عصام البيض
ودّعت فتاتي المتغطرسة الوداع الأخير، درفت دموعا كثيرة ثم طويت صفحتها السوداء، اللعنة على قلبها الذي يشبه صبّار الصحاري، حينما ألاقي حبيبتي سوف أقتص من المضيفة، الغباء سيمتها وأنفها الأبيّ…
ودّعت صديق الكراسي والأماسي والأحلام، الدنيا غرور قد سرقته منّي، نظمت لرحيله قصيدة الرثاء والغثاء، إنضاف صاحبي إلى لائحة الميّتين…
ودّعت عائلتي غير باخع نفسي، مللت الوقوف إنتظارا والمواكب تسري، عشت في غربة منذ ألاف العصور، عيد العازب وحيدا خير من دونهم، أستعفر الله العظيم…
ودّعت كلام السفهاء والجاهلين، لا يكفيني الدهر كلّه معهم، طاقتي أهدرتها وأنا على جمر العتبات، لم أسمع كلمة شكر ولا عرفان، تبا لجموع الضباع في الأركان…
ودّعت عصام الماضي فلا أشتاق إليه، تمنيّت للنسخة الأولى منصة التتويج، حالت كما تفعل دائما بنا، عراقيل تضعها أنامل الأغبياء، تركتُ عصام البارحة تحت الثرى، صباح هذا اليوم صباح عصر جديد…
ودّعت العالم الذي وُلدت فيه، عالم الظلام لا تبرحه أرواح القدامى، عالم النور أمشي فيه مشي الملوك، ألا ترون كم أنا غريب، أنا أرى الغرابة في الوجوه…
ودّعت جارتي التي، ودّعت جارنا الذي، ودّعتهم جميعا دون عودة، لا يجوز التقهقر بعدما قطعت الأشواط، الأشواك في أخمص قدمي تغادرني، أغادر البارحة وأعيش…