#أخبارالرئيسيةوطنيات

ندوة “بين ذكرى الاستقلال و المسيرة الخضراء عهد متجدد للدفاع عن الثوابت الوطنية” من تنظيم المرصد الدولي للإعلام والدبلوماسية الموازية

المصطفى بلقطيبية

احتفالا بعيد الاستقلال المجيد و ذكرى المسيرة الخضراء و تحت إشراف المديرية الإقليمية للشباب والرياضة بمديونة وبتعاون مع ادارة دار الشباب نظم المرصد الدولي للإعلام و الديبلوماسية الموازية بتنسيق مع المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمديونة ندوة علمية تحت شعار ” بين ذكرى الاستقلال و المسيرة الخضراء عهد متجدد للدفاع عن الثوابت الوطنية “ وذلك يوم الجمعة 16 نونبر 2018 بدار الشباب مديونة حيث قام بتأطير فقرات هذه الندوة الفكرية الاستاذ عبد الحق الفكاك
في البداية افتتح الندوة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم للقارء محمد بوفدام عضو بالمرصد نائب الرئيس وبعده تلقائيا النشيد الوطني المغربي

بعد ذلك أعطيت الكلمة للسيد المصطفى بلقطيبية الرئيس المؤسس للمرصد الذي رحب من جهته بجميع الحاضرين وثمن جهود كل من ساهم في السهر على تهيء هذه الندوة وقال في مداخلته :

مسيرة القرن

” لقد شكل حدث المسيرة الخضراء التي أعلن عنها جلالة المغفور له الحسن الثاني يوم 16 أكتوبر 1975 والتي هب للمشاركة فيها 350 ألف متطوع (10% منهم من النساء) حدثا بارزا ودرسا حقيقيا في النضال من اجل إحقاق الحق ومناسبة لكسب رهان البناء وتحديا لخصوم الوحدة الترابية للملكة

ولئن كانت المسيرة الخضراء حدثا فريدا من نوعه في تاريخ ملاحم الشعوب فإنها علاوة عن ذلك نظمت على أساس الشرعية الدولية بعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية بلاهاي يوم 16 أكتوبر 1975 رأيها الاستشاري الذي يؤكد وجود روابط البيعة بين مختلف القبائل الصحراوية وسلاطين المغرب مما شكل اعترافا ثابتا بشرعية الحق المغربي في استرجاع ما اغتصب من أرضه.
كما شكلت الصحراء المغربية المسترجعة لقط تحول في تاريخ المغرب وجزءا متميزا ضمن باقي أجزاء التراب الوطني لأنها كانت وستظل بوابته إلى إفريقيا ومجالا جغرافيا شديد التأثير في حضارته حيث تمكن المغرب عبرها من نشر الدين الإسلامي الحنيف إلى العديد من المناطق جنوب الصحراء

ولم تتوقف المسيرة الخضراء عند استرجاع المغرب لأقاليمه الصحراوية بل كانت ملحمة متواصلة ومترابطة قوامها البناء والإنماء ومرحلة متقدمة في عملية الجهاد الاكبر الذي سبق أن رفعه المغرب كتحد مستقبلي. فقد كان حدث المسيرة الخضراء إيذانا بتحول عميق وطفرة حقيقية في تاريخ وحياة سكان هذه الأقاليم التي كانت لفترة من الزمن محرومة من كل مقومات التنمية.
وجاءت مسيرة البناء لتشكل منعطفا جديدا ضمن التحديات الكبرى التي اعتاد المغرب على رفعها خاصة وأنها كانت بإجماع الشعب المغربي بكل مكوناته على خوض رهان الوحدة الترابية وتجنيد الطاقات الوطنية على مختلف الأصعدة لقطع الطريق على خصوم الوحدة الترابية للمملكة

ولا يجد المتتبع للمنجزات التي تحققت في الأقاليم الجنوبية بدا من أن يسجل بفخر واعتزاز القفزات النوعية التي تحققت في شتى المجالات من اجل تحقيق الرخاء المنشود لأبناء هذه المنطقة أسوة بمواطنيهم في الشمال وليتأكد من أن المنجزات التي شملت كافة الأصعدة من اقتصادية وثقافية وعمرانية وخدمات اجتماعية ما هي إلا دليل آخر على مواصلة ملحمة الجهاد الأكبر.
لقد كان الإعلان عن نهج سياسة جهوية في الأقاليم الصحراوي إيذانا بتحول عميق باعتبارها رافدا من روافد الديمقراطية المحلية ومرتكزا محوريا لرؤية متكاملة لتدبير الشؤون المحلية

فقد تم تكريس هذا المنحى في الخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة المغفور له الحسن الثاني يوم سادس نونبر 1994 من خلال الإعلان عن “مسيرة الجهات” باعتبار الجهة “مجالا متميزا تتبلور فيه بتكامل وتناسق أولويات الاقتصاد الوطني في قطاعيه العام والخاص لتحقيق وتهيئة رشيد للتراب الوطني”

ويظهر جليا أن الثورة التنموية التي شهدتها الأقاليم الصحراوية في مختلف القطاعات تؤهلها لأن تشكل نموذجا رائدا على مستوى التجارب الجهوية باعتبار أن الجهوية كمفهوم وممارسة تنطلق في إطار الخصوصية لتكون شكلا متقدما من أشكال الديمقراطية المحلية ومحركا أساسيا لدعم المسار التنموي حتى يكون هذا الجزء من الوطن فضلا عن اختزاله لمعاني التضحية والصمود نبراسا ومثالا يحتدى به لباقي الجهات على مستوى تدبير الشؤون والمحلية وكسب رهان النماء.
ومما يبرز الأهمية التي يوليها جلالة الملك محمد السادس للأقاليم الجنوبية إعطاء جلالته تعليماته السامية بإنشاء لجنة ملكية لمتابعة الشؤون الصحراوية يوم 23 شتنبر 1999 وترأس جلالته في 25 أكتوبر من السنة ذاتها اجتماعا لهذه اللجنة حيث أمر جلالته بتخصيص غلاف مالي لمعالجة مشاكل البطالة في الأقاليم الجنوبية وحل مشكلة النقل التي يعاني منها الطلبة المنحدرون من هذه الأقاليم

كما أعطى جلالة الملك أوامره السامية بتفعيل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية وذلك بتنظيم انتخاب أعضائه بكل شفافية ونزاهة ليمثل أعضاءه في اللجنة الملكية لمتابعة الشؤون الصحراوية. كما أمر بإيلاء أهمية كبرى لقضايا السكن في الأقاليم الجنوبية

ويواصل المغرب من جهة أخرى مسيرته على المستوى الديبلوماسي لتأكيد مغربية الصحراء والتصدي لأطماع الخصوم الذين يتمادون في محاولاتهم الرامية إلى عرقلة تطبيق مخطط التسوية الأممي وخلق المزيد من المناورات من أجل محاولة الخروج من العزلة الدولية التي تصاعدت وتيرتها في السنين الأخير وذلك من خلال مسلسل سحب الاعتراف بالجمهورية الوهمية من قبل عدد هام من الدول التي لها وزنها على الساحة الدولية كما هو الشأن على سبيل المثال لا الحصر بالنسبة للهند وعودة المئات من الصحراويين المغرر بهم والمحتجزين بمخيمات لحمادة إلى أرض الوطن استجابة للنداء الملكي “إن الوطن غفور رحيم”.
وتبقى المسيرة الخضراء بدون شك، يقول رئيس المرصد ، أهم حدث عرفه القرن العشرين ومحطة تاريخية متميزة والتجسيد الأمثل لإرادة الشعب المغربي بكل مكوناته حيث إنها كانت فرصة أخرى التحمت فيها القمة والقاعدة قلبا وقالبا لكتابة صفحة جديدة من تاريخ المغرب المعاصر

من الجهاد الاصغر الى الجهاد الأكبر

وجاء في مداخلة الاستاذ ابراهيم عن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمديونة، على أن المغرب شهد منذ سريان مفعول نظام الحماية واقتسام النفوذ رسميا بين فرنسا وإسبانيا سنة 1912، سلسلة أحداث متعلقة بمقاومة هذا النظام صنفت تقليديا في ثلاثة أشكال للكفاح الوطني:
المقاومة المسلحة بقيادة مجموعة من الزعامات القبلية، والحركة الوطنية بقيادة نخبة مدنية بالأساس، وحركة المقاومة وجيش التحرير بقيادة مجموعة من ذوي الأصول الاجتماعية المتواضعة، أو العديمة الدخل.
إن ما يطغى على العينة الأولى هو أنها استمرار وتشديد للمقاومة التي أبداها المغاربة ضد التسرب الأوروبي قبل الحماية.
فحركة موحى أوحمو الزياني بالأطلس المتوسط، وعسو باسلام وزايد أوسكونتي بالأطلس الصغير، ومحمد بن عبد الكريم الخطابي في الريف، كانت محاولات انتهت بتشديد الحمايتين قبضتهما على المغرب. إنها المقاومة المحكومة بالوازع البطولي أو الملحمي، مقاومة يتداخل فيها الجهاد بالدفاع عن الشرف والعرض وتحصين المجال القبلي من الدخيل الكافر، الذي لا يدين بالديانة نفسها

أما الحركة الوطنية فقد كانت بقيادة نخبة جديدة، يطغى على تركيبتها عند انطلاقتها الحضور الطلابي، يتحدر أغلبها من الحواضر التقليدية التي احتكر المتحدرون منها الوظائف المخزنية: الرباط، وسلا، وفاس.
كانت هذه النخبة الجديدة تحت تأثير مزدوج: التأثير الشرقي، الذي برز بشكل لافت في خطابها حول الهوية والانتماء الحضاري للمغرب. والتأثير الفرنسي الذي برز في الأشكال التنظيمية لعملها الوطني، أي التنظيم الحزبي والتنظيم النقابي، وأحيانا الجمعيات والنوادي

وتدرج عمل هذه النخبة عبر محطات انطلقت بعرائض صيف 1930 الاحتجاجية على الظهير البربري الموقعة من طرف فئة واسعة من نخبة الحواضر المذكورة سابقا، مرورا بتأسيس كتلة العمل الوطني كتنظيم جامع للمنخرطين في العمل السياسي الوطني الناشئ، وتقديم مطالب الشعب المغربي في خريف 1934، ثم تقديم المطالب المستعجلة في خريف 1936، وأحداث 1937 التي انتهت بتعريض مجموعة من الأطر القائدة للعمل الوطني إلى النفي، ثم تأسيس حزب الاستقلال في 10 دجنبر 1943، وتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، وأحداث 29 يناير 1944، و7 أبريل 1947، وأحداث 7 و 8 دجنبر 1952 ، ثم 20 غشت 1953 يوم منفى السلطان سيدي محمد بن يوسف والأسرة الملكية. ومحادثات إيكس ليبان في الأسبوع الأخير من شهر غشت 1955، وانتهاء بتشكيل حكومة البكاي في 7 دجنبر 1955

وكانت حركة المقاومة وجيش التحرير تنظيمات تطوعية لمجموعة من الشباب والكهول يتحدر أغلبهم من البوادي، والمدن الصغرى، والأحياء الفقيرة، نشطت بشكل أساسي بين خريف 1953 وربيع 1956

وما يميز الحركات الثلاث عن بعضها هو موقفها من نظام الحماية، وعلاقتها بهذا النظام

لقد انبنت علاقة المقاومة المسلحة- ماعدا محمد بن عبد الكريم الخطابي- بالحماية على القطيعة المسبقة، فلم تكن هناك علاقة أو اتصال بين تلك الحركات ونظام الحماية قبل الاحتكاك المسلح بينهما. لقد بنى كل من موحى أو حمو الزياني، وعسو باسلام، وزايد اسكونتي مواقفهم على نفي نظام الحماية والدخول معه في مواجهة مسلحة، من أجل محاربة توغله في مناطق انتمائها ونفوذها، وواصل الزياني المواجهة إلى غاية وفاته دون توافق مع هذا النظام، أما عسو باسلام، وزايد أسكونتي فانتهيا، بعد الهزيمة التي لحقت بكل منهما، بالتطبيع مع هذا النظام والقبول بنفوذه على مناطق نفوذهم السابقة.
وانبنت علاقة الحركة الوطنية بالحماية على الاعتراف التلقائي للأولى بالثانية، بينما كان الهاجس هو حصول الحركة الوطنية على اعتراف الحماية بها

أما حركة المقاومة وجيش التحرير، التي ترعرع أغلب الفاعلين في صفوفها وسط مجتمع خاضع لنظام الحماية منذ عقود، فقد بنت موقفها على رؤية استئصالية لهذا النظام، وحملت مطلبا مزدوجا: عودة السلطان سيدي محمد بن يوسف كرغبة نقيضة لما كان يسعى إليه نظام الحماية، واستقلال المغرب

كان ظهور هذه الحركة في مدة قصيرة وبروزها عبر العمل المسلح كطرف داخل أسرة الكفاح الوطني المغربي خلال السنتين الأخيرتين من عهد الحماية بمثابة عامل حاسم في الاعتراف بها وبقوة تأثيرها، مما ساعد على اعتبار وجودها، والتعجيل بالمسلسل السياسي لحل الأزمة الفرنسية المغربية في صيف 1955، عبر محادثات إيكس ليبان، التي لم يجر فيها الإعلان عن استقلال المغرب وطبيعة العلاقات الفرنسية المغربية، ثم عبر عودة السلطان سيدي محمد بن يوسف من المنفى إلى مدينة باريس وإجراء محادثات بسان كلو بين السلطان المذكور ووزير الشؤون الخارجية الفرنسي، انطون بيناي، توجت بتصريح 6 نونبر 1955

لم يجر الاتفاق على استقلال المغرب وتحديد طبيعة العلاقات الفرنسية المغربية في محادثات إيكس ليبان كما يعتقد البعض، بل إن ذلك لم يجر إلا في 2 مارس 1956، من خلال التصريح الفرنسي المغربي المشترك، الذي توج مفاوضات الوفد المغربي برئاسة البكاي مع الوفد الفرنسي، برئاسة وزير الشؤون الخارجية الفرنسي

ولم يجر استكمال هذا المسلسل إلا بالاتفاقية المغربية الفرنسية الموقعة من طرف أحمد بلافريج وزير الشؤون الخارجية المغربي، ونظيره الفرنسي كريستيان بينو

لهذا ينبغي اعتبار، يوم 18 نونبر 1955، يوم خطاب عيد العرش، الذي أعلن فيه السلطان سيدي محمد بن يوسف على أن المغرب مقبل على نظام جديد وإطار جديد لعلاقاته الخارجية، يوم الاستقلال الفعلي. أما الاستقلال الرسمي، فلم يقع الإعلان عنه إلا في 2 مارس 1956، على هامش مفاوضات باريس

ولم يكن انتهاء عهد الحجر والحماية إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر الاقتصادي والاجتماعي لبناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال. وفي هذا المضمار، كان انطلاق عمليات جيش التحرير بأقاليمنا الجنوبية سنة 1956 لاستكمال الاستقلال الوطني وتحرير الأجزاء المحتلة من التراب الوطني، واستمرت مسيرة التحرير بقيادة بطل التحريـر والاستقلال والمقاوم الأول جلالة له المغفـور محمد الخامس، رضوان الله عليه، بعزم قوي وإرادة صلبة ليتحقق استرجاع إقليم طرفاية في 15 أبريل 1958

وواصل المغرب في عهد جلالـة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، ملاحمها النضالية حيث تم استرجاع مدينة سيدي افني يوم 30 يونيو 1969، وتكللت بالمسيرة التاريخية الكبرى، مسيرة فتح الغراء في 6 نونبر 1975 التي جسدت عبقرية الملك الموحد الذي استطاع بأسلوب حضاري سلمي فريد يصدر عن قوة الإيمان بالحق وبعدالـة القضية الوطنية، استرجاع الأقاليـم الجنوبية، وكان النصر حليف المغاربة، وارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976، إيذانـا بانتهـاء فترة الاحتـلال والوجود الأجنبي بربوع الصحراء المغربية وتلاها استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979

وتواصلت ملحمة صيانة الوحدة الترابية، بكل إيمان وعزم وإصرار لإحباط مناورات خصوم الوحدة الترابية، وها هو المغرب اليوم، بقيادة عاهله باعث النهضة المغربية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، يقف صامدا في الدفاع عن حقوقه المشروعة، مبرزا بإجماعه التام استماتته في صيانة وحدته الثابتة، ومؤكدا للعالم أجمع من خلال مواقفه الحكيمة والمتبصرة إرادته القوية وتجنده التام دفاعا عن مغربية صحرائه، ومبادرته الجادة لإنهاء كل أسباب النزاع المفتعل، وسعيه إلى تقوية أواصر الإخاء بالمنطقة المغاربية خدمة لشعوبها وتعزيزا لاتحادها واستشرافا لآفاق مستقبلها المنشود

الاتفاق الثلاثي بمدريد

واستهل الدكتور سعيد هبال المدير الاقليمي لوزارة الشباب والرياضة بعمالتي مقاطعات ابن مسيك ومولاي رشيد كلمته محاولا ابراز أهمية المسيرة الخضراء التي تعد حدثا تاريخيا من نوع استثنائي فريد ..فائلا بأن المسيرة الخضراء السلمية العزلاء ، كانت إذن مسيرة قوية ، لأن إرادة الشعب المغربي في كل مكان من المغرب عقدت عزمها على أن تنتصر مهما كانت التضحيات والتكاليف والجهود ، لقد كانت المسيرة المذكورة نقطة تحول في قضية الصحراء ، وكل ما تلاها من إجراءات ومبادرات وأحداث إنما يكون نتيجة حتمية لها ، فلولاها لما تنازلت إسبانيا عن موقفها العنيد الذي دافعت عنه بجميع الوسائل عشرين سنة ، مؤكدة دون خجل أن الصحراء جزء من ترابها ، ولأنه كيفما كان الأمر لا حق للمغرب في المطالبة بها. ولولا تلك المسيرة لما أصدر مجلس الأمن توصياته الثلاث التي أهابت بأطراف النزاع إلى اللجوء إلى المفاوضة التي تفرضها المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة ، ولولاها لما أرغمت إسبانيا على إبرام الاتفاق الثلاثي بمدريد الذي جعل حدا لوجود إسبانيا بالصحراء والذي اعترف صراحة بحق المغرب ، ولولاها لما أمكن للجماعة الصحراوية أن تتوفر على حق تقرير مصير الإقليم ، وأن تصادق على رجوعه إلى الوطن الأب.
ألف سؤال وسؤال قد يتبادر إلى الذهن بخصوص المسيرة الخضراء بالنسبة للأجيال التي لم يكتب لها معايشة هذا الحدث العظيم ، لماذا قرّر جلالة الملك تنظيم المسيرة الخضراء لاسترجاع الصحراء المغربية؟ كيف اتخذ هذا القرار الذي اعتبره قرار العمر؟ ولماذا أحيطت هذه المبادرة الملكية بجدار سميك من السرية والكتمان؟ من سهر على إعداد خطتها الأمنية والتنظيمية واللوجيستيكية والاجتماعية وضمان نجاعتها و فعاليتها؟

هذه أسئلة وأخرى شغلت بال الكثيرين سيما وأن المسيرة الخضراء لفتت انتباه الجميع، عموم الناس والمتتبعين والباحثين في جملة من الاختصاصات

منذ صيف 1975 تدهورت الأوضاع بالصحراء وبلغ هذا التدهور حدة تطلبت إيجاد مخرج عاجل ، فبعد صدور رأي محكمة العدل الدولية انطلقت المسيرة الخضراء، التي كان الغرض منها الضغط على إسبانيا من أجل جرها للمفاوضات بنية التوصل إلى اتفاق في صالح المغرب. ومنذ الإعلان عن انطلاق المسيرة الخضراء أعلن عن بداية المفاوضات التي آلت إلى اتفاقية مدريد في 14 نونبر 1975

فلم يكن قد دار ببال المغاربة أن جلالة الملك الراحل الحسن الثاني الذي حكم المغرب ما يزيد عن ثلاثة عقود ونصف، قد تخالجه فكرة التنحي عن حكم المغرب اذا ما فشلت المسيرة في هدفها، من كان يظن أن هذا الملك العظيم قد يترك فكرة من هذا النوع تحتل تفكير جلالته لحظة، لتصبح شغله الشاغل آنذاك، خاصة وأنه سعى بكل الوسائل إلى تثبيت دعائم الحكم بمملكة العلويين و تجديث المغرب و حسب الكاتب “موريس باربيي” صاحب كتاب “نزاع الصحراء”، فقد كلفت المسيرة الخضراء زهاء 300 مليون دولار، أي ما يقارب 3 ملايير درهم (300 مليار سنتيم) تمّ توفيرها بواسطة اكتتاب وطني ومساعدة خارجية آتية أساسا من المملكة العربية السعودية

لقد تحمل المغاربة جزءا كبيرا من هذا المبلغ بواسطة اكتتاب وطني نادى به جلالة الملك الراحل الحسن الثاني، وقد أخذ في واقع الأمر شكل “ضريبة” طبقت على الأشخاص المعنويين (الشركات) والأشخاص الذاتيين، تقمصت شكل اقتراض ضخ أكثر من 108 مليار في خزينة الدولة في أقل من 3 أشهر

وأخيرا اشير هنا على اننا علينا بمسيرة جديدة اخرى وهي مسيرة التضامن الاجتماعي لتحقيق العيش الكريم والاستجابة لانتظارات المواطنين حتى يحسوا أن هناك مجتمع يفكر فيهم وفي حقوقهم وان نفكر بطريقة جماعية لا بطريقة فردية ليكون هناك تجاوب وتفاؤل

وبعد ذلك وزعت الشواهد التقديرية على جميع المشاركين في هذه الندوة الفكرية واختتم الحفل ببرقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده وحفل شيء على شرف جميع الحاضرين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى