في لقاء بالمحمدية مع الإعلامية والناقدة السينمائية المصرية ناهد صلاح : لا أحب الكتابة بالأظافر الطويلة وأحرص أن يكون البعد الإنساني حاضرا في كتاباتي
dade24 | ضاد 24
ناهد صلاح:لا أحب الكتابة بالأظافر الطويلة وأحرص أن يكون البعد الإنساني حاضرا في كتاباتي
حسن نرايس: كتابات ناهد صلاح صور سينمائية صالحة لنقلها عبر الكاميرا إلى القاعات السينمائية
عبد الغني عارف: العلاقات المصرية المغربية وطيدة خاصة في الجانب الفني والإبداعي
جلال كندالي: ناهد صلاح تشكل اليوم مرجعا لا يمكن تخطيه ونحن نستحضر النقد السينمائي الرصين
قالت الإعلامية والناقدة السينمائية المصرية ناهد صلاح إن العلاقات بين المغرب ومصر ممتدة في التاريخ والجغرافيا . وذكرت في اللقاء الذي نظمته جمعية المحمدية للصحافة والإعلام ومركز أجيال 21 للثقافة والمواطنة يوم الجمعة الماضي بدار الثقافة محمد بلعربي العلوي بالمحمدية تكريما لها ولعطاءاتها في مجال الكتابة والنش، بقواقل الحج وكيف استقر العديد من المغاربة بالديار المصرية ومن بينهم والد الفنانة سامية جمال التي ألفت عنها كتابا بعنوان»سامية جمال الفراشة «، حيث أعادت التذكير بهذه الفنانة المصرية ذات الأصول المغربية من خلال توثيق مسيرتها الشخصية والفنية. وأوضحت نهاد صلاح أن عالم السينما عالم مبهر، قائلة إذا كان المسرح أب الفنون، فإن السينما أم الفنون
وفي معرض حديثها المفتوح مع جمهور مدينة المحمدية المكون من إعلاميين وفنانين ومثقفين وممثلي المجتمع المدني والأحزاب والنقابات، عرجت على تجربتها في الكاتبة، موضحة أنها ل اتحب الكتابة بالأظافر الطويلة، بل تحرص أن يكون البعد الإنساني حاضرا في إبداعها، وسلطت الضوء على علاقتها مع الفنان القدير عمر الشريف الذي ألفت عنه كتابا بعنوان «عمر الشريف بطل أيامنا الحلوة الذي مثل في مسلسل «وحيد في حياته» مع الممثلة القديرة سوسن بدر، حيث تمكنت من محاورته بشكل مطول وكان، تقول، صادقا في كل شيء، وهو الحوار الذي تم نشره في إحدى الجرائد الكويتية، وقبل رحيله كانت آخر من حاوره بتدخل من الفنان القدير سمير صبري، ورغم أنه عرضت عليه العديد من الجنسيات، الأمريكية والفرنسية والبريطانية، لكنه رفض أيا منها ، وبقي مصريا وهو ذو الأصول الشامية
وسردت كيف تعرض للتهجم من طرف شاب خليجي الذي كان يعتقد أنه يحمل جنسيات غربية، وكيف تدخل الفنان عبد الحليم حافظ، كما سلطت الضوء على علاقة الحب التي ربطته بالفنانة فاتن حمامة وانتقاله إلى العالمية
في ذات السياق حكت ناهد صلاح عن علاقة الموسيقار فريد الاطرش مع الفنانة سامية جمال، وهي علاقة حب التي استمرت ثمانية أعوام، وقد اشتغلا معا في ستة أفلام، كما ذكرت برحلتهما إلى المغرب التي استغرقت ثلاثة أشهر، وهي موثقة في التلفزيون الفرنسي، إذ كان المغرب ملاذا للفنانين المصريين ،وشددت على القوة الناعمة التي يمثلها المبدعون، وساقت في هذا الباب حكاية الزعيم جمال عبد الناصر في زيارة له للمغرب، حيث كان في موكب رسمي رفقة الملك الراحل الحسن الثاني، وكيف حاول أحد المغاربة الوصول إلى الموكب، ولما رآه جمال عبد الناصر طلب إفساح المجال له، ولما وصل هذا المغربي صافح عبد الناصر وطلب منه إبلاغ تحيته إلى الفنان إسماعيل ياسين، والغاية من هذا المثال هو تبيان تأثير الفن في المجتمعات. وكشفت أن الفن المغربي حاضر في مصر من خلال الأغنية المغربية والسينما في المهرجانات، لكنه غير حاضر في دور السينما المصرية
وسلطت ناهد صلاح الضوء على علاقة الحب التي جمعت بين عمر الشريف وفاتن حمامة وكيف استطاعت والدته أن تغير من شكل فاتن حمامة، والاشتغال بينهما قبل ذهابه إلى لندن والتحاقها به هناك ومكوثها معه لمدة سنتين، وبعد أن رمى خطوته الأولى للعالمية من خلال «لورنس العرب «طلب منها العودة إلى مصر، كاشفا لها أنه يحبها ولا يقدر على خيانتها، حيث سافرت إلى لبنان وبقيت هناك عامين، وحين قرأ الزعيم جمال عبد الناصر خبر تصوريها فيلما في لبنان تساءل عمن يكون قد أغضب فاتن حمامة، فوجد أن الأمر وراءه المسؤول الأول عن المخابرات، فأمر بالابتعاد عنها، لكن لم تعد إلى مصر إلا بعد رحيل جمال عبد الناصر
وفي معرض حديثها عن الموسيقار فريد الاطرش والفنانة سامية جمال، روت كيف كشف الأطرش عن قرب وفاته، موجها كلامة لسامية جمال قبل سنة 1975، لقد ضاع مني القرآن الذي منحتني إياه وكنت أتفاءل به دائما
فمصر، تقول ناهد صلاح، امتزج فيها الدم المغربي بالدم المصري عبر علاقات مصاهرة وتعايش، ففي الإسكندرية مثلاً أقام علماء جاءوا من المغرب والأندلس وعاشوا فيها وصاروا من أعلامها مثل الشيخ الزاهد القباري والشيخ الشاطبي والعالم والشاعر البوصيري والمرسي أبو العباس، وحملت أماكن في الاسكندرية أسماءهم وأسماء أخرى ذات أصل مغربي مثل سوق المغاربة وحي سيدي جابر نسبة إلى الرحالة الأندلسي الشهير ابن جبير. كما أن طنطا تعرف بالسيد أحمد البدوي. وتضيف نهاد صلاح في كتب التاريخ عرفنا أن رواق المغاربة في الأزهر تصدوا للقوات الفرنسية الغازية وأن نابليون أدرك خطورتهم فأصدر أمراً برحيل المغاربة ولم يرضخوا للأمر فتم القبض على شيخ الرواق وهو أبو القاسم المغربي
وفي الصعيد رحلات الحج واستقرار الحجاج المغاربة في الجنوب ومنهم جد سامية جمال لوالدتها، لذا فاسم المغرب منقوش في قلوب المصريين بحروف من النور والمحبة
وعرجت في كلمتها إلى مشاركتها في مهرجان سلا الدولي لسينما المرأة، حيث يُحسب لمهرجان سلا اختياره المرأة، كموضوع وعرض ومنجز سينمائي. وتطرقت إلى المرأة في السينما المصرية، حيث رأت أن ذلك يشكل لغما ينفجر في وجه من يقترب منه أو يحاول أن يحفر حوله لاكتشافه، خصوصاً مع طغيان قيم الذكورة وأحكامها على كل ما يتعلق بالأدوار النمطية والمكررة للمرأة في السينما المصرية عبر تاريخها كله، كالخائنة أو الراقصة اللعوب أو فتاة الليل أو تاجرة المخدرات أو حتى الفتاة الريفية الساذجة والخادمة والطالبة والموظفة وغير ذلك من النماذج التي صاغت صورة المرأة وحاولت أن تقلل من أهميتها ومن قيمتها، وفي أحيان كثيرة من دورها الفاعل في المجتمع أيضاً، حيث تعاملت معها في الغالب وكأنها غيمة عابرة على هامش الأحداث. لم تخرج المرأة في أفلام الفتوات عن هذه الصورة النمطية كثيراً، على الرغم من أن بعض النماذج كانت تبدو ظاهرياً وكأنها فاعلة ومحركة للأحداث، فهي تقف وراء الفتوة وبجواره وتدفعه لكل التحولات والانعطافات التي تصادفه في طريقه، سواء بشكل مباشر يبرز فيه دور المرأة إيجابياً حيناً وسلبياً في الغالب، أو بشكل خفي يطل من وراء ستار يختفي خلفه عالم غامض ينسج خيوطه من أجواء تسودها المؤامرات والخيانات
كما في أغلب أفلامها، قدمت نادية الجندي في فيلم «شهد الملكة» دوراً من المؤكد تقول إنه جاء على هواها.. دور المرأة التي تستعذب السيطرة على الرجال وتستمتع بإذلالهم وتحقيرهم وهي تنتقل من رجل إلى آخر، والجميع لا يطالون منها إلا ما أرادته فقط، ثم تأتي النهاية الميلودرامية ليكون الانتقام هو مصيرها المحتوم حيث تلقى دائماً حتفها علي يد أحد الرجال الذين اكتوت قلوبهم بنيران حبها وطموحها في الصعود على أكتافهم
وعلى خلفية صور متعددة لشكل الفلاحة على شاشة السينما، تتفكك تفاصيلها من الصورة الكُلية للمرأة والتي تكون في الغالب صورة نمطية تتوزع بين رومانسية مريضة أو لا وعي خادع لم يتحرر من الكليشهات التقليدية، يقفز هذا مؤلفها على الصورة ويتكيء على تفاصيلها ليُقدم المشهد النهائي لحضور الفلاحة في السينما عبر دروب مكرورة لا تجعل الحضور على سجيته وإنما على هَدْي الهوامش كأنها لم تكن مبتدأ ولا خبراً، فالفلاحة بكل تنويعاته، تقول ناهد صلاح، هي مجرد هامش في السينما، ظل غير معروف لأي شيء، ظل حائط أو ظل شجرة كبائعة الجبن في الشارع أو الخادمة تأتي من الريف إلى جدران المدينة الباردة والمتوحشة، أو ظل للرجل تتبع خطاه معنىً وحساً في أفلام لم ترسم لها أثراً كأنها لم تكن شخصاً ولا نصاً.. البطولة للرجل والتبعية للمرأة، أو ظل وفيْ للرواية لا تكترث به السينما كما تكترث للرواية في حد ذاتها ولا تمد يداً لسؤال اللهفة عن عمل كُتب خصيصاً للسينما تكون بطلته فلاحة في مقابل المرأة العاملة والطالبة الموجودة بقوة في السينما وفي أدوار بطولة مطلقة، تتوالى السنوات منذ «زينب» وحتى زمننا هذا والهامشية مستمرة – تضيف – على الرغم من أنه لا يوجد عملاً سينمائياً يخلو من فلاحة، سواء وزيرة أو خادمة على اعتبار أننا ننتمي لمجتمع زراعي منذ 7000 سنة وأن الجميع له جذور فلاحية، وعلى الرغم أيضاً من أن السينما المصرية قامت على أكتاف نساء استطعن اقتناص مساحة شديدة الخصوصية تحركن فيها بجرأة، بهيجة حافظ وعزيزة أمير وفاطمة رشدي وآسيا كُن في طليعة سينمائيين هيأوا حياتهم وأحلامهم كلها للسينما، واعتمدن في تجاربهن على أثرياء الريف وتجار القطن الذين أسهموا في صناعة السينما وأنتجوا العديد من أفلامها، فيظل «زينب « فيلماً تقول الإعلامية والناقدة السينمائية المصرية ناهد صلاح عن فلا حين يلمعون ويتحركون وفق متطلبات السينما الهوليودية التي تلتزم بالشكل والفرجة أكثر من المضمون، و» ليلى بنت الريف» توضح هو الانعكاس المحلي للبعد العالمي، فالعزبة والفلاحين والرقص والقصور والمرأة الفلاحة مجرد تنويعة حتى يتسم الفيلم بمصريته لكن الإطار هو أمريكي بامتياز، و»حسن ونعيمة» مجرد نموذج فولكلوري، و»الحرام» و»النداهة» اجترار لموضة الفلاحين في زمن كان هذا هو اتجاهه السياسي والاجتماعي حتى في الأغنية ينتبه عبدالحليم حافظ لغيابه عن هذه المنطقة ويخلع معطفه الرومانسي وينافس محمد رشدي في الغناء الشعبي ويلتقي الشكل بالمضمون ليُكمل الإيقاع دورته، وهو ما يتناوله هذا الكتاب جملة وتفصيلاً مع التطرق إلى تهميش أو تنميط صورة الفلاحة على الشاشة الكبيرة، هذا بخلاف سطحية بعض موضوعات الأفلام وتكرار مضمونها؛ حيث تُعاني الذاكرة السينمائية من ندرة في عدد الأفلام التي تناولت الريف بشكل عام
الإعلامي والناقد السينمائي حسن نرايس أوضح أن الكاتبة ناهد صلاح عميقة في بحثها، رصينة في منهجيتها ومبدعة في اختيار مواضيعها وفنانة في اختيار زوايا تصويرها، كما هي دقيقة في اختيار معالجتها، وقد وصفها الناقد كمال رمزي بأنها نبات يحفر طريقه بين الصخور في الأجواء الموحشة يكون غالبا أكثر قسوة وأشد تمسكا بالبقاء . وأشاد حسن نرايس بالموضوع الذي اختارته ناهد صلاح في كتابها الفلاحة في السينما المصرية، موصوع فيه ما فيه، وهو مهدى إلى كل فلاحة تشققت يداها وقدماها لما زرعت ومحصدتش، ويضيف حسن نرايس أن كاتبتنا تكتب بأسلوب التعاطف النبيل واللغة المسترسلة والأسلوب المباشر البسيط، كأنك أمام صور سينمائية تحكمها التأثر البليغ والتشويق الجميل، والكتاب صالح لنقله عبر الكاميرا إلى القاعات السينمائية لمعرفة سيرة ومسيرة فنانة شابة (سامية جمال ) مرت من هنا وتركت اسمها شامخا وموشوما في الذاكرة الفنية العربية واسمها الحقيقي زينب خليل إبراهيم محفوظ تنحدر من أصول مغربية، عاشت الفقر والثراء، عاشت الحرمان والعزلة، كما عاشت العطاء والنحومية، امرأة أتبعتها كل قصص الحب ولها من روح الفراشة نصيب
اللقاء قدمه الأستاذ والشاعر عبد الغني عارف، حيث ذكر بالعلاقات المغربية المصرية خاصة في الشق المرتبط بما هو فني وإبداعي، كما أشار إلى السياق الذي جاء فيه هذا اللقاء الذي تبنته جمعيتان معا مركز 21 أجيال للثقافة والمواطنة وجمعية المحمدية للصحافة والإعلام، لما تمثله الإعلامية والناقدة السينمائية المصرية ناهد صلاح وتشكله من صورة مشرقة للمرأة العربية وهذا يتجلى في عطاءاتها وإنتجاتها على مستوى النشر الرصين. وأوضح عبد الغني عارف أن مثل هذه اللقاءات ستتواصل مع فنانين ومثقفين وكل من أثرى الساحة الإبداعية بعطاءاته
جلال كندالي باسم مركز أجيال 21 للثقافة والمواطنة وجمعية المحمدية للصحافة والإعلام، كشف أن الإعلامية والناقدة السينمائية المصرية ناهد صلاح من الأسماء النسائية القلائل اللائي اقتحمن عالم النقد السينمائي ، إذ ساهمت بشكل كبير في هذا المجال من خلال العديد من الإصدارات، وهي تشكل اليوم مرجعا لا يمكن تخطيه ونحن نستحضر النقد السينمائي الرصين، وهذا طبيعي، يقول جلال كندالي بحكم البدايات التي حصنت مرجعيتها واختارت عن وعي الانضمام إلى الصحافة الجادة وإلى أهم عنوان في مصر والعالم العربي، ويتعلق الأمر تحديدا بمجلة روز اليوسف. وأكد كندالي أن ناهد صلاح لم تنتم يوما إلى عناوين الإثارة، بل اختارت الإنتماء إلى المؤسسات التي تؤمن بالرسالة النبيلة لصاحبة الجلالة، وقد استمرت في هذا الاختيار والمسار واحتكت بالكبار في الإعلام وفي السينما وتحديدا السينما الواقعية، فهي مؤمنة ووفية لهذه المدرسة ذات النزوع الوطني والعروبي ، وهو ما أطر مضامين مؤلفاتها العديدة. وقد زاوجت يضيف بين الإعلام المكتوب والمرئي