أعمدة ضاد24الرئيسية

“مستشار نوبل للكيمياء” و “مستشار الشهادة الابتدائية”

#حميد_بنواحمان

أنهت الأكاديمية الملكية السويدية، يوم الإثنين 9 أكتوبر الجاري ، الكشف عن  أسماء المتوجين بمختلف جوائز نوبل لسنة 2017، في مجالات: “الطب،  الفيزياء،الكيمياء، الآداب، الاقتصاد، والسلام ..”، حيث من المقرر أن تسلم الجوائز للفائزين في احتفال رسمي  يقام في العاشر من  دجنبر  القادم، الذي يصادف يوم وفاة العالم السويدي ألفريد نوبل الذي تحمل الجائزة اسمه. لائحة ” الألمعية والاستثناء ”  – بمفهومهما الشامل – تضمنت ، هذه السنة ، اسما لا بد  وأن يستوقف كل منشغل ب  ” صحة وسلامة ”   تدبير الشأن المحلي للمواطنين في بلده  ، على مستوى المقاطعات و الجماعات  ” حضرية أو قروية ” ، أو الجهات …

يتعلق الأمر بالسويسري “جاك دوبوشاي”، الأستاذ بجامعة لوزان ، والذي حصل على جائزة نوبل في مجال الكيمياء صحبة عالمين  آخرين من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد أن  أفلح العلماء الثلاثة ، حسب بيان الأكاديمية السويدية “في تطوير تقنية الدراسات المجهرية الإلكترونية بهدف تبسيط وتحسين تصوير الجزيئات الحيوية”، ما جعل  “أبحاثهم حاسمة من جهة لفهم أسس الكيمياء الحياتية، ومن جهة أخرى لتطوير المستحضرات الصيدلانية”،  و “هذه التكنولوجيا  نقلت الكيمياء الحيوية إلى عصر جديد متقدم  “.

 جاك دوبوشاي، البالغ من العمر 76 سنة ، تلقى خبر تتويجه ب” تواضع العلماء “، حيث صرح وسط جمع من المنتخبين المحليين  ب” كانتون ” فود  VAUD  ” السويسري ،صبيحة الأربعاء 4 أكتوبر 2017 : ” أريد أن أظل شخصا عاديا يعيش حياته وسط أناس عاديين يعملون من أجل الصالح العام “.

 تصريح يحيل على أن هذا “الألمعي”، الذي  برزت ملامح تميزه العلمي منذ مرحلة الطفولة ، سخر قسطا كبيرا من جهوده خدمة لمواطني “الإقليم” الذي ينتمي إليه – حسب التقسيم الفدرالي السويسري – باعتباره يمثل الحزب الاشتراكي هناك، مكلفا بملف ” البيئة والحفاظ على سلامتها من التلوث  المضر بالصحة العامة “.  وللمرء أن يتخيل طبيعة النقاش ونوعية وجهات النظر المدلى بها داخل مجلس  “منتخب” يضم  من بين أعضائه “عالما” تتغيا بحوثه  ودراساته “خدمة البشرية جمعاء ” ؟!

 استحضار هذا النموذج – مع وعينا التام  بأنه لا مجال للمقارنة – مرده إلى   “الجدل العقيم” الذي رافق ، قبل سنوات ، وصول عدد من المنتخبين المحليين إلى  رئاسة جماعات حضرية وقروية دون أن يكون لهم المؤهل ” التعليمي” اللازم، والذي يعبد لهم طريق  اقتعاد كرسي الصدارة بجدارة واستحقاق. فكنت تقرأ عن الواحد من هؤلاء، يقطع مئات الكيلومترات ، ذهابا وإيابا، من أجل حضور جلسات  دعاوى رفعت ضده من قبل معارضين ، ولايتردد  في دق  أبواب “جهات” معلومة ومجهولة على أمل  الوصول إلى”أرشيفات”  مدارس عتيقة طمعا في العثور على أثر مروره بهذه المدرسة  أو تلك ، في ستينيات أو سبعينيات القرن الماضي ، وعندما تحكم المحكمة لصالحه ، يكون أول قرار مستعجل يتخذه، هو ذبح الذبائح وإقامة الولائم، فرحا ونشوة  بإثبات حصوله على ” الشهادة الابتدائية “، التي تجعله “الرجل المناسب ”   لتحمل مسؤولية ” تحقيق الإقلاع التنموي المنشود ” و “حسن صرف مئات الملايين المرصودة من المال العام “، معتبرا الطعون المسجلة ضده  في المحاكم مجرد ” محاولات ” يائسة للتشويش على ” برنامج عمله الاستثنائي للنهوض  بأحوال الناس وتحسين مستوى عيشهم ” ؟

 هما ، إذن ، صورتان متضادتان تحبلان بدلالات عميقة  تجعل المنشغل ب ”  الأساليب”  المتبعة في تسيير الشأن المحلي،  في العديد من البلديات والقرويات ، على امتداد جغرافية البلاد ،  يضع اليد على أحد الأسباب الجوهرية ل” تردي ” مستوى النقاش العام خلال دورات غالبية المجالس المنتخبة، سواء العادية منها أو الاستثنائية، والذي يصل  حد التراشق بمفردات الكلام “السوقي”  و”الساقط ” المتوج  ، أحيانا ، بالاعتداء الجسدي وما يستتبعه من حضور سيارة الإسعاف ودخول الشرطة على الخط،  والتي تجد نفسها مضطرة لإرجاء  إنجاز مهام “أمنية “استعجالية، قصد الانتقال إلى مقر بلدية عجز مستشاروها عن” تسييج” اختلاف  آرائهم  بما يلزم من توقير واحترام  ؟

مشاهد قاتمة كثيرا ما شكلت العناوين الرئيسية  لوسائل الإعلام، بكل أصنافها : مكتوبة ، مرئية ، مسموعة  ، إلكترونية ،  تسبب في تجسيدها “المقزز” أشخاص تسلطوا  على مجال “تدبير الشأن المحلي للمواطنين ”  منذ عقود لدرجة التوارث بين أبناء السلالة الواحدة – في مناطق بعينها – استنادا إلى مرجعية  “النفوذ المادي” ، ذي التداعيات المدمرة ، بدلا من ” النفوذ العلمي ” كما هو متعارف عليه داخل  “المجالس المدبرة للشأن المحلي ”  بالبلدان الديمقراطية العريقة .

فهل ، والوضعية بما هي عليه من سواد ،  يمكن التطلع إلى غد قريب تنمحي فيه “الاختلالات” التسييرية لمستشاري  “الشهادة الابتدائية”  ، ويفسح المجال أمام ذوي الكفاءات العلمية  – من مختلف التخصصات –  الذين يعانون التهميش داخل العديد من الجماعات الترابية ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى