العربي رياض
لأول مرة منذ تأسيسها في الولاية الجماعية التي كان يرأسها محمد ساجد، أصبحت شركات التنمية المحلية تظهر بمظهر الكائن القوي، والحال أنها مجرد آلية من آليات التدبير التي من المفروض أن تنفذ ما يقرره مجلس المدينة، ولكن بحكم ضعف الأداء الجماعي الحالي تمكنت من ربح مساحات تدبيرية وأخرى تقريرية، غير آبهة برأي لا من هم في التدبير الجماعي ولا برأي رؤساء المقاطعات، فكم من مرة اشتكى من انتخبتهم الساكنة من هذه الشركات، ونقلت هذه الشكاوى جهارا داخل دورات المجلس، لأن بعض مديري هذه الشركات يرفضون المثول أمام المجلس أو داخل اللجن لتقديم توضيحات ومعطيات حول مشروع من المشاريع أومهمة من المهام تكفلت بها شركته، حتى أن أحد رؤساء المقاطعات خلال دورة فبراير الأخيرة تمنى تدخل الملك لـ” إنقاذ ” الدارالبيضاء من هذه الشركات، وهو الأمر الذي فاجأ الحاضرين لأنه ترجم واقع الحال التدبيري بهذه المدينة والمكنون الذي لا يفصح عنه المدبرون وأعضاء المجلس إلا في الكواليس غالبا.
أعضاء من المعارضة طالبوا أكثر من مرة بتقارير حول أداء هذه الشركات خاصة أمام تأخر افتتاح المرافق التي أقفلت أبوابها في إطار البرنامج التنموي للدارالبيضاء 2015/2020، أو المشاريع التي تم إحداثها ضمن هذا البرنامج ولم تفتتح إلى حدود الآن، بل إن عددا من رؤساء المقاطعات يشتكون من عدم التشاور معهم في الأشغال الكبرى التي تنجز في نفوذ تراب مقاطعاتهم، إذ من المعلوم أن أشغالا همت جل المقاطعات منذ الولاية السابقة تجددت فيها بعض الشوارع والساحات، لكن كل هذه الأشغال لا لمسة رأي فيها لمجالس المقاطعات اللهم إلا الاتفاقات الكبرى الأولى، أما التفاصيل فالمتحكم فيها هو مدير الشركة، مثلا نوعية الأشجار التي يجب أن تغرس ونوع الكراسي ونوع التبليط وما إلى ذلك، دون دراسة أو اتفاق سابق يراعي خصوصيات المناطق والمفروض أن المقاطعات لها رأي فيه. شركة أخرى كادت أن تزهق عقول المدبرين وهي “كازا إيفنت”، فهذه الشركة تنظم مهرجانات وملتقيات فنية كبرى بأموال الجماعة، وهي لا تستشير المجلس فقط بل لا تبعث لأعضائه حتى دعوة للحضور، ثم هناك شركة أخرى باشرت بناء متحف رياضي في الطابق تحت أرضي لمركب محمد الخامس، دون توفرها على إذن المجلس بل إن جل المنتخبين ليسوا على علم بهذا المشروع. ويذهب المنتخبون في حكيهم عن هذه الشركات إلى أمثلة عديدة ومتنوعة، لكن الأهم أن جل محدثينا يؤكدون أن السبب هو ضعف المكتب المسير، الذي مازال يتخبط في مشاكل عديدة لعل أبرزها عدم صدور برنامج عمله، بعد سنة وستة أشهر من انتخابه، عكس ما يقره القانون الذي يعطي مهلة سنة على أقصى تقدير لوضع برنامج العمل، وقد سبق لرئيسة مجلس المدينة أن تعهدت بعقد دورة استثنائية خاصة بشركات التنمية المحلية وطرح كل المشاكل العالقة بينها وبين مجلسها، لكن هذه الدورة ذهبت أدراج الرياح. للعلم فإن الوالي هو من يرأس مجالس إدارة هذه الشركات، وهو الأمر الذي كان مثار نقاش طويل خلال تأسيسها إذ اعتبرت المعارضة إذاك أن هذه الشركات يجب أن تكون تابعة بشكل صريح للمجلس ووصفوا تأسيسها ذاك بـ ” عطب ” النشأة…