تتطلع الدار البيضاء لأن تصبح مدينة ذكية، من خلال تحديث الإدارة والاعتماد على التكنولوجيا المعلوماتية. وهو مشروع، بطبيعة الحال سيدفع بالمدينة إلى الأمام، ويجعلها تتبوأ المكانة التي تستحق بين عواصم العالم
موضوع الدار البيضاء مدينة ذكية، اصبح على لسان العمدة وشركات التنمية المحلية في كل وقت وحين، و من أجله أقيم عدد من المعارض والعشرات من اللقاءات، وقد خصص مجلس المدينة جزءا من القرض الذي منحه إياها البنك الدولي لهذا الغرض من خلال إجراء الدراسات، وشراء العتاد المطلوب، واحداث البنية المستقبلة لهذا البرنامج. نصف ولاية من عمر هذا المجلس مرت لكن لم يعرف هذا البرنامج النور بعد. وقد نقيم من أجله ندوات مستقبلية، ولقاءات تنظيرية. لكن الحقيقة اننا لم نصل بعد إلى المدينة الذكية المنشودة
لعل العديد من البنيات مازالت لم تحدث بعد، ليجد الذكاء المتحدث عنه المكانة التي تليق به، منها على سبيل المثال عملية الشوير، فالدار البيضاء من دون كل المدن،هي المدينة التي لا تفهم، بوصلتها وتزيد عتمتك فيها، وأنت تحاول العبور من هذه المنطقة إلى تلك، لأن علامات التشوير شبه منعدمة، حتى ان بعض العلامات مازالت تحمل اسماء مؤسسات قديمة. ك »جماعة سيدي بليوط« بدل مقاطعة سيدي بليوط وما إلى ذلك حتى الجرد الخاص بالحواسيب، التي تحتاجها الادارات التابعة للمصالح الجماعية، مازالت في عالم الغياب. وقد انفقت عليه شركة التنمية المحلية »الدار البيضاء للخدمات« مبالغ هامة حيث كلفت شركة أخرى بإجراء الجرد ومعرفة النتائج “الحاصول الشركات خدامة والنتيجة ماخرجاتش”
وبالحديث عن الذكاء التكنولوجي. فهو موضوع ممن قرروا احداثه في الكرة الارضية ليكون خدمة طيعة لصالح البشر، ويسهل عليه عدة خدمات منها الصحية والسياحية والادارية وما إلى ذلك
ولأن المجالس المتعاقبة على تدبير شؤون البيضاويين لم يسعفهم الذكاء في تقديم اهم خدمة، وهي مراعاة حاجيات الناس البيولوجية من خلال احداث مراحيض، يقصدها الناس عند الحاجة. علما ان نسبة مرضى السكري، في تزايد كبير خاصة مع نوع الحياة التي اصبحنا نعيشها تحت الضغط، كما ان عدد الاطفال في نمو مضطرد كما هو الحال لحالات الشيخوخة
المستعمر لما غادر الدار البيضاء، ترك في ما يعرف بالاحياء الاوربية ما لايقل عن 14 مرحاضا عموميا، علما ان عدد السكان كان قليلا في تلك الحقبة. و لم يكن عد الزوار للعاصمة الاقتصادية كما هو عليه التوافد اليوم. وهي مراحيض، قد تليق حتى للسكن لانها احدثت بشكل يريح الذات. كل من توافدوا بعد الاستقلال على مقر الجماعة الحضرية لم يفكروا في بناء ولو عشة للتبول. وهذا أمرقد يطرح سؤالا واسعا حول الثقافة التي يحمل من تداول على تدبير المدينة
المواطنون، ذكاء منهم لم يكونوا ليطرحوا هذا المشكل بشكل علني، لان الحديث عن المرحاض فيه شيء من الاحراج، ولأن طبيعة الانسان العربي هي طبيعة محافظة، كان ولايزال ذكاؤه يقوده إلى حلول اخرى تصب على المدينة ودروبها وشوارعها اعتمادا على المراوغة، والالتفات يمينا وشمالا، وانتظار اختفاء الاجساد المزعجة والاتجاه نحو حائط، سواء لفندق او منزل او ادارة او غيرها. لقضاء حاجته البيولوجية الطبيعية، التي يخجل من التحدث عنها كما يخجل مدبرو المدينة من وضع خريطة مشاريع للتنفيس عن امعاء خلق الله. هكذا اذن وبفعل استراتيجية الخجل صنعنا مرحاضا كبيرا. متاحا في أي لحظة و حين إلى حين ان يستتب “السمارت سيتي” ويتذكر بأن البشر الذين سيستفيدون منه، ليس تطبيقا في الحواسيب والهواتف النقالة