أبي على فراش المرض يئن ألما، أمي عجوز قبل الأوان تبكي مصيرها، لا ذهب يجمل عنقها ولا أبناء مترفين، وأنا بجميع أحلامي أخاف من غد، أبي يحتاج دواء يقويه، أمي لا تدعها نساء الحي إلى أعرس فاخرة، وأنا قد مسني عذاب مهين ووجل، طارت الحمامة التي عرفتها وطار الأمل، جزار حينا ننكره ونحن عصبة، يسألنا صاحب الكوخ أجر شهر بئيس، قضينا فيها أحلى الأزمنة وأمرها، تركت فصول الدراسة قسرا، كنت أتمنى بلوغ الأماني وما تمنيت يوما كهذا، طرقت أبوابا كانت مقفلة بزبر الحديد، ضرني بخل الأسياد المتحكمين، والسقيم يدمي ذكورتي يمزقها، وأمي كاليتيمة وأنا واحد من البؤساء، ما خوفي من البلل وأنا الغريق، إختليت بنفسي وقلت لها لا مناص، سأحاول وللمجتهد أجران مختلفان، تلك الحفنة من النقود تنقدني، ما غاية الحياة إدا متنا تعساء…! وللشيطان ألاف الوجوه والصور، تلبسني وعلى الدنيا والأزقة السلام، تدفعني الجريمة إلى إقتراف الجريمة، إندثار المعاني جعلني أسعى، صوب مصرف غني ورجال أسوياء، أتأبط أحزان أسرتي وجوعا حطمني، أدوية في جيبي المثقوب ورقة الإنتحار، سيان موتي وحياتي وأنا فرد من قطييع، أنشد في هذه الأثناء حظا يسعفني، أستل خنجرا ولست بصياد مكين، أغمضت عيني هنيهة وبطشت بالمستخدمين، أهددها تلك الموظفة الجميلة، إملئي حقيبتي مالا وادعي لمرضانى بالشفاء، فعلتها إدا وأنا من اللصوص العباقرة، بيني وبين الشارع خطوات معدودة، بيني وبين الإنتشاء مسافات ضوئية، حلق من بالي طيف حارس البنوك، ما إنتابني شك في جسد ضامر وأسنان متهاوية، قلت لنفسي مرة أخرى لا مناص، أقفل علي باب السجن ذلك المعتوه، أحرجني وأبي وأمي وكنت معتقلا، يصفعني بدين بدت عليه النعم، يدوسني وال من أولياء الحاكمين، سأسأله لو كان له أهل في السكرات وقلب مهموم، هل تفعلها كما فعلتها أم تصنع ما لم تصنعه السباع…هذه قصتي ولا تدرفي على إبنك العبرات أمي، قد هداني الله إلى مأوى وملبس وطعام، سوف ينقص من مائدتكم واحد ومن مقهى الشعب زبون، ليس علينا بجديد كل هذا الألم، قد شربت كأس المرارة وأنا جنين