يمكن لكل من عرف هذا الزجال أن يصفه بالمجدوب بدون كثير عناء ، فقد تجمع فيه مالم يتجمع في الكثير من المبدعين ، فبالإضافة إلى كون الدكتور محمد نجيب المنصوري يمتهن الطب ، فهو مفتون بالإبداع بكل تلاوينه ، يلبسه الشعر والزجل من رأسه إلى أخمص قدميه ، لن تجده غائبا عن مجمع القصيد بمدينة البهجة ، أينما حلت القصيدة تجده راحلا إليها يتفاعل مع عروضها يهب جسده للرقص مع قافيتها ومايتها ، لا يتردد في البوح بأبيات تسكن دواخله ، مهما كانت الطقوس ومهما كانت أجواء المكان ، فالمكان والأجواء عنده قصيدة ، لا يهمه إن كنت ستنتقد أم لا ، المهم عنده هو نظم الكلام وضبط ميزان القول ، شغوف بحفظ التراث الشفاهي المأثور، يغوص في دروب التاريخ ليعرج بك إلى كل الفنون التي توالت وأثثت تفاصيل ساعاته وأيامه ، قبل أن يبحر بك إلى فن الملحون ليتلو شذرات منه ويحكي عن رواده ..عاشق للرسم والتشكيل بل إنه رسام ومشدود للألوان ، يفاجئك بلوحات رسمها بريشته وأخرى مزج فيها بين الريشة والتقنيات الحديثة ، بحثا عن الجمال واستحضار الإمتاع ، متماه مع أحاسيس الدواخل والروح تجده أيضا عازفا على هذه الآلة الموسيقية وتلك بحثا عن الأنغام والمقامات وجميل الألحان ، يقسم للغناء التراثي ويدخل بحر الغيوان ليمر للنغم العصري وهكذا دواليك ، كتب أعمالا غنائية لمجموعة العشاق وهو في طور إنجاز أعمال جديدة ، عاشق للرياضة تجده مع كل الفئات العمرية لنادي الكوكب ، يؤطر ويعالج ومبادر لكل مغامرة يريد خوضها النادي في مختلف الأنواع الرياضية
خيطه الناظم لكل هذا التعدد مسبوك بروح الدعابة والطرفة وفن النكتة وسلاسة التواصل
“ميزان لمعاني” هو عنوان الديوان الزجلي الجديد الذي أصدره الزجال الدكتور محمد نجيب المنصوري ، والذي نظم بخصوصه المهرجان الغيواني لمراكش حفل توقيع احتضنته حديقة المسرح الملكي ، حضره جمهور وازن وأسماء تنتمي لعالم الثقافة والفن والرياضة والطب وفعاليات من مختلف المشارب ، وهو الحفل الذي نشطه وقدم فقراته باقتدار كبير المنشط عبدالعاطي الخازن ، وألقيت خلاله شهادات وقصائد شعرية من لدن قامات في مجال القصيد بينهم ، الشاعر الكبير اسماعيل زويريق الملقب بشاعر الرسول والشاعر حسن العلوي والشاعرة سميرة لبزار والأستاذ فيصل بدور والشاعرة أمينة حسيم بالإضافة للشاعر الأستاذ مصطفى كوار..
قدم للديوان الأستاذ عبد العزيز ساهر ، الذي اعتبر أن الزجال محمد نجيب المنصوري قد استلهم رؤيته من واقع الإنسان ، خاصة في الشق المتعلق منه بصراع القيم بين الخير والشر والصدق والكذب وخفض العلم والعلماء ورفع الجهل والجهلاء الذين يذهبون بالأمم والشعوب إلى الوراء ، مضيفا أن ” ميزان لمعاني ” توزعت نصوصه إلى أغراض ذاتية وموضوعية ، كانت حبلى بالصور الفنية والواقعية مجردة من الرموز التجريدية ، مؤكدا بأن الزجال كان ملتزما بعمود الشعر الزجلي الممثل في بنية قصائد الديوان ، من حيث مراعاة موازين الأشطر ، والقوافي والأوراء واللهجة المحلية ، واتسمت بعض المقاطع بطابع الحكمة والصدق في القول ، والطبع السليم والتدفق في القول الزجلي المنساب
إن ديوان ” ميزان لمعاني ” يقول الأستاذ عبدالعزيز ساهر ، ينضاف إلى رياض الأزجال المغربية التي أغنت مقول الأدب بانطباعات ذاتية وجدانية وقضايا إنسانية اجتماعية وفكرية
بإطلالة أولية على الديوان وبالإضافة إلى ما تقدم به الأستاذ ساهر ، تجد أن الشاعر يلامس حتى القضايا الآنية والأحداث الراهنة ، ويعلن مواقفه اتجاهها بحبكة شعرية خالصة ، وكأنه يوثق للمرحلة التي يعيش فيها كمواطن أولا وكشاعر ثانيا ويظهر هذا جليا في في قصيدة ” مكسور الجناح ” ، التي أفردها الشاعر لحال القدس اليوم بأبيات تصويرية جميلة
الديوان يضم 48 قصيدة تتوزع على 110 صفحة ، تحتوي أيضا إهداء حيث أهدى الزجال أبيات قصائده إلى والدته ووالده ، أما غلاف الديوان فيضم لوحة رسمها الزجال بنفسه وقام بالتوضيب الإلكتروني للديوان كل من الفنان رشيد النزاري والأستاذ أحمد الحيدوفي ، أما التوضيب الإلكتروني للديوان فقد أنجزه رشيد النزاري ، وقام بتصحيح ومراجعة القصائد كل من الشاعر اسماعيل زويريق والأستاذة أمينة لحبابي والأستاذ سعيد بلعيدود