#أخبار

تنظيمات صحية تدعو لتقليص المصاريف العلاجية على المرضى

عزالدين زهير

دعت تنظيمات نقابية صحية لإستئناف الحوار  بخصوص التعريفة المرجعية الوطنية انطلاقا من الاتفاق الموقع في 13 يناير 2020، مع ضرورة بذل المزيد من الجهود من أجل التخفيف من ثقل مصاريف الفحوصات والعلاجات على المواطنين لتعزيز الوقاية وتطوير الصحة العامة.

و تأتي هذه الدعوة تفاعلا مع الأوراش الكبرى المفتوحة التي تعرفها المنظومة الصحية في بلادنا، تنزيلا للورش الملكي الرائد المتعلق بالحماية الاجتماعية، وضمنه الشق المرتبط بتعميم التغطية الصحية والتأمين الإجباري عن المرض، ومساهمة في تنزيل هذا القرار التاريخي الكبير، بالشكل الذي يضمن أجرأة التعليمات الملكية السامية التي تدعو لضمان عدالة صحية اجتماعية ومجالية لتمكين المواطنين المغاربة من شمال المملكة الشريفة إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها من الولوج إلى الخدمات الصحية بشكل عادل ومتكافئ، متجاوزين كل القيود والإكراهات المادية.

و وجهت  التنظيمات و منها  التجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين في القطاع الخاص – النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر – النقابة الوطنية للطب العام – الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة،  نداء إلى السيد المدير العام للوكالة الوطنية للتأمين الصحي من أجل دعوة كل الأطراف المعنية لعقد جلسات حوار حول مآل التعريفة المرجعية الوطنية.

و تأتي في ظل سياق اقتصادي واجتماعي يعرف الجميع وقعه على المواطن المغربي، خاصة الفئات الهشة والفقيرة، بالرغم من كل الجهود الحكومية الكبيرة في هذا الإطار، وهو ما يرخي بتبعاته على الوضع الصحي لعدد كبير من المواطنين، بسبب ارتفاع كلفة العلاج؛ إذ أن النسبة التي يتحمّلها المؤمّن عن كل ملف مرضي قد تصل إلى حدود 60 في المائة من مجموع المصاريف المادية في بعض الملفات؛ مما قد يضطر عددا مهما منهم للتخلي عن المقاربة الصحية والتعايش الاضطراري مع مجموعة من الأمراض التي تكون لها كلفة صحية واقتصادية مهولة لاحقا، كما هو الحال بالنسبة للمصاب بالضغط الدموي الذي في حال عدم مراقبة وضعه الصحي بانتظام قد يصاب بجلطة دماغية، وكذلك المصاب بداء السكري الذي إذا تخلى عن متابعة وضعه فقد يؤدي به الأمر إلى بتر قدمه، فيصبح بذلك عالة على أسرته وعلى المجتمع، ونفس الأمر بالنسبة للسرطانات التي يجب تشخيصها والتكفل بها مبكرا.

و تبين المعطيات الرقمية المرتبطة بتمويل التغطية الصحية  على أن نسبة 3 في المائة من المؤمّنين، الذين يعانون من أمراض مزمنة، يستهلكون حوالي 52 في المائة من ميزانيتها، وتوضح كيف أن نسبة 30 في المائة من المصاريف تهمّ الأدوية، في حين أن الاستشارات الطبية قصد الكشف والتشخيص والمتابعة وتنسيق العلاجات لا تكلّف إلا نسبة 4 في المائة، علما بأن لها دور أساسي ومحوري في تشخيص الأمراض مبكرا وبالتالي التقليص من نسبة المصاريف العلاجية وتفادي المضاعفات الوخيمة، فضلا عن أهميتها في تعزيز الوقاية الصحية.

  و امام هذا الوضع تدعو  التنظيمات النقابية،  إلى فتح باب النقاش حول اتفاقية التعريفة المرجعية التي تم توقيعها في 2006، التي لم تعرف أي تغييرات منذ ذلك الوقت إلى اليوم، بالرغم من أن القانون ينص على تعديلها كل ثلاث سنوات، وتحث على اعتماد اتفاق 13 يناير 2020 كأساس ومدخل لكل نقاش في هذا الموضوع، الذي وقّع عليه هو الآخر إلى جانب ممثلي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وذلك من أجل التخفيف من ثقل الإنفاق الصحي على كاهل المواطن، لأن الطبيب يتوصل بأتعابه عن العمل الذي يقوم به كاملا، في حين أن المريض هو من يضطر لتحمل الفارق المادي بين ما سدده من مصاريف وما استرجعه من الصناديق الاجتماعية، الأمر الذي يحول دون ولوجه أو ولوج أحد أفراد أسرته مرة أخرى للعلاج، بسبب ارتفاع النفقات الصحية، مع ما لهذه الوضعية من آثار غير صحية على علاقة المواطنين بمقدمي الخدمات الصحية والمنظومة الصحية ككل.

وعبرت التنظيمات بكونها مقدمين للعلاجات، ومعهم الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، وكل المتدخلين المعنيين، على وعي كامل بكل هذه المشاكل التي يكون المواطن في مواجهتها بشكل مباشر، ونستحضر بكل تأكيد وقع ارتفاع كلفة الإنفاق الصحي على الأفراد والأسر، بسبب عدم مراجعة التعريفة الوطنية، وتأثيرها على علاقة المواطن بالمنظومة الوطنية للصحة، وهو ما  جعلهم  يدعون كل الفرقاء والمتدخلين المعنيين، لإعادة فتح نقاش جاد ومسؤول بخصوص هذا الموضوع، الذي من شأنه التوصل فيه إلى حلول، التخفيف من كلفة التشخيص والعلاج على المرضى، وتقليص مصاريف النفقات العلاجية على الصناديق الاجتماعية، لأن المراقبة الصحية المنتظمة تحول دون تسجيل مضاعفات يكون علاجها مكلّفا وثقيلا لاحقا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى