أعمدة ضاد24الرئيسيةفن وثقافة

حاتم إدار‮ .. ‬النفس الأمارة‮ بال‮ “‬ zzub ”

#جلال_كندالي

سقطة فنية مدوية كان من ورائها الفنان حاتم إدار الذي‮ ‬حاول في‮ ‬أغنيته الأخيرة‮ «‬بنات الدنيا‮» ‬أن‮ ‬يخلق بها مايسمى ب‮ «‬بوز‮». ‬وفعلا استطاع أن‮ ‬يلوي‮ ‬عنق الإثارة،‮ ‬لكن بشكل سلبي،‮ ‬حين اعتمد في‮ ‬تصوير الفيديو كليب على أسماء معروفة في‮ ‬مواقع التواصل الإجتماعي‮ ‬بشخصيتها المثيرة للجدل إن لم نقل المهزورة،‮ ‬وهو ما تعكسه التدوينات والتعليقات المصاحبة لسلوكيات هذين الشخصيتين‮

الأغنية،‮ ‬إن أردنا تسميتها بذلك تجاوزا،‮ ‬جعلت رواد التواصل الإجتماعي‮ ‬سواء المتتبعين من الجمهور أو الإعلاميين وحتى الفنانين المنتمين إلى نفس الحقل الإبداعي،‮ ‬يعلنون بشكل واضح سخطهم وعدم رضاهم عن هذا الإسفاف الذي‮ ‬أصبح‮ ‬يروج له باسم الأغنية المغربية‮. ‬وهو ما جعل هناك شبه إجماع على أن هذه‮ «‬القطعة‮» ‬تضرب في‮ ‬الصميم‮  ‬الصورة الجميلة التي‮ ‬حاول الرواد وأسماء من الجيل الجديد تكريسها لدى الجمهور العربي‮ . ‬لكن بقرار أرعن من حاتم إدار وكل أفراد الطاقم المشرف على هذا المنتوج الهجين تم خدش هذه الصورة والنيل من كل التراكمات التي‮ ‬حققتها الأغنية المغربية عبر أجيال وأجيال‮ ‬،من العطاء والكد والاجتهاد،‮ ‬كلمات،‮ ‬لحنا،‮ ‬توزيعا وتصويرا‮

وبعيدا عن المقاربة الشكلية المرتبطة بالذوق العام وغيره،‮ ‬و إن كانت مهمة و وأساسية فموسيقيا تقفى حاتم إدار الخطى والشكل والأسلوب الذي‮ ‬اختاره زميله في‮ ‬الحرفة أيمن السرحاني،‮ ‬رغم أن هذا الأخير اعتدى على هذا الأسلوب وسرقه من الجارة الجزائر،‮ ‬حيث شكلت فعلته فضيحة مدوية،‮ ‬بعدما بين فنانون وإعلاميون جزائريون بالدليل والبرهان هذه السرقات الفنية الجزائرية كلمات ولحنا،‮ ‬لكن رغم ذلك وعوض أن‮ ‬ينتفض الإعلام ضد هذا السلوك،‮ ‬خاصة الإعلام الرسمي‮ ‬المغربي‮ ‬وأصحاب المهرجانات ضد هذه السرقة الموصوفة،‮ ‬يحدث العكس ويتم الاحتفاء بالسرحاني‮ ‬بشكل‮ ‬غريب،‮ ‬وبذلك‮ ‬يكون الإعلام‮ ‬يحتفي‮ ‬ويشجع قيما دخيلة على مجتمعنا المغربي،‮ ‬وهو ما سار في‮ ‬طريقه حاتم إدار،‮ ‬مع العلم أن الجملة اللحنية المستعملة في‮ ‬قطعة إدار‮  ‬ليست حرفية بالمعنى المتعارف عليه لدى أهل المغنى‮ . ‬وكأن المستمع للحن‮ «‬بنات الدنيا‮» ‬يجد نفسه أمام ملحن هاو لم‮ ‬يسبق له أن تعامل في‮ ‬هذا المجال‮ . ‬وبذلك‮ ‬يكون حاتم إدار ترجم بالملموس الحكمة المغربية العميقة التي‮ ‬تقول‮ «‬مكنتعجبش اللي‮ ‬حارث السطح كنتعجب اللي‮ ‬خماس عليه‮ «.‬
أما على مستوى الكلمات،‮ ‬فلا أحد‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يستمع إليها رفقة أسرته وعائلته لما تتضمنه من كلام أقل ما‮ ‬يقال عنه إنه سوقي‮ ‬بكل ما تحمله الكلمة من معنى،‮ ‬وتعمد حاتم إدار وكاتب الكلمات وربما كل المشتركين في‮ ‬هذه‮ «‬الجريمة الفنية‮» ‬على خدمة الهدف الرئيسي،‮ ‬وهو خلق ضجة مسيئة له ولبدايته الفنية‮  «‬bad buzz‮» ‬لحصد عدد المشاهدات،‮ ‬التي‮ ‬للأسف‮ ‬يحاول البعض أن‮ ‬يجعلها المقياس الوحيد لنجاح عمل ما من عدمه‮

أما على مستوى الفيديو كليب،‮ ‬الذي‮ ‬يعتبر إبداعا موازيا للعمل الأصلي،‮ ‬ونقصد هنا الأغنية‮. ‬فقد ترجم بالملموس الفكرة التي‮ ‬انبنى عليها الهدف من الأغنية،‮ ‬من خلال الاستعانة ب»الناشط فيسبوكيا‮» ‬آدم لحلو المتحول إلى»أدومة‮»‬،‮ ‬حيث تم الاعتماد على‮» ‬شهرته‮» ‬الافتراضية،‮ ‬وكذلك الأمر بالنسبة للمراكشي‮ ‬المسمى نور الدين نيبا‮ . ‬وهذا اعتراف صريح من حاتم إدار بعجزه في‮ ‬خلق ال‮ «‬buzz‮»‬لوحده من خلال عمل فني‮ ‬يرقى إلى ما‮ ‬ينتظره الجمهور والساحة الفنية‮. ‬وهذا في‮ ‬حد ذاته‮ ‬يشكل كارثة حقيقية حول الرؤية الفنية لأي‮ ‬منتسب للحقل الفني‮

في‮ ‬حين أن الفنان حاتم إدار له خامة صوتية قليلا ما تتوفر في‮ ‬غيره،‮ ‬وذا صوت طربي‮ ‬بامتياز،‮ ‬وكان عليه أن‮ ‬يختار الأسلوب الذي‮ ‬يليق به والذي‮ ‬يلائمه،‮ ‬وألا‮ ‬ينسلخ عن بصمته الفنية التي‮ ‬من المفروض أن تشكل إضافة إيجابية للأغنية المغربية والعربية،‮ ‬إن سلك طبعا دربه الحقيقي،‮ ‬لكن للأسف اختار في‮ ‬عمله الجديد خوض‮ ‬غمار السباحة في‮ ‬فن الراي‮ ‬الذي‮ ‬يبقى بعيدا وغريبا عنه بصدق‮ ‬،بل عليه أن‮ ‬يؤمن أن صوته الطربي‮ ‬هو رأسمال حقيقي‮ ‬إن وظفه توظيفا صحيحا والابتعاد عن وهم الإثارة المجانية ووهم اللايكات الذي‮ ‬يعتقد كما آخرون بأنها هي‮ ‬المحدد في‮ ‬النجاح والشهرة والانتشار‮

ما أقدم عليه حاتم إدار أقل ما‮ ‬يمكن أن‮ ‬يقال عنه إنه عملية انتحار مصورة لصوت طربي‮ ‬يعد بالكثير‮ ‬،‮ ‬وعوض أن‮ ‬يبحث عن الكلمة الراقية واللحن الذي‮ ‬يستوعب الكلمة والإحساس معا،‮ ‬اختار ما اعتقده أنه الصواب،‮ ‬فسقط في‮ ‬المحظور وانغمس في‮ ‬الإسفاف،‮ ‬ومازال للأسف‮ ‬يدافع عن ذلك في‮ ‬تصريحاته رغم أنه لم‮ ‬يحصل هناك إجماع من قبل على رفض عمل ما‮  ‬بهذه الصورة،‮ ‬بقدر ما تم مع أغنيته،‮ ‬الشيء الذي‮ ‬اضطره إلى إيقاف التعليقات الواردة ضده في‮ ‬قناته بموقع اليوتوب،‮ ‬بحكم أنها التقت كلها في‮ ‬استهجان هذه الأغنية وكانت الانتقادات قاسية ومؤلمة‮. ‬ورغم كل ذلك فلم‮ ‬يصدر عنه أي‮ ‬ندم،‮ ‬بل العكس هو ما حصل،‮ ‬متناسيا فضيلة النقد الذاتي‮ ‬الذي‮ ‬هو أول‮  ‬خطوة من أجل التصالح مع الجمهور،‮ ‬وقبل ذلك التصالح مع النفس الأمارة بال‮ ‬buzz‮ ” ‬”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى