جهاتجهة الدارالبيضاء سطات

طلبة جامعيون يحتفون بشعبة التاريخ وبتراث الدارالبيضاء

جمال بوالحق

خصّصت شعبة التاريخ والحضارة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالدارالبيضاء يوم الخميس 4 أبريل الجاري كزمن للاحتفاء بهذه الشعبة، وتخصيص هذا اليوم كمناسبة سنوية لإبراز التكوين الذي يقوم به أساتذة التاريخ، ومعرفة آخر المستجدات المرتبطة بالبحث العلمي التاريخي، الذي يقوم به الطلبة المرشحون لنيل شهادة الدكتوراه

واستهلت فعاليات هذا الحفل الذي حمل شعار “لنحتفل بالتراث le patrimoine en fête” بكلمة عميد الكلية الدكتور (عبد القادر كنكاي) التي رحّب فيها بالحضور،وهنأهم بهذا الاحتفاء،ونوّه بأساتذة شعبة التاريخ داعيا الطلبة إلى الاستفادة منهم كلّما أمكن، والنهل من معينهم الفكري والثقافي التاريخي،الذي يزخرون به، مؤكدا في ذات السياق على أهمية التكوين التاريخي، كتكوين جوهري ليس فقط بالنسبة لطلبة الشعبة، ولكن أيضا بالنسبة لطلبة مختلف الشعب، الذين يجب أن يحظوا بمعرفة تاريخية مقبولة، تمكنهم من الوعي بتاريخهم المتنوع

وفي إطار أهمية الموروث الثقافي والحضاري كقاطرة للتنمية، تقدم العديد من الطلبة بمسلك الإجازة المهنية، المندرجة في إطار التراث والسياحة، بعدة مداخلات وبلغات مختلفة منها العربية والأمازيغية والانجليزية والفرنسية والاسبانية، أبرزوا من خلالها على أهمية التراث كأولى الأولويات، وأهمية الوعي به والحفاظ عليه والحرص على تكريسه كهوية لا غنى عنها

وبعد ذلك، منحت الفرصة للطلبة الباحثين في مسلك الدكتوراه بكلية آداب بنمسيك ممّن ينشطون بمختبر المغرب والعوالم الخارجية واستثمار المكون التراثي للجهة، لتقديم صورة ملخصة حول أهم المحاور، التي سيتطرقون إليها في بحثهم النهائي بسلك الدكتوراه

انطلقت أشغال هذه البحوث ببحث للطالبة “فاطمة إيزيم” الذي يتمحور موضوعه حول الخدمات الصحية الفرنسية بالدارالبيضاء في فترة الحماية، تحدثت فيه عن التاريخ الصحي بالدارالبيضاء وتطور السياسة الصحية بالمدينة، ودور الطب والطبيب في السياسة الاستعمارية الفرنسية ،وأماكن تمركز العديد من المؤسسات الصحية بالدارالبيضاء

أمّا موضوع البحث الثاني عن نفس المسلك، فقد كان حول موضوع التراث البحري بجهة الدارالبيضاء، تحدث فيه الطالب الباحث عن مميزات الجهة البحرية، وخصّص بحثه للنبش في ذاكرة التراث البحري والساحلي لجهة الدارالبيضاء، وتتبع الروابط والعلاقات التاريخية التي جمعت مغاربة هذه المنطقة بالبحر، و اختتم محاور بحثه بمحور يؤكد من خلاله على أهمية وضع مشاريع ومخططات تهيئة، تتلاءم مع ما تزخر به الجهة من تراث طبيعي

أمّا الطالب الباحث مصطفى الزعيم فقد اختار هو أيضا البحر، لكن من خلال الصيد البحري بالمغرب في زمن الحماية الفرنسية، تحدث فيه عن عوامل اختياره لهذا الموضوع، والتي حدّدها في كونه، يندرج ضمن إطار التاريخ الاقتصادي وأيضا بسبب قلة الأبحاث والدراسات حول التاريخ البحري بالمغرب، وكذلك بسبب مرحلة الحماية التي تعتبر حقبة أساسية في تاريخ المغرب المعاصر

أمّا ابتسام لبهيج فقد اختارت التأثيرات الأجنبية على السكن في زمن الحماية الفرنسية “الدرالبيضاء والرباط نموذجا” مؤكدة على أن أهمية الموضوع، تكمن في كون البنايات تعتبر من أهم مظاهر الحضارة، متسائلة عن الإجراءات المعتمدة للحفاظ على أصالة البناء؟؟ وتعمقت في بحثها من أجل معرفة مجمل التفاصيل المرتبطة بالبناء، على مستوى معرفة المواد المستعملة في البناء، والمدن التي كانت تجلب منها مواد البناء، والوسائل المعتمدة في نقل مواد البناء والتأثيرات الأجنبية على الشكل المعماري للسكن

وفي نفس السياق دائما استعرض أحد الطلبة الباحثين موضوعا خصّصه للتراث المعماري بجهة الدارالبيضاء سطات، مُرجعا أسباب اختياره لهذا الموضوع، في كثرة المعالم التراثية في المنطقة والمساهمة في البحث التاريخي في هذا الجانب؛ بهدف معرفة كيف ساهمت المقومات المجالية في تكوين هذا التراث لنفض الغبار عن بعض المعالم التاريخية، وتثمين التراث، وجعله منعشا تنمويا، وجسرا اقتصاديا والمساهمة في توعية المسؤولين والسكان في حفظ الذاكرة التاريخية الوطنية

آخر البحوث المقدمة كان بحثا متعلقا بالحلي في موريطانيا الطنجية في مغرب الحقبة الرومانية، من إنجاز الطالبة الباحثة في مسلك الدكتوراه فاطمة العدام، خصصته للحديث عن أصول الحلي المغربية وأماكن صناعتها وكشف التمثلات النفسية والاجتماعية التي واكبتها . ووزعت موضوعها حول عدة محاور منها ملامح الحلي الموري قبيل الاستيطان الروماني والحلي المريطانية الطنجية- دراسة انتروبولوجية، وصناعة الحلي والتجارة المعدنية بموريطانيا الطنجية

وبعد ذلك كان الحضور على موعد مع عرض فيلم وثائقي قصير حول الدارالبيضاء في فترة الحماية من إخراج Jean Vidal 1952م يروي قصة ميناء ومدينة الدارالبيضاء في تلك الفترة من الزمن المغربي

وبعد فترة استراحة قصيرة كان الحضور على موعد مع رسومات حائطية أبرز فيها مبدعوها الأستاذان عبد الكريم العروسي ومصطفى نادي وآخرون أهم المعالم التاريخية التي تميز الدارالبيضاء سواء في الماضي أو الحاضر

واعتبرت ليلى مزيان رئيسة شعبة التاريخ بكلية الآداب بنمسيك، على أن هذا الاحتفاء يندرج في إطار تخصيص يوم لمنتدى طلبة التاريخ؛ من أجل التعريف بمادتهم وتراثهم، مؤكدة على أنّنا نعيش في مدينة تزخر بتراث تاريخي غني جدا . واخترنا هذا اليوم للتعريف بالتكوينات في مجال التاريخ بهذه الكلية وكذلك بالجوانب المرتبطة بالبحث العلمي، في ظل وجود طلبة باحثين، يشتغلون على الجانب التراثي في إطار مختبر المغرب والعالم الخارجي

وهذا اليوم – تضيف الأستاذة مزيان- هو مناسبة للتعريف بمواهب وتكوينات طلبتنا والتعريف بتراثنا الذي وقفنا عليه عن قرب، من خلال تراث جهة الدارالبيضاء عبر فيلم وثائقي يؤرخ لهذه المنطقة في فترة خمسينيات القرن الماضي، عاينا من خلاله تطور هذه المدينة، التي ليست كباقي المدن، من خلال مينائها وتطور عمرانها وحضارتها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى