العربي رياض
سيدي محمد المتوكل الممثل الرائع والمتواضع حتى نخاع التراب ، أعلم أن عددا من الجمهور لم تتح لهم فرصة التعرف على مواهبك الفنية أكثر كما هو حاصل مع العشرات من زملائك الفنانين ، الٱلة الإعلامية الطاحنة لم تكلف عدستها كي تظهر لهذا الجمهور وهو ،جمهور دكي وذواق بطبيعة الحال، يعرف الغث من السمين ، قلت لم تضع عدستها أمامك لتنقل لجمهورك تعدد مواهبك ، لتعلن له أنك بالإضافة إلى كونك ممثلا فإنك أيضا عازف ماهر لعدد من الٱلات الموسيقية ، وعلى دراية جيدة بمختلف الإيقاعات المغربية وما تحمل من أهازيج تراثية ، ومن حفظة الملحون وعاشق لدروبه ومشاييخه وتفاصيل ترتيباته الإبداعية وأزمنة نظمه ، أيضا مولع لا يشق له غبار بعالم فن الآلة من موسيقى أندلسية وغرناطية ، دون نسيان تبحرك في عوالم الأغنية العصرية والفنون الشعبية بمختلف تلاوينها، وأنك على إلمام كبير بفنون المسرح انطلاقا من العالمي وصولا إلى بيت مسرحنا الجميل ، ثم عالم السينما الذي هو عالمك ، كما لم تنقل هذه العدسة بأنك تتمتع بصوت غنائي طروب ، هل العيب فيك أم في الجمهور ؟ الجواب واضح وجلي العيب في العطب المتأبط بتلك الٱلة الإعلاميةالتي تمتح من السطحية الفرونكفونية ، الضاربة في التسطح حتى نخاع ـ لفريم ـ الفارغ أحيانا ومن روح بول البعير أحيانا أخرى ٠٠ لهذا صديقي ستظل وزملاؤك الكبار في المجال الفني عرضة لأحكام التعميم التي يبوح بها البعض دون أن يقصد طينتكم ٱنتم بالأساس ، لأن الجمهور المغربي كما أسلفت له عين ثاقبة إذ من هو هذا الجمهور ، إنهم مواطنون ينتمون إلى مناطق جغرافية في البلاد تزخر كلها بألوان متعددة من الفن والإبداع ، لذلك فروح النقد والقراءة الجيدة لما يعرض أمامه تسري في دمه ، وهو لا يخطئ فنانيه الجيدين هل سمعت يوما هذا الجمهور الراقي قلل من احترامه للصديقي أو لعلج أو عبدالقادر الراشدي أو مطاع أو داسوكين أو بلقاس أو أمينة رشيد أو فريدة بورقية أو البسطاوي أو خويي والشوبي أو من عاجل أو فهيد أو رفيق بوبكر أو صلاح ديزان أو ميكري وغيرهم المئات ، من الفنانين المقتدرين الذين بصموا على علو كعب في المجال ٠ إن بعضا من الجمهور لما وجد نفسه أمام جائحة متسلطة أرغمته على العزلة أخد يتحسس أسباب أوجاعه ، فاكتشف كيف كان ضحية للنصب والاحتيال من طرف شركات تسلطت على المجال ، ودفعت بأدنابها لاحتلال الواجهة ليعيثوا فيهم تفاهة ، سواء عبر برامج ممولة وأي تمويل أو عبر بلاطوهات متنقلة في فضاأت مختلفة ، وتحت مبررات واهية مختلفة ، و حينما انتبه هذا الجمهور عندما وصل دروة الجد وجد نفسه يطوف حول حصيلة كارثية ، لذلك فانتقاده التعميمي أحاينا ، هو موجه للٱلة التي خدعته بوجوهها التي أطلقت عليها عنوان الوجوه المؤثرة ، وهي وجوه على كل حال تقطع في القلب ليس لها ما تقدم ولا تؤخر لو ظل زمن الكيشي أو شباك التذاكر، فحينها كانوا سيتعرفون على كل أنواع الطماطم واللفت والبيض دون حاجة لأن يجوبوا السوق ، لكنهم اليوم يشكلون غصبا واغتصابا مطرقة حقيقية مزعجة بفعل الحصانة المسخرة لفائدتهم ، هي ذات الٱلة التي بعتت بمخرجين إلى التخصص في علم الكالكيلاتريس بدل الإبداع في زوايا الكاميرا ، وأدخلتهم في حروب مع ممثلين لم يسددوا مستحقاتهم لأن العلم الجديد الذي دخله بعض المخرجين والمنتجين ، جعلهم يعلمون الجشع ما معنى الجشع على أصول ، هذه الٱلة التي عممت مفاهيم جديدة تبعا للنظام العالمي الجديد كالقول أننا في المجال تخلفنا على الركب الأمريكي في الميدان الذي ذهب إلى برامج الواقع وماشابه من أعمال وتناست هذه الألة ، بأن أمريكا الحقيقية وأمريكا العمق لم تهدم قاعاتها السينمائية ولم تحولها إلى قيساريات وبأنها تعج بالزوار، لأنها تعرض أعمالا أو تحفا فنية تحترم الإنسان الأمريكي ، تحفا لا مجال فيها للزبونية بل للإنسان المناسب في المكان المناسب ، كما تناست أن معدن أمريكا مؤثثة بمئات قاعات العرض مخصصة لكل أشكال الإبداع ولن يعتلي ركحها إلا الضالعون من المواهب ، ثم إن أمريكا لم تنس رجالها ، فهي دائمة الامتنان والاحتفاء بأبطالها فسكورسيزي رغم سنه المتقدم وروبير دي نيرو وسيلفستر ستالون وغيرهم ، دائمو الحضور في شتى المناسبات والبلاطوهات والقنوات فيما ٱلتنا الإعلامية والدعائية التي تبهدل حتى ما تريد إبرازه ، تترك فنانا عظيما مثل نورالدين بكر يركن إلى ٱلامه وتفاصيل إقصائه على هذه الٱلة إما أن تحفظ الدرس كله أو تتركه كله
صديقي الفنان المتوكل أعي جيدا كما يعي الكثيرون حيف التعميم في الأحكام ، لكن ما زلنا كجمهور لم نجد عنوانا واضحا وشفافا نطلقه على زمة الدخلاء عليكم ، ممن اغتنوا دون موجب معايير اللهم إلا إذا كان المعيار ، هو لبسالة وتخراج العينين حتى بخصوص هذه لبسالة لن يقووا عليها لو كانت هناك دفاتر تحملات منصفة ، لهذا صديقي الرائع والممتع ما ينقصنا في المجال هو العدالة الفنية ، أن يتاح للكل ما يتاح للجزء المحظوظ فلا يمكن أن نوفر لهذا ونحرم ذاك ، وما ينقصنا أكثر هو جعل الثقافة عموما ركنا من أركان عجلة الاقتصاد ساعتها لن يكون للرعونة موقع ، وسأختم بما قاله الأستاذ الطيب الصديقي في حوار أجري معه قبل رحيله بأشهر ، عندما سئل عن واقع الثقافة في الساحة الوطنية ، ليعاود السؤال للصحفي الذي استجوبه بالقول أنا إسمي الصديقي وأعتقد بأن لي مكانة في هذا الحقل نعم أم لا ؟ فرد عليه الصحفي بكل تأكيد أستاذ ، فأجاب الصديقي بتعبيره المعهود ٠٠ إيوا ٱسيدي وزير الثقافة ما عمرو عيط لي أو تلاقاني ٠٠٠٠ دمت فنانا كبيرا أخي المتوكل