكة دولية للمهرجانات الدولية للمسرح الجامعي،