الماراطون الدولي العاشر وصمة عار على جبين للدارالبيضاء!
dade24 | ضاد 24
#وحيد_مبارك
نظمته #شركة كازا إيفنت، بتعاون مع #الجامعة_الملكية_المغربية_لألعاب_القوى و #عصبة الحسين نصر الله ل #ألعاب_القوى
هل يصح ألا تكون للدارالبيضاء بصمة رياضية، وطنيا ودوليا؟ أليس من البديهي أن تشكل العاصمة الاقتصادية قبلة عالمية للرياضيين في مواعيد سنوية، محددة قبلا؟ المدينة الذكية، كما يريد البعض أن يوهمنا، مدينة ناطحات السحاب والرؤية المستقبلية، التي ستشكل محطة أساسية في “الشان”، وهي التي تسعى من خلال بلادنا لاستقبال المونديال، وترفع شعار الجهازية، يسيء لها البعض عن سبق إصرار وترصد، ويفرمل كل جهد يبذل من أجل أن تكون حقا في مصاف كبريات المدن العالمية.
إنها خلاصة واضحة بيّنة، لكل من تتبع تفاصيل مهزلة ضمن سلسلة مهازل عديدة، لما سمي بالماراطون الدولي ليوم الأحد 30 أكتوبر 2017، الذي اعترته اختلالات بالجملة، هذا الحدث الرياضي الذي شارك فيه عداءون مغاربة وأجانب، من دول إفريقية وأروبية وغيرها، وشكّل قبلة للهواة الذين أرادوا بدورهم ركوب “المغامرة” الرياضية، وأن يبحثوا عن متنفس رياضي، أدخلهم في عوالم متعددة من المتاهات، بدءا بالتسجيل والبحث عن صدريات، مرورا بعدم توفير المستلزمات المائية والغذائية، وغياب المشرفين على التوجيه صوب المسارات، وصولا للتيه وسط وسائل النقل المختلفة والسيارات، التي سارت جنبا إلى جنب مع المتبارين، في تهديد لسلامتهم وتعريضهم لكل أشكال الخطر؟
هكذا تمت هندسة تفاصيل المارطون، الذي قيل أنه خصصت له ميزانية مادية بلغ قدرها 360 مليون سنتيم، وهكذا أريد له أن يصبح وصمة عار على جبين الدارالبيضاء، وأن تتناقل المواقع الاجتماعية، من خلال الفيسبوك” و”تويتر”، والمواقع الإلكترونية، لصور الفوضى والعبث، وتصريحات الإهانة من طرف عدائين وصحافيين، وأن تكون شوهتنا عالمية متجاوزة الحدود، خلافا للصورة الإيجابية التي تم تسويقها نتيجة لمجهود “ريدوان” و”فرانش مونتانا” التي قضم غيرنا أصابعهم على نجاحها بل وتميزها، لتأتي في النهاية شركة التنمية المحلية و “تدكّ” كل المجهود الذي يبذل هنا وهناك لتقديم صورة إيجابية عن بلادنا، صورة يفتخر ويعتز بها كل مغربي، في الداخل والخارج، صغيرا كان أو كبيرا، من مختلف الجنسين، فنجد أنفسنا في النهاية مع تلك الصور المشؤومة، الناطقة الفاضحة التي تؤثثها الأزبال، التي تجعل الجميع يطرح ألف سؤال وسؤال، عن ماراطون كان يقطع خطواته بثبات نحو التطور، فإذا به يتقهقر ويعرف هذا المآل؟
ارتجالية الإعداد
أكّد عدد من المشاركين في ما سمي بالدورة العاشرة من الماراطون الدولي للدارالبيضاء، الذين التقتهم “الاتحاد الاشتراكي”، أنهم عانوا الأمرّين من أجل التسجيل في هذا الحدث الرياضي الذي كانوا يمنّون النفس به وتأكيد مشاركتهم، من خلال “نقاط البيع” التي تم تحديدها، كما هو الحال بالنسبة للنقطة التي تم إحداثها على مستوى مركز المدينة/ماريشال، والتي عرفت إقبالا عريضا قابله تدبير سلحفاتي بطيء لم يسمح بتمكين العدائين من تحقيق رغبتهم بشكل سلسل، وفرض على الراغبين في التسجيل قضاء الساعات لوضع إسمهم في لائحة المشاركين بعد تسديدهم لمقابل مادي، اختلفت قيمته باختلاف المسابقات التي يرغب كل واحد في المشاركة بها، ضمن الماراطون نفسه، والتي توزعت مابين100 درهم لمسابقة 10 كيلومترات، 120 درهما لنصف الماراطون أي 21 كيلومتر، و 200 درهم للمسافة الكاملة المحددة في 42 كيلومتر.
تسجيل طالته عدد من الاختلالات التي وقفت “الاتحاد الاشتراكي” على بعضها، كما هو الشأن بالنسبة لحالات غضب عارمة تمت معاينتها لمواطنين اعتمدوا التقنية الرقمية في تسجيل أسمائهم عبر الانترنيت، فإذا بهم يجدون أنفسهم غير مدرجين بالقوائم، مما تعذر معه سحبهم لصدرياتهم، الأمر الذي استشاط له غضبا كثير ممن كانت لديهم الرغبة في المشاركة، واعتبروه إقصاء لهم يعبر عن تدبير غير سليم من قبل من يرفعون شعار المدينة الذكية ويدعون لرقمنتها، بينما يؤكد الواقع أنهم متخلفون عن هذا الركب، وهو ماتبين في أبسط امتحان!
اختلالات بالجملة
كما كان محدّدا اصطف العداءون صبيحة يوم الأحد 29 أكتوبر في نقطة انطلاق الماراطون مبكرا بمنطقة العنق، بعد أن عانوا الأمرّين، منتظرين أن تطوى صفحة الغضب وأن يفسح المجال للجري المقترن بالمتعة، ومترقّبين أن تعلن عقارب الساعة عن السابعة و 45 دقيقة، الموعد المحدد لإعطاء “صافرة” الانطلاقة، بالنسبة للمشاركين في كيلومترات الماراطون كاملة 42 ، وللفئة المشاركة في النصف 21 كيلومتر، على أن تعطى الانطلاق الثانية للفئة الثالثة المعنية بسباق 10 كيلومترات بعد ذلك بربع ساعة، أي في الساعة الثامنة صباحا، إلا أنه وإذا كان قد تم احترام التوقيت الأول أي 7.45، فقد تم إعطاء انطلاقة جماعية لكل المشاركين بمختلف فئاتهم الامر الذي ساهم في خلق فوضى عارمة، لم يتقبّلها عدد من المشاركين الذين أكدوا لـ “الاتحاد الاشتراكي” أنها تشكل نقطة سوداء أخرى في تفاصيل هذا الماراطون، وهم الذين اعتادوا المشاركة في ملتقيات وطنية ودولية، بعيدة كل البعد عن مثل هذا النوع من “الزلاّت”.
تحرك المشاركين في الماراطون لم يكن كافيا للحيلولة دون استمرار تسجيل النقائص، إذ تبين أن المسار المخصص هو يفتقد لعلامات التشوير المعمول بها في هذا النوع من التظاهرات الرياضية لإرشاد العدائين نحو الوجهات التي يجب عليهم اتباعها، تفاديا لكل ما من شأنه أن يدخلهم إلى دوامة من التيه، إلا أن واقع الحال بيّن أن عددا من المشاركين بالفعل هم ضلوا طريقهم، نتيجة لغياب هذه الإشارات وغياب من يُفترض فيهم أن يشرفوا على عملية التوجيه والإرشاد، وهو ماجعل عدائين كما هو الحال بالنسبة لأحد الأوكرانيين، الذي شارك لأول مرة في ماراطون بإفريقيا، وفقا لما دوّنه على حسابه الشخصي على “الفيسبوك”، يعبّر عن ندمه الشديد لاتخذه هذا القرار، وهي التدوينة التي عرفت تفاعلا كبيرا، قدّم صورة سلبية عن الدارالبيضاء؟
إلى جانب ذلك غابت المؤونة عن مسارات الماراطون مقابل حضور الماء فقط وبكميات ضئيلة لاتتوافق وأعداد المشاركين الذي يمثلون 26 دولة، علما أن هذا النوع من السباقات لايعرف حضور الماء لوحده، بل يتعيّن توفير مايصطلح عليه بـ “المقوّيات”، وهي عبارة عن فواكه طرية وأخرى جافة وتمور، من شأنها منح بعض الطاقة للعدائين الذين يقطعون هذا الكم من الكيلومترات، لكن مسؤولي شركة “كازا إيفنت” كان لهم رأي آخر، واختاروا مقاربة مختلفة تعتمد على الرفع من محنة المشاركين في هذه التظاهرة التي هي ليست رياضية فحسب بل سياحية أيضا!
إجهاض سياحي
يعتبر إنعاش المجال السياحي لهذا البلد أو ذاك، أحد الأهداف الأساسية المسطرة خلال تنظيم تظاهرات دولية كما هو الحال بالنسبة للماراطونات، حيث يحرص المنظمون حرصا شديدا على إبراز المؤهلات السياحية لبلدانهم من خلال المسارات المحددة، إذ يتم توجيه المشاركين نحو محطات بعينها، لها حضورها التاريخي العمراني وغيرهما، حتى تشكل فرصة لاكتشافها، وتكون دافعيا مغريا لكي يبرمج المعنيون زيارات للبلد، إن بشكل فردي أو جماعي مع أسرهم وأصدقائهم.
معطى لم يستحضره من أشرفوا على تنظيم ماراطون الدارالبيضاء الدولي، الذين لم يستثمروا تموقع المعلمة الدينية والتاريخية لمسجد الحسن الثاني، ولم يوقعوا على حضور معمار كولونيالي، وآخر عصري متمدن، وغيرها من التفاصيل التي يحب بها وسط مدينة الدارالبيضاء، عبر الكيلومترات التي تم قطعها، بعدما أجبر المشرفون المشاركين على ولوج الممرات تحت الأرضية، مما يجعلهم يقطعون مسافات ليست بالهيّنة داخل “أنفاق” تحجب كل رؤية عمرانية وكل جمالية يمكن تسويقها سياحيا من خلال هذا الحدث الرياضي؟
تلوث وطرقات
شكلت الأزبال والنفايات نقطة سوداء في مسار الماراطون الدولي للدارالبيضاء، التي انتشرت في العديد من النقاط التي مرّ منها المشاركون، والتي لم يكلف المنظمون أنفسهم عناء التنسيق مع الجهات المعنية لإزالتها، حتى لاتخدش جمالية الحدث، بل أنها فرضت نفسها عليهم، خلال تجمعاتهم، وفي نقطة البداية والوصول، وتعاظم الأمر لتقريب هذا التلوث من الجميع، حتى لمن لم تلمح أعينهم تلك المخلّفات، بعدما أقدم عدد من “المستخدمين” على حرق العديد من البقايا عند إحدى النقاط التي عبرها العداءون على مستوى شارع الجيش الملكي وتحديدا على مقربة من مركز البريد، مما جعل كل من مرّ من هناك يضطر لوضع يده على فمه وأنفه، في محاولة لعدم استنشاق كمّ كبير من الدخان الملوث المنبعث عن الحريق!
غياب التنسيق والإعداد الجيد كانت من بين عناوينه أيضا، عدم إغلاق مسار الماراطون، بعدما فوجئ المشاركون بأنفسهم يركضون في شوارع المدينة وسط السيارات والحافلات والدرجات النارية، مما عرضهم للخطر المفتوح على كل الاحتمالات، بعدما فشل بعض الأمنيين الذين كانوا بشكل فردي على رأس هذه المدارة أو تلك من إيقاف حركة السير، واستسلموا للضغط المروري الذي لم يأخذ بعين الاعتبار المشاركين في التظاهرة، التي كان يجهلها الكثير من المواطنين في الوقت الذي كان من المفروض اتخاذ كل التدابير لمنع مرور وسائل النقل المختلفة من محاور مسار المارطون.
ختامه فوضى
شكلت الفوضى عنوانا عريضا لماراطون الدارالبيضاء منذ البداية إلى غاية النهاية التي عرفت نفس الاختلالات، بعدما تعذر على عدد ليس بالهين من المشاركين الحصول على ميدالياتهم، في حين تحلّقت أمواج بشرية على أحد المنظمين اختار له مكانا بإحدى الأزقة لكي يسلم بشكل فردي المشاركين الميداليات في نفس اللحظة، الأمر الذي خلق صعوبات جمّة، ونجم عنه حرمان الكثيرين من ميداليتهم، وتم تسجيل الخلط بين الفئات، إذ تسلم البعض ممن شاركوا في سباق 10 كيلومترات ميدالية تخص نصف الماراطون أو المسافة الكاملة التي تحمل رقم 42، بين حُرم منها أصحابها.
اختلالات تواصل حضورها أيضا بعدما حاول عدد من المشاركين الولوج إلى موقع إلكتروني معين للوقوف على التوقيت الذي قطعوه من خلال مشاركتهم فكانت خيبتهم واسعة، إذ أكد احد المشاركين لـ “الاتحاد الاشتراكي” أنه قطع المسافة كاملة فإذا به يجد نفسه مصنفا بكونه قطع 14 كيلومترا فقط، وصّرح ثانٍ انه قطع المسافة في ظرف ساعة و 30 دقيقة، فإذا به يجد على الموقع أنه قطعها في 3 ساعات ونصف، شأنه في ذلك شأن مشارك آخر قطع المسافة في ظرف ساعة و 33 دقيقة فاكتشف أنه “قطعها” في ظرف 3 ساعات و 18 دقيقة، وغيرهم كثير ممن عاشوا واقعا واكتشفوا أخرا مغايرا للحقيقة؟
عشوائية في التدبير رافقت صورها المشاركين في هذا الموعد الرياضي ولعلّ آخر مشاهده بالنسبة للبعض،وصول بعض العدائين إلى نقطة النهاية فوجدوا أنه تم جمع كل ما له علاقة بهذه التظاهرة من منصة وغيرها، دون انتظار انتهاء المهلة المخصصة لذلك، وكأن القائمين على هذا الحدث كانوا يترقبون فقط اللحظة التي يسدلون فيها الستار على تظاهرة، قيل أنها نظمت لتشجيع الجميع على ممارسة الرياضة ولتشكل حدثا إيجابيا، فإذا بها تصبح وصمة عار على جبين العاصمة الدارالبيضاء!