“عوامل قاهرة خارجة عن إرادتنا حالت دون تحقيق أهدافنا المسطرة” – ” جهات مناوئة مارست التشويش على برنامج عملنا “- ” لم نتلق الدعم اللازم من السلطات المعنية داخل المدينة كي نترجم رؤيتنا التصحيحية على أرض الواقع “.
هي عينة تصريحات عدد من “المشتغلين” في المجال الرياضي ، تسييرا وإدارة ، والتي كثيرا ما يتردد “صداها ” المستفز عبر مختلف وسائل الإعلام ، الورقية والمسموعة والمرئية والإلكترونية ، كلما عاش فريق من الفرق الرياضية فترة بياض من حيث النتائج الإيجابية ، تصريحات تجعل المنشغل ب” أحوال المجتمع ” ، بكافة تمثلاتها ، رياضية ، اقتصادية ، ثقافية واجتماعية… ، يقف حائرا أمام ” مشترك” يوحد في الغالب ردود فعل أكثر من مسؤول سعى بكل ما يملك، وسخّر وسائل متباينة، من أجل بلوغ “صدارة التسيير” . مشترك عنوانه الأساسي : الآخر هو سبب الفشل والمسؤول عن حصد الأصفار؟
فهذا رئيس جماعة حطّم أرقاما قياسية في ما يخص عدد “الولايات” التي انفرد، خلال شهورها وسنواتها الطوال، بالتسيير واستأثر بالقرار، وتحت ألوان سياسية مختلفة برموزها المتعددة ، لا يتردد في إلصاق أسباب بقاء منطقة نفوذه الترابي خارج زمن التنمية : بنية طرقية متهالكة ، مرافق خدماتية تعاني التردي الفاضح ، فضاءات شبابية وأندية نسوية خارج أجندات “الرايس” ، سوق أسبوعي تفتقر “معروضاته” للحد الأدنى من الشروط الصحية…، ب” الأصوات المعارضة ” مدنية وسياسية، هي التي حرمها حتى من حق إبداء رأيها وملاحظتها، ضدا على ما تنص عليه مقتضيات دستور فاتح يوليوز 2011، ومع ذلك فهذه “الأصوات” هي التي ، حسب زعم ” الرايس” غير الرشيد ، طبعا ، وأنصاره الذين لا يعصون له أمرا ، تقف وراء مختلف “السلبيات” التي حصدتها الجماعة وتجرّع مرارتها السكان في ما يتعلق بمشاريع النهوض ب”الإنسان” وتمتين دعائم البنيان !
موقف غريب يزداد “غرابة” حين يعلم المرء أن “الرايس” ، صاحب الكبوات التدبيرية القياسية ، عاود الكرة من جديد ودخل التنافس الانتخابي الموالي ، وجال الدواوير والتجمعات السكانية، التي تئن تحت وطأة الخصاص التنموي الشامل ، وفاز ب” الحصانة ” البرلمانية ، غير آبه بما “اقترف ” تسلطه على مقعد ” الرئاسة الجماعية “” من اختلالات ستعيد المنطقة إلى الخلف لسنوات طويلة ؟
واللافت أن لصاحبنا هذا نظراء في مختلف جهات جغرافية البلاد، لا يعترفون بشيء اسمه “النقد والمحاسبة ” ، كما هو سائد داخل مجتمعات التعاقد الديمقراطي السليم بين الناخب والمنتخب . فهؤلاء يؤمنون بأن الحسم الانتخابي لا تتحكم فيه المرتكزات الديمقراطية السليمة ، بقدر ما هو مرتبط بالتوفر على “فريق دعم” لا يذخر جهدا في استغلال بؤس “البسطاء” بأبشع الوسائل وأخسها .
مسألة غياب الإقرار بالفشل والاعتراف بارتكاب الأخطاء ، ومن ثم تحمّل المسؤولية بشكل علني لا لبس فيه ولا التفاف ، تطال مجالات عديدة أكثر حساسية ، حيث لا يتردد ” الواحد” ، من العينة السالف ذكرها ، في ارتداء لبوس لكل “مناسبة معينة”، فأمام الكاميرا تسمعه يصرح ب”الأبيض ” من الكلام المؤشر على تثمينه لهذا القرار أو ذاك ، وحين يكون داخل اجتماع حزبي ” مغلق ” تسرب عنه تسجيلات – يكاد الأمر يتحول إلى عرف مؤثث لنهاية الأسبوع !- يتملص من خلالها من كل ما سلف وأبداه من تأييد للخطوة التي صرح بشأنها باعتباره مسؤولا ” عاما ” لا ممثلا لحزب معين ، وكأن “المسؤولية العمومية ” أضحت، حسب مفهوم هؤلاء ، بذلة يتم التخلص من ثقلها خلال ” الويكند ” ؟
إنها مظاهر ازدواجية في الخطاب تدفع المهتمين ب”نبضات ” الشأن العام، إلى التساؤل عن جسامة العواقب المحتملة لهذه النوعية من السلوكات الملتبسة، على القادم من “المواعيد السياسية” ، وذلك استحضارا للمعدلات المقلقة التي سجلها العزوف عن التوجه لصناديق الاقتراع خلال محطات انتخابية سابقة ؟
إن غياب خصال الاعتراف بالعجز عن تحقيق الأفضل، وفسح المجال ل ” الآخر” كي يمتحن قدرته على إحداث التغيير، بعيدا عن “لعبة” خلط الأوراق ذات الفواتير الباهظة، آنيا ومستقبلا ، يعد مؤشرا على مدى تجذر ” سلوكات” غير سليمة لا يمكن للمتتبع أن يقرأ معانيها الثاوية دون أن يداهمه الإحساس بالقلق تجاه أخطار”المجهول” المحدق بمسؤولية “التدبير العام ” .