قراءة وتتبع: أحمد طنيش
صدرَ حديثاً ضمن “سلسلة كراسات مسرحية” العدد 3، عن دار الفرات للثقافة والإعلام_بابل_العراق كتاب بعنوان دال “مهرجان المسرح العربي_تجربة مركز المؤتمرات الصحفية في العراق”، للناقد المسرحي العراقي د. بشار عليوي، ويقع الكتاب في 128 صفحة، وبالمناسبة يأتي هذا الكتاب توثيقا من طرف الأستاذ بشار عليوي الذي كان مسؤولا عن المؤتمرات الصحفية للدورة 14 ببغداد، هذه الدورة التي كانت متميزة بكل المقاييس والمعايير، من خلال عروضها المسرحية، ومن خلال جديدها الأستوديو التحليلي، كما تميز النقاش التقييمي والتشخيصي للوضع المسرحي العربي من خلال المؤتمر الفكري ونفس الجديد والمتجدد عرفته المؤتمرات الصحفية، بالإضافة للجديد في الزمن المهرجاني الذي أصبح 8 أيام بدل 6، أهدى هذا المنجز بذكاء واعتراف علمي إلى الفنان النقيب الدكتور جبار جودي العُبودي، هذا الإهداء الاستحقاق والتحية التي يستحقها الرجل حيث ناضل وترافع لتكون الدورة 14 بالعراق ناجحة ومتميزة وفارقة؛ إذ مهد لنجاحها بلقاءات محورية داخل العراق ومن المغرب وبالشارقة قبل المهرجان وحينه وبعده، وخلال المقام المهرجاني كرمت أهم الأسماء المسرحية العراقية من داخل الوطن العراق وخارجه ومن جل الأجيال والتخصصات المسرحية، وكانت دورة إضافة نوعية في الشكل والمضمون، بشهادة كل المشاركين والفاعلين حيث رفع الإيقاع وهي مسؤولية ترهن عمل اللجنة المنظمة والبلد الذي سيستضيف الدور 15 من المهرجان.
أقدم هذه الشهادة والإشادة باسمي أحمد طنيش، وبصفتي التي تحملتها من طرف الهيئة العربية للمسرح سنة 2023، كمسؤول عن المؤتمرات الصحفية بالدورة 13 التي أقيمت بالدار البيضاء المغرب، حيث تعرفت عن كثب عن البعثة العراقية برئاسة النقيب د.جبار جودي، الذي كان يتحرك كثيرا وبفضله أعلن عن الدورة 14 بالعراق من المغرب، عكس دورة العراق التي لم يعلم في ختامها أين ستقام الدورة 15 إلا بعد ثلاث أشهر أو أكثر، أتذكر كيف كان نقيب المسرحيين العراقيين بل نقيب المسرحيين العرب وممثلهم بمجلس الأمناء بالهيئة العربية للمسرح، وكيف كان يشارك في كل المبادرات ويقيم اللقاءات مع باقي الوفود، وكان نشيطا كما باقي الوفد العراقي الفاعل وهم الأصدقاء الدائمين حاليا، سيما وقد رسخت العراق اسهامها في دورة الدار البيضاء في نظري على ثلاث مستويات كبرى هي كالتالي: أولا، المشاركة بعرض مسرحي رائع من إخراج جواد الأسدي ضم أهم الممثلين والتقنيين، ثانيا، كانت كلمة اليوم العربي للمسرح من العراق من طرف الأستاذ الكبير جواد الأسدي، الذي له علاقة وجدان متبادلة مع المسرح المغربي إبداعا وروادا ومجايلة فينة، وثالثا، هناك هدية التي نعتز بها في الدورة 13 جاءت من العراق، كانت ذاك الكتاب الوثيقة: “المسرح المغربي في دوريات العراق (1973ـ 2015)” من منشورات الهيئة العربية للمسرح، للدكتور علي محمد هادي الربيعي، هذا الكتاب الذي أتمنى أن تسعفني الإمكانيات المادية والفكرية، لأعده على نفس المنوال، “المسرح العراقي في دوريات المغرب (1960/2023)”، هذا وأشير أن مهمتي في المغرب كمسؤول عن المؤتمرات الصحفية، علمتني أن فكرة المؤتمرات تعد أحسن تقديم لفعاليات المهرجان بتلك الطريقة التي تقدم فيها الفرق المسرحية مختبرها الفني وكيف أعدو مشروعهم الإبداعي، أوحينما يتم الاحتفاء بالمبدع المكرم الذي يعبر ويتكلم أو بالمؤلف الذي قد يضيف أو يعلق أو يغني، كما الاحتفاء بباقي الفعاليات من معدي المهرجان والمشرفين عليه والعاملين في كواليسه، وكأن المؤتمرات الصحفية فرصة لتكريم كل أهل المهرجان ومنسقيه ومدعميه ورواده ومؤثثيه؛ لذا أرى الكتاب الوثيقة “مهرجان المسرح العربي_تجربة مركز المؤتمرات الصحفية في العراق”، للناقد المسرحي العراقي د. بشار عليوي، رصد لما راج وقيل ليبقى أثرا متواترا، وهي تجربة رائعة وإنجاز هام ومشروع عبارة عن رسالة إلى كل الدورات القادمة.
وعليه سأقف هنا عند مهمة هامة للمؤتمرات الصحفية والمتمثلة في تقديم أولي بسطي استهلالي للفرق المسرحية؛ إذ تبوح الفرق المسرحية خلال المؤتمر الصحفي بظروف إنجاز العرض المسرحي وكيف تم اختيار النص أو الفكرة وصولا إلى التوزيع والتدريب مرورا بمعرفة الصيغ الأولى التي تم تطويرها أو تغييرها، وصولا إلى المؤثرات الخارجية التي أترت في العرض وساهمت في بنائه، وهو بوح نعتته بميتاعرض، حيث تقدم الفرق المسرحية المشاركة عروضها المسرحية بشكل مختلف وكأن أهل العرض المسرحي يقدمون لهنا رؤية عن مختبرهم الداخلي الانجازي والإبداعي الذي مر من المخاض إلى مرحلة الولادة مرورا بمراحل حياة العرض وصولا إلى فرحة وبهجة التقديم الأول للعرض أمام الجمهور المتنوع وما يلي ذلك من تطوير، وللإشارة تلتزم المؤتمرات الصحفية بهذا الاسهلال الذي يخص ميتاعرض فقط ولا يتجاوزه، لتأتي مرحلة العرض المسرحي وفرجة التلقي وفق البرمجة المهرجانية ليصل التواصل إلى مرحلة ثالثة وهي مناقشة العروض المسرحية ليلا مع النقاد والباحثين والممارسين وعموم الجمهور، هاته الصيغة من المناقشة التي تم تطيرها بالعراق بشكل مغاير مع “الأستوديو التحليلي”، والتي أرى أن منجز هذا الأستوديو يجب أن يفرغ بدوره ليقدم وثيقة أخرى، وبذلك يصبح لأهل العرض المسرحي، نص المؤتمر الصحفي الذي حوله الدكتور بشار لعليوي، إلى وثيقة مكتوبة، تم وثيقة النص أو النص والعرض، تم وثيقة ثالثة مادة الأستوديو التحليلي، بالإضافة إلى القراءات الإرتسامية والنقدية التي تنشر في الإعلام العام والخاص.
أرى أن تجربة المؤتمرات الصحفية وباقي الأطروحات تحسب للجهة المنظمة لمهرجان المسرح العربي، الهيئة العربية للمسرح، وتحسب للبلد المنظم الذي يقدم المهمة لفاعل بالضرورة أن يكون قريبا من حساسيات الإبداع العربي لكل قطر على حدة، ولا أخفيكم سرا، أنني في تجربتي مع طلبتي في المغرب، في المؤتمرات الصحفية وباقي المهام الإعلام من إعداد وتوزيع ونشر وتميع وتوثيق كنت في مواجهة خطي التحريري في إطار الرؤية العامة المرسومة بنعومة من طرف المنظمين وأعلن بالمناسبة التحية لرجل إعلام بامتياز ومخطط ومبرمج يحرس على التفاصيل التي يمكث فيها الإبداع والعطاء، الأستاذ غنام صابر غنام، الذي يتواصل مع أصحاب المهام التدبيرية والتسييرية من خلال برمجة قبلية عرمها تسعة أشهر أو أكثر لكي لا يترك الفرصة للارتجال والتسرع والخطأ، لذا تجد الرجل قريب من كل الحساسيات الإبداعية في كل قطر على حدة ويعرف التفاصيل في كل قطر، وبذلك يعتبر عمل المؤتمرات الصحفية إنتاج ومنجز تشاركي بين الجهة المنظمة والبلد المنظم، وهذا هو السر أن اختار د.بشار لعليوي الأستاذ غنام غنام بأن يتكلف بتقديم هذا الكتاب الوثيقة، حيث أشاد غنام غنام بهذه المبادرة التي تعتبر هي الأولى في توثيق عمل مركز المؤتمرات الصحفية في مهرجان المسرح العربي، الذي نظمته الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع وزارة الثقافة والسياحة والآثار ونقابة الفنانين العراقيين ودائرة السينما والمسرح، رغم أن وثائق المركز عادة ما تشكل جزءًا هاماً من التقرير العام الذي تعده الهيئة عن كل دورة، إلا أن مبادرة الدكتور بشار عليوي وضعت عمل المركز المؤتمرات الصحفية في بؤرة التركيز عبر إفراده رصد وتوثيق عمل المركز في كتاب، من هنا تأتي الإشادة بمركز المؤتمرات الصحفية الذي يعتبر قلباً نابضاً في كل الدورات من المهرجان، خاصة وأن الهيئة العربية للمسرح، جعلته منبراً لإلقاء الضوء على كل فعاليات المهرجان، العروض المسرحية في كافة المسارات، المؤتمر الفكري بندواته ومشاركيه، تم المكرمين و صاحب رسالة اليوم العربي للمسرح والفائزين في مسابقات الهيئة السنوية (تأليف النص المسرحي للكبار وتأليف النص المسرحي للأطفال والبحث العلمي المسرحي)، وصولا إلى الندوات التطبيقية والمحترفات التدريبية والإصدارات الخاصة بالمهرجان وكتابها، إضافة للمؤتمرات المخصصة لإدارة المهرجان وللجهات القائمة عليه والشركاء، مما يعني ما يزيد على ثلاثين مؤتمراً خلال أيام المهرجان، وهو الأمر الذي يجعل المركز خلية نحل في عمله، خاصة وأنه مصدراً للمعلومات والتقارير والصور التي تتزود بها كل أطراف المعادلة الإعلامية المعنية بالمهرجان. من هنا فإن تشكيلة فريق المركز تتم بعنابة شديدة، وقد كان لوجود الدكتور بشار عليوي ميزات عديدة، فإضافة لمستواه العلمي والمعرفي والأخلاقي، فهو صاحب اطلاع واسع على ما يدور في المشهد المسرحي العربي من خلال حضوره الفاعل وعلاقاته الوثيقة بالمسرحيين العرب، باعتباره مخرجا ليبرتوار كبير من الأعمال نالت الجوائز والاستحسان وباحثا وناقدا وممثلا وكاتبا مسرحيا كفئا وأكاديميا مؤطرا، حصلَ على عدد من الجوائز المسرحية عن مشاركاتهِ المسرحية وعضواً في لجان التحكيم والمُشاهدة، من أهم اصداراته: ( إنطولوجيا المسرح الكُردي ) و(مسرح الشارع _ حفريات المفهوم والوظيفة والنتاج) و( المسرح العراقي بعد التغيير مسرح ما بعد 9/4/2003) و(الميديولوجيا والمسرح المعاصر_دراسة في الوسائطية في العرض المسرحي) و(حسن عطية ايقونة النقد المسرحي) “مشترك” و(مسرح بيتر بروك رائد التجريب) و(دليل نُقاد المسرح العربي 1899_2020) عن الهيئة العربية للمسرح_الشارقة 2023. هي سيرة مشرفة بحصيلتها وخبرتها مما يجعل المبدعين الذين يجلسون على منصة المؤتمرات الصحفية يشعرون بالثقة والأمان، وقد دعم هذا الشعور المستوى الاحترافي الذي توفر في فريقه الذي لا بد من تحيتهم تحية عالية، الأستاذة علياء المالكي، الأستاذة نور اللامي، الأستاذ ضياء الأسدي، الذين بذلوا جهوداً جبارة في توثيق وكتابة تقارير وإعداد مواد عن المؤتمرات الصحفية.
وللإشارة وربطا بمسؤوليتي في المؤتمرات الصحفي في الدورة 13 الدار البيضاء/ المغرب، أعلن أن مهمة المسؤول عن المؤتمرات الصحفية وفريقه تتجلى في إدارة اللقاءات وإثارة النقاش وتفريغ المعطيات وصياغتها وتدعميها وتوزيعها على الصحفيين المتابعين والمقيمين بالمهرجان، وقد أضفنا في مهمتنا توزيع الخبر وصوره على وكالات الأبناء العربية والغربية باعتبارنا وكالة أخبار للمهرجان، بل وأضفنا إلى مهمتنا ربط علاقات تواصل بين الصحافة المغربية والعربية والمبدعين المشاركين، وقد نجحنا في مهمتنا وأعددنا خمس كتب توثيقية لما نشر أو قل لما استطعنا تجميعه وقد وصل إلى ما يقارب 2800 صفحة، وهي المهمة نفسها التي قمنا بها عن بعد تواصلا مع القسم الإعلامي ومع الأستاذ غنام غنام خلال الدورة 14 لمهرجان المسرح العربي بالعراق، وقد أخبرنا الأستاذ غنام غنام أن تقريرنا الصحفي سلم لحاكم الشارقة ضمن التقرير العام؛ لذا أعتبر جديد دورة الدار البيضاء، خلق خلية تجميع ما نشر واعتبار مركز المؤتمرات الصحفية وكالة الأنباء تنتج الخبر وتوزعه، وجديد الدورة 14 بالعراق تجميع حصيلة المؤتمرات الصحفية، في كتاب وهو عمل جاد وهام يحسب لدولة العراق ومبدعيها وأطرها ونشد على أيدي الدكتور بشار عليوي ومجموعته، وأعتبر شخصيا هذه الإضافة رسالة إلى كل الدول التي سينظم فيها مهرجان المسرح العربي، أن تغني خزانتها من خلال جعل محتويات المؤتمرات الصحفية وتداولاتها وثيقة هامة من وثائق المهرجان تكون مُتاحة أمام الباحثين والدارسين والمهتمين بشؤون المسرح العربي المُعاصر ولأول مرة وبالعراق يوثق هذا العمل باسم إدارة المؤتمرات الصحفية في تاريخ مهرجان المسرح العربي على مدى جميع دوراتهِ.